مؤمن سلام
أى مجتمع تغييب عنه الحرية هو بالضرورة مجتمع غير مُبدع، لا علمياً ولا ثقافياً ولا فنياً ولا رياضياً ولا حتى مطبخياً، ليس فقط لأن الخوف يشل العقل ويجعل الإنسان غير قادر على اطلاق العنان لعقله وفكره ومهاراته، خوفاً من وقوعه في المحظور وأن يجد نفسه في مواجهة سلطة الدولة أو المجتمع ما قد يرسله إلى حتفه أو دماره.

لكن هناك عامل أخر يؤدي إلى غياب الإبداع في المجتمعات المستبدة، وهو عامل الفساد، ففي المجتمعات الحرة المنفتحة، يكون البقاء والارتقاء للأكثر ابداعاً، بغض النظر عن العقيدة أو اللون أو المستوى الإجتماعي أو الجنس أو الأيديولوجي أو الموقف من السلطة تأييداً أو معارضةً. لكن في المجتمعات المنغلقة يكون البقاء والارتقاء والمناصب والمشاركة في المهرجانات الدولية والحصول على الجوائز هى من نصيب الأقرب للسلطة، المؤيد بقوة وحماس، الذي يقوم بما هو مطلوب منه لتمجيد الطاغية، المنافق للسلطة وللمجتمع، هؤلاء هم من يحصلون على المناصب والجوائز والشهرة المزيفة. فالاستبداد والفساد توأمان.

أما المبدعون الحقيقيون والذين بطبيعتهم لن يكونوا مؤيدين للاستبداد فهم ما بين معارض صريح أو معارض صامت أو محايد لا ينشغل بامر السياسية، فهؤلاء لن نسمع عنهم ولن نرى ابداعهم، وحنى إن سمعنا عنهم ورأينا أبداعهم فسنراه على مواقع الإنترنت وليس في ميدان أو في مسابقة دولية أو جائزة محلية، بل إذا نجحوا في تحقيق شهرة ما على مواقع التواصل الإجتماعي قد يكون مصيرهم التدمير بعد تخييرهم بين النفاق أو السجن، فاذا اختاروا السلامة مع النفاق ضاع ابداعهم، واذا رفضوا النفاق اجبروا على الصمت والاختفاء أو الذهاب إلى السجن. فيكفي أن ينحت أو يرسم إمرأة عارية لتجد نفسك متهم بهدم قيم المجتمع، والحقيقة أنه لم يخضع للإبتزاز فيلقى مصير كل من لا يخضع للطاغية.

لهذا ليس للابداع والجمال موقع في مجتمعات الإنغلاق والإستبداد