مؤمن سلام
هناك من يرى أن طريقه للشهرة واستمرار تسليط الأضواء عليه يكون من خلال الفرقعات الإعلامية باستخدام لغة شعبوية مغلفة بغلاف تاريخي يحسبه الجاهل علماً حتى إذا أتاه لم يجده شيئاً.
 
أحدث هذه الفرقعات من أحد مثقفي السلطة كانت عن اللغة القبطية، بالقول أنها أحد تطورات اللغة المصرية القديمة، وهذا صحيح، ولكن التدليس والفرقعة هنا أن تقول انها لغة مصرية وليست قبطية، مع الإحاء ان كلمة قبطي تعني مسيحي، وأن اللغة القبطية تعني اللغة المسيحية، وبالتالي لا يوجد شيء أسمه اللغة القبطية.
 
وهنا يأتي السؤال ما الفرق بين أن تقول قبطي وأن تقول مصري؟ الحقيقة أن أى إنسان متوسط الثقافة يعرف أن قبطي تعني مصري ولا تعني مسيحي، فكلنا أقباط سواء كنا مسلمين أو مسيحيين أو لادينيين أو بهائيين أو من أى عقيدة كانت.
 
فكل سكان مصر أقباط، وحصر اسم أقباط في المصريين المسيحيين انما جاء متأخراً على سبيل اطلاق العام على الخاص، ومع تنامي شعور المسلمين المصريين بالانتماء للدين قبل الوطن فنسبوا نفسهم للدين قبل الوطن واصبحوا يستخدموا الإسم الذي أطلقته العربية لغة الإسلام على وطنهم، بدلا من الإسم القبطي.
 
لكن هل معنى ذلك أن اسم اللغة القبطية هو اسم شعبي وليس علمي وأن الصحيح علمياً أن نقول اللغة المصرية ولا نقول اللغة القبطية حتى نكون علميين ومثقفيين وعميقيين، نشرب القهوة وندخن السجائر ونسمع فيروز؟
 
يُجيب على هذا السؤال الموسوعة البريطانية (أول تعليق) بقولها
 
اللغة القبطية:
لغة أفرو-أسيوية، كانت مستخدمة في مصر حوالي القرن الثاني الميلادي، وتُمثل المرحلة الأخيرة من تطور اللغة المصرية القديمة.
 
وعلى عكس المرحلة المبكرة للغة المصرية، التي استخدمت الكتابة الهيروغليفية، أو الخط الهيراطيقي أو الخط الديموطيقي، كانت القبطية تُكتب بالحروف اليونانية، مع إستكمالها بسبع حروف مأخوذة من الكتابة الديموطيقية. كما استبدلت القبطية أيضاً المصطلحات والتعبيرات الدينية لمصر القديمة بكلمات مأخوذة من اليونانية. 
 
 
إذاً القبطية هى اسم علمي لأخر مراحل اللغة المصرية القديمة، وهى مصطلح علمي للتعبير عن هذه المرحلة، وإذا اردنا التخلي عن هذا المصطلح العلمي سيكون علينا القول "المرحلة الأخيرة من اللغة المصرية"، لأن القول بأنها اللغة المصرية سيكون تعبير غير دقيق عن هذه المرحلة الأخيرة من لغتنا المصرية.
 
لهذا أقول دائماً أن أفة حارتنا نخبتها، هذه النخبة التي لا تهتم بتنوير وتحرير العقل المصري بقدر ما تهتم بمصالحها الشخصية المادية والإجتماعية والسياسية، نُخب بدلاً من أن تهتم بمحاربة الخرافة تعمل على ترسيخها، نخبة تُرسخ الطائفية بدلاً من محاربتها، تُرسخ للعبودية بدلاً من الحرية.
 
ومازال البعض يسأل لماذا فشل التنوير المصري، الحقيقة أنه لم يكن هناك تنوير مصري ولكن تغييب عقلي يقوم به مثقفي السلطة.