هاني صبري - المحامي
اعتاد الأستاذ / رجائي عطية خلال هذه الأيام التعدي بالقول وبطريق العلانية علي السيد المسيح وازدراءه، وهذا ثابت أيضاً من خلال مقطع فيديو متداول علي مواقع التواصل الاجتماعي وذلك أثناء جلسة حلف اليمين للمحامين الجدد بتاريخ ٣ / ٩ / ٢٠٢٠ ، والذي تعمد فيه ذكر مغالطات عن السيد المسيح في محاولات بائسة للنيل منه والطعن في أساس العقيدة المسيحية وإهانة وازدراء الدين المسيحي.
 
أن اقحام نقابة المحامين في جدال عقائدي يضر بسلامة واستقرار نقابة المحامين، ودعوة للفرقة بين أعضائها.
 
حيث يُزعم علي خلاف الحقيقة" أن هناك اتفاق بين الأناجيل والقرآن أن السيد المسيح رفع إلي ربه ويسترد قائلا" ومع هذا لم تمت المسيحية برحيل السيد المسيح  أو رفعه إنما تولي الدعوة الحوريون وانضم لهم بولس من قرابة روما".
 
ويحاول أن يشكك المتلقي في السيد المسيح، وإثارة الفتنة بين المصريين، فبعد مرور قرون على انتشار الأناجيل في كلّ العالَم، جاء مَن يعترض على هذه الحقيقة, كأنّه يقول للمسيحيّين : أنتم على خطأ في دينكم!.
 
أن ما يدَّعيه الأستاذ / رجائي عطية يمثل جرائم استغلال الدين للترويج لأفكار غير صحيحة بقصد إثارة الفتنة وتحقير وازدراء الدين المسيحي والطوائف المنتمية له ، والإضرار بالوحدة الوطنية وتكدير السلم والأمن العام.
 
ويستفاد ذلك من نص المادة ( 98 و) من قانون العقوبات التي تنص علي "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه، ولا تجاوز ألف جنيه كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية".
 
والقانون يُعرف جريمة إزدراء الأديان بأنها احتقار الدين، أو أحد رموزه، أو مبادئه الثابتة، أو نقده أو السخرية منه بأي شكل من الأشكال، أو إساءة معاملة معتنقيه، لأن مثل هذه السلوكيات هي التي تثير الفتن، ومن هنا، فإن الهجوم بأي شكل على كل ما يتعلق بالدين يُعد إزدراء له، وأن الإزدراء أو التجديف هو عدم إظهار تقدير أو احترام تجاه شخصيات مقدسة في الديانات الإبراهيمية، أو الأعتداء علي قدسية الإعتقاد الديني والإساءة للدين ، ومهاجمة العقيدة ، والذي يعبر عنه بالتطرف الديني، إما بإحتقاره، وإهانة الدين، أو التشدد المخل، وهي الصورة الأكثر انتشاراً.
 
أن حرية الاعتقاد مكفولة بمقتضي الدستور ولكن هذا لا يبيح لمن يجادل في أصول دين من الأديان أن يمتهن حرمته أو يحط من قدره أو يزدريه عن عمد، فليس له أن يحتمي في ذلك بحرية الاعتقاد ، وإنما تضع مرتكب تلك الجرائم تحت طائلة القانون.
 
أدعو الأستاذ / رجائي عطية لقراءة الكتاب المقدس جيداً، وفهم صحيح الدين الإسلامي الحنيف، التوقف فوراً عن الأمور التي تثير الفتنة.
 
هناك اختلاف بين الكتاب المقدس ، والقرأن،  في آخرة المسيح،  الذي يثير جدليّة في الإسلام، كما لم يثرها أيّ موضوع آخر ، وهناك قواعد وأصول في البحث العلمي لم يراعيها والأمانة العلمية كانت تحتم عليه ذكرها وليس إدعاء أن هناك اتفاق بينهما. 
 
فإنّ علماء الإسلام اختلفوا في تفسير "أني متوفّيك ورافعك إليّ". التي وردت في سورة آل عمران 55.، ففريق منهم يقول إنّ الوفاة هنا لا تعني الموت، بينما فريق آخر يقرّ بأنّ المسيح مات فعلاً ورفع. ولهم في ذلك روايات شتّى، يوردونها بالإسناد عن علماء معتَبَرين ، كالطبري والرازي والزمخشري ، وجاء في تفسير ابن كثير، عن إدريس : قال : مات المسيح ثلاثة أيّام ثمّ بعثه الله ورفعه. 
 
وقال إخوان الصفا : إنّ المسيح مات وصُلِبَ وقام وتراءى لخاصّته بعد ذلك إخوان الصفا جزء 4، ص3. وغيرهم.
 
 ادعو سيادته لقراءة شرح الإمام الرازي والطبري في تفسير هذه الآية ال عمران 55 حتي يتأكد من صحة ما يدَّعيه من عدمه.
 
وهناك أيضاً اختلاف بين فقهاء الإسلام  في موضوع إحلال الشبه محلّ المسيح، هناك عدّة روايات متباينة.  
 
 فنظرا لتضارب الآراء عند فقهاء المسلمين واختلافهم في تفسير آي القرآن عن آخرة المسيح لا يستطيع الباحث المخلص إلاّ أن يتّجه إلى نصوص الإنجيل التي لا تحتاج إلى تأويل. لأنّ لا تناقض فيها بخصوص موت المسيح وقيامته وصعوده. 
 
" أَنَّ المَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الكُتُبِ، وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الكُتُبِ " رسالة بولس الرسول الأولي إلي أهل كورنثوس الأولى (15 :3-4)
 
فالمسيحية تنفرد بأن مؤسسها حي و قهر الموت وحسب إيماننا المسيحي فأننا نتمسك بحقيقة أن الهنا صار إنسان، ومات عن خطايانا، ومات و قام في اليوم الثالث. ولم يستطع القبر أن يوقفه، فأنه حي ويجلس الآن علي يمين العظمة في السماء ، فالكنيسة الحية رئيسها حي.
 
لقد قام المسيح من بين الأموات بجسده الذي وُلِدَ به وصُلِبَ ومات، لم تكن قيامة المسيح مجرد عودة من الموت إلي الحياة كما اختبر ذلك الأشخاص كلعازر، ولكن عندما قام المسيح من الاموات كان ( باكورة ) لنوع جديد من الحياة البشرية فهو أول من قام من الأموات بقوة لاهوته لأنه بكر كل خليقة وفيه خلق الكل، فالأيمان بالقيامة يعني الأيمان بالله. فان كان الله موجود، وقد قام بخلق الكون وله القدرة علي الكون، فأنه قادر علي إقامة الأموات، فأنه الوحيد القادر علي غلبة الموت، وقهر القبر ، فبأقامة يسوع المسيح من الموت، ذكرنا الله بسلطانه علي الحياة والموت.
 
فحسب إيماننا المسيحي لم يكن هناك وسيلة لخلاص الإنسان بدون إيفاء حق العدل الإلهي القاضى بموت الإنسان لأن أجرة الخطية الموت لذلك أخذ المسيح جسداً "أخلى نفسه أخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب".
 
إن الأعتراف بقيامة المسيح من الموت هو إعترافاً بموته وقيامته ، وهذا هو وسيلة الخلاص " لأنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع وأمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات خلصت" (رو9:10).
 
فالأيمان بالقيامة يعني الأيمان بالله. فان كان الله موجود، وقد قام بخلق الكون وله القدرة علي الكون، فأنه قادر علي إقامة الأموات.
 
أن قيامة السيد المسيح من الموت تؤكد لاهوته ، وبرهان على صدق أقواله ، وتؤكد لنا أن الذين يؤمنون بالمسيح لن يظلوا موتي ، بل سيقاموا للتمتع بحياة أبدية. وهذا هو رجاؤنا المبارك. وأن تلاميذ السيد المسيح نشروا الإيمان بعمل نعمة الله الحي العامل فيهم، وبالروح القدس, والنعمة تسبق دائماً لتعطى لنا القدرة والممارسة الحية لنحيا حياة الغلبة والنصرة. 
 
ناهيك عن أن بولس لم ينضم لهم من قرابة روما كما تزعم سيادتكم، بولس يهودي عبراني من سِبْط بنيامين يعيش   في طرسوس وتتلميذ علي يد غمالائيل وكان حاصلاً عن الجنسية الرومانية وكان يضطهد المسيحيين وعرف السيد المسيح بعد القيامة فصار مبشر به في كل الأمم.
 
نطالب الأستاذ / رجائي عطية التوقف عن ازدراء الدين المسيحي وعدم تكدير السلم والأمن العام وعدم التطرق للمسيحية بما ليس فيها، لأن مثل هذه الإدعاءات تضع مرتكبيها تحت طائلة القانون