قال وزير التعليم الليبى السابق، عبدالكبير الفاخرى، إن إعلان رئيس حكومة الوفاق، فائز السراج، رغبته فى الاستقالة وتسليم السلطة جاء نتيجة ضغوط من الشارع الغاضب على سياسته، وكذلك لأسباب تتعلق بالصراع الداخلى فى حكومته، التى وصفها بأنها حكومة «نهب».

وأكد الفاخرى، فى حوار لـ«المصرى اليوم»، أن تبنى الرئيس عبدالفتاح السيسى «إعلان القاهرة» أنقذ ليبيا من حرب إقليمية.
 
وإلى نص الحوار..
 
■ برأيك لماذا أعلن فائز السراج رغبته فى الاستقالة؟
 
- هناك أسباب كثيرة دفعت السراج لإعلان تسليم السلطة، منها الضغوط التى يتعرض لها من الشارع الليبى، الذى خرج فى مظاهرات عديدة للمطالبة بإسقاطه بسبب انهيار الخدمات الحياتية، سواء الكهرباء أو المياه أو تأخر صرف الرواتب، ونتيجة الصراعات الداخلية فى حكومته، خاصة مع وزير الداخلية فتحى باشا أغا، الذى قام بتوقيفه للتحقيق ثم أعاده للعمل مرة أخرى. وإذا كنا نعتبر أن السراج لا ينتمى لجماعة الإخوان إلا أن تركيا باتت تسيطر عليه، وأصبح بقاؤه من عدمه لا يغير شيئا فى المعادلة، خاصة أن القوة فى يد الميليشيات، لذلك شعر السراج أنه لن يحقق شيئا حتى ولو مكاسب شخصية له، كما أنه خسر كل شىء وفقد القدرة على اتخاذ القرار داخل حكومته بسبب الخلافات المتكررة مع المصرف المركزى، فضلا عن المشاكل المتراكمة والمتزايدة يوميا، وليس هناك ما يلوح فى الأفق بالنسبة له، بالإضافة إلى رغبة الميليشيات فى السيطرة وتقاسم السلطة فى كافة المؤسسات.
 
■ هل كان الإعلان عن الاستقالة مفاجئًا لتركيا؟
 
- هناك تصريحات خرجت من قبل الرئيس التركى رجب طيب أردوغان تفيد بأنه مستاء، وهذا يعنى أنه لم يكن لديه علم، والاستياء يعنى أن أنقرة ربما ستفقد ما حصلت عليه من قبل حكومة الوفاق، وأعتقد أن أردوغان لم يُعطِ له الضوء الأخضر بشكل كامل، رغبة منه فى إجراء ترتيبات للمشهد الليبى.
 
■ هل ستساهم استقالة السراج فى حل الأزمة الليبية أم تزيدها تعقيدًا؟
 
- أعتقد أنها ستساهم فى الحل، خاصة أنها ستكشف للمجتمع الدولى الوضع فى طرابلس، والذى يتوجب عليه الاتفاق للخروج بحل يُرضى الشارع الليبى، وإن كانت الاستقالة ستتسبب فى خسائر للأطراف المعنية فى غرب ليبيا والميليشيات التابعة لتركيا.
 
■ كيف تنظر إلى «إعلان القاهرة» فى هذا المشهد؟
 
- «إعلان القاهرة» يعتبر الأكثر تأثيرا فى المشهد الدولى تجاه القضية الليبية، وجعل الأطراف الدولية تنظر إلى أن استمرار الوضع فى ليبيا على ما هو عليه يزيد الأمور تعقيدا، وهنا يجب التأكيد أن تبنى الرئيس عبدالفتاح السيسى «إعلان القاهرة» أنقذ ليبيا من حرب إقليمية بل من نشوب حرب دولية لم يكن ليستطيع أحد إيقافها، وأستطيع أن أؤكد أن «إعلان القاهرة» يختلف أيضا عن «مبادرة برلين»، التى لم يكن لها أدنى تأثير فى الداخل الليبى حيث استمر القتال، لكن بعد «إعلان القاهرة» هدأ القتال فى الجبهات الداخلية بشكل كبير وهو ما نتمناه وننتظره فى المستقبل القريب، كما أن «إعلان القاهرة» يعتبر «خارطة سلام وأمان» لكونها حريصة على تفكيك الميليشيات ورحيل المرتزقة.
 
■ وماذا بالنسبة لإعلان المشير خليفة حفتر إعادة افتتاح الحقول النفطية؟
 
- الإعلان له دلالة كبيرة، وسيتسبب فى إحراج القاطنين فى طرابلس بشكل كبير، وأعتقد أن الأطراف الدولية تتفق مع الجيش بقيادة حفتر على إعادة الافتتاح والتوزيع العادل للثروات، حيث إن قرار الإغلاق كان بسبب سرقة النفط، وهو ما تحدث عنه المبعوث الأممى السابق فى ليبيا، غسان سلامة، كما أن الجيش لديه قرار بتجنيب استخدام إيرادات النفط لدعم المرتزقة، خاصة بعدما ساءت الأوضاع المتمثلة فى الكهرباء والمعتمدة على الغاز.
 
وإن كان الاتفاق على إعادة افتتاح الحقول لم يكن برعاية دولية وإنما كان بقرار ليبى- ليبى، فإننى أعتقد أن الوضع سيكون على ما هو عليه. ويسجل التاريخ للمشير حفتر إعادة تأسيس الجيش، الذى دمرته قوات الناتو فى عام 2011.
 
■ ماذا بعد رحيل السراج؟
 
- إعلان السراج تسليم السلطة فى أكتوبر ليس مؤكدا، وهناك احتمال بأن يستمر فى منصبه حتى إجراء الانتخابات، سواء البرلمانية أو الرئاسية، التى من المحتمل إجراؤها فى مارس أو بعد ذلك، حسبما يتم الاتفاق عليه.
 
■ وماذا عن الدورين الأمريكى والروسى؟
 
- ما تشهده ليبيا هو صراع بين الدول الكبرى على النفط الليبى، خاصة أمريكا وروسيا المدعومة من الصين، وما قيل عن دعم أمريكى لتركيا لمواجهة الروس، خاصة أن أسلحة الجيش الليبى روسية الصنع، وكل هذا يؤكد أن الأطراف الدولية هى التى خلقت الأزمة وهى التى بيدها الحل.
 
■ ما الحل إذن للخروج من الأزمة؟
 
- إجراء انتخابات بضمانات دولية بتدابير أمنية مشددة، حيث إن إعادة تقسيم السلطة لن يحل المشكلة وإن كانت المباحثات فى جنيف بمشاركة الأطراف المعنية تتفق على تشكيل مجلس رئاسى وحكومة جديدين، وهذا هو الأفضل لأن الشارع أصيب بالملل من الوجوه الموجودة بسياساتها المعروفة لدى الجميع، وهو ما يوجب الانتقال لمرحلة تأسيسية جديدة وليس المرور بمرحلة انتقالية، وأعتقد أن الانتخابات لو تمت بشكل نزيه ستكون هناك تغييرات جوهرية فى المشهد الليبى، خاصة أن المواطن الليبى أصبح لديه وعى كبير، سواء بالسياسات أو الأشخاص المؤثرين فى المشهد إيجابًا أو سلبًا.