بقلم – روماني صبري 
 
أصاب الأمريكي ستانلي مارتن ليبر، الشهير بـ"ستان لي"، شهرة ونجاحا كبيران جدا في مجال تحرير القصص المصورة، ولم يقتصر الأمر على ذلك، فقد كان ممثلا ومذيع تلفزيوني ومدبلج، والرئيس والمدير السابق لمارفل كومكس، كان الناشر والمدير في شركة القصص المصورة، وعلى يديه استحالت من شركة نشر إلى شركة كبرى تعمل بمجالات مختلفة، عمل مع كثير من الكتاب منهم : ستيف ديتكو، جاك كيربي، شقيقه الأصغر لاري ليبر، لابتكار شخصيات خارقة مثل : الرجل الأخضر، ثور، الرجل الحديدي، الرجل العنكبوت، الرجال اكس، توج بجائزة "ايسنر" وهي جائزة يحصل عليها كتاب القصص المصورة الأمريكية، كما حصل على الميدالية الوطنية للفنون عام 2008.
 
لا تدع الحمقى يقنعونك بترك أفكارك  
يقول لي الذي غيبه الموت في 12 نوفمبر عام 2008 على اثر فشل قلبي حاد، ان ابتكاره شخصية " الرجل العنكبوت"، ورآها قصة حقيقية أحب أن يرويها للجميع، حتى لا يسمحون للحمقى بإقناعهم بترك أفكارهم التي ربما تكون عبقرية وتحقق لهم الشهرة والنجاح، كانت القصة قصته لكنه غم ذلك كان يصعب عليه تصديقها في كثير من الأحيان، ومرد ذلك يرويه الرجل بلسانه في لقاء تلفزيوني، فعندما انتهى من "اكس مان"، التقى رئيس التحرير، واختصه الرجل قائلا :" عليك ابتكار شخصية جديدة لرجل خارق، فوافق على الفور، وحين ذهب إلى منزله شرع يبتكر الشخصية.
 
ذبابة السبب 
كان ذلك عام 1962، ولان الرجل أحب عمله، فكر في تقديم شخصية خارقة تكون مختلفة، فقال أن أكثر ما يلفت النظر في الأبطال الخارقين هي قوتهم الخارقة، وعند اختيار سبب قوتهم يصبح كل شيء في الشخصية  سهلا، فظل يفكر ما هي القوة الخارقة التي وجب عليه أن يمنحها للشخصية الجديدة، فإذا به يبصر ذبابة تتسلق احد جدران شقته، فقال في نفسه :" ماذا لو كان البطل الخارق، يمكنه الالتصاق والتسلق على الجدران، حقا لكم هذا سيكون ملائما، حسنا هذه الشخصية جديدة كل ما علي الآن تسميتها، فومضت رأسه بأسماء منها : الرجل الطائر، رجل البعوض، حتى استقر على اسم "الرجل العنكبوت." 
            
رأى لي الاسم جذابا، فقال :" اسم جيد الآن ابتكرت بطلي الخارق، الذي يمتلك قوة تميزه واسما جذابا، وللتسلية قلت لتعاني شخصيته بعض المشاكل، حتى لا تكون حياته مثالية، ومرد ذلك إلى أن غالبية البشر يعانون مشاكل حياتية شخصية، أردت أن يشبههم، ومن هنا قررت أن تكون الشخصية لمراهق، فمن ابتكر شخصية خارقة لمراهق قبل ذلك ؟!، في الحقيقة لا أحد.
الصدمة 
تمسك لي بكل هذا ورآه سيضيف للشخصية الكثير من المميزات، إلى جانب قرب الشخصية من البشر، انتهى الرجل وراح يركض صوب مكتب رئيس تحرير المجلة، ولكن لا تأتي الرياح بما تشتهي السفن، حيث قال له :" ستان ... شخصية الرجل العنكبوت، أسوأ فكرة  سمعتها منذ عملت بالمجال، راح المدير بعدها يعطيه ملاحظاته، وبحسب لي، كان الرجل منطقي ويتصرف بحكمة، قال له :" البشر يبغضون العناكب، لذلك من سيحب بطل خارق ينادونه بالرجل العنكبوت؟ّ!، أهذا من تريد جعله مراهق، وأنت تدري أن المراهق في قصص الأبطال الخارقين يكون مساعدا، كذلك تريد البطل يعاني مشاكل حياتية، ستان الست تعلم كل العلم ان الأبطال الخارقين  لا يعانون أي مشاكل حياتية ؟!.
 
حل لنسيان الشخصية 
عرف الرجل الإحباط، خرج من المكتب مهزوما وقرر نسيان فكرة الرجل العنكبوت، لكنه فشل، في ذلك الوقت كان لديهم مجلة اسمها "الخيال المذهل"، اقتربت من الإغلاق التام  لفشلها في المبيعات، ففكر بان تكون الطبعة الأخيرة منها لشخصية " الرجل العنكبوت"، حتى يزيل الشخصية من عقله، فمن سيهتم بالقصة الأخيرة كون المجلة منتهية، وبالفعل وضع الشخصية على الغلاف.
انتصرت الشخصية 
بعد مرور شهر، أخذت الإرباح تتكشف، وذات يوما ركض رئيس التحرير إلى مكتب لي، وحين وصل قال له :" ستان .. ستان، هل تتذكر الشخصية التي أبدينا رضانا عنها بشكل كبير، اسمها الرجل العنكبوت، نعم هي قد أصابت نجاحا عظيما، فعاد الناس يشترون المجلة، هيا يا رجل هذه الشخصية تستحق سلسلة، هيا تعال معي لنقم بذلك، وهي الشخصية التي تسابق عليها منتجي السينما فيما بعد، وحققت أفلامها إيرادات ضخمة.
 
ويشدد لي :"  أخبرتكم بهذه القصة، حتى إذا ومضت داخل عقولكم الأفكار، وكنتم تؤمنون بصدق أنها عبقرية وجيدة، لا تسمحون لبعض الحمقى بإقناعكم بتركها، وهذا لا يعني بان كل فكرة تجتاحكم قد تكون عبقرية، في حال كان هناك شيء تعتقدون انه جيد، شيء ترغبون بتحقيقه على ارض الواقع، كونه يعني لكم الكثير، حاولوا ان تقوموا به، وأنا اعتقد إنكم فقط تستطيعون تقديم أفضل من عندكم.
 
وإذا كان الإنسان يفعل ما يرغب به، وقام بذلك على طريقته الخاصة، سيشعر بالفخر بعد فعله، بغض النظر ما هو هذا الشيء، وقتها سينظر إليه ويقول :" حققت ما أريد وهذا شيء جميل حقا، لذلك اكرر لا تسمح لبعض الحمقى بجعلك تبتعد عن فكرة طالما أمنت أنها جيدة ."