.بقلم اشرف دوس

تنزيل الآن
أمس زرت قبر أمي وأبي لأقص عليهما
وأسمع منها فلم يعد لي حديث مع أحد
بعد الله إلا هما لكن حبسني عن المكوث معهما 
حابس الفيل
قلت لهما حبيباي ما شأنكما قالا نحن في نعيم
مقيم لا يحول ولا يزول نسمع عنكم ونري اقوالكم
وافعالكم ولدي لماذا تلون الناس من حوالك اين مالك
واهلك وولدك وزوجك أهم إحياء بلغتكم أم واراهم الثري
قالت ولدي من هذه التي معك التي تقرأ الفاتحة لا أعرفها
أني اراها في ثياب مزركشة وبيدها شنطة اعتقد بها مالها ولدي هل هي التي شغلتك عنا نسأل أنا وابوك اهذه الهدي والهداية أم حب الذات والنكاية أراها سارة وسهيلة في يوم
 
صباح نهاره خالد وليله تالد واقفة تقرأ كأنه لحن السنباطي وكلك بجوارها أماني خبرني يا ولدي هل تقرا لنا الفاتحة أم ترنيمة داود ماذا تقول ان صوتها خافت ووقفها جوارك باهت .. 
 
أم الدنيا في سنواتها الخداعات .نتساءل لماذا لم يبقي منك الا
أسمك ورسمك شحب وجهك وغارت عينك وتقاربت عظمك وتقوس ظهرك وغاص قزانك وخارت قدميك وارتعدت يديك
هل ارعشهما ولديك ذكرني بأسمائها ومالهما وهل قالا لك قولا كريما واحسنا إليك أم قالا أف ونهروك وجحدوك 
وايه دا 
سقط شعرك واشتعل رأسك شيبا يا ولدي ماذا فعلت بك الواقفة أمامنا ..
قلت يا أمي ذهب الذين أحبهم وبقيت مثل العود وحيد
ونحن يا أبويا في السنوات الخادعات وهذه السيدة
الواقفة امام قبرك هي دنيتي التي ركلتني بقدمها
ركلة اتت بي اليكما لأستنجد بكما انا وهي ممن حوالنا
لكن حين حديثي معكما تركتني بلا سبب ولا إنذار وركبت
سيارتها تلك هي كانت دنيتي الماضية الحاضرة الغائبة.
قالت أمي ولدي دعك منها ومن نرجسيتها وأنانيتها ومالها
وسيارتها وملابسها وعشقك لها وهلم ألينا نواسيك وحضن 
والدك يكفيك اترك لها مالها وزخارفها اظنها خدعتك لأنها مشت من امامنا ولم تودعنا غرها مالها وشبابها دعها يا ولدي
انها لم تقرأ خافضة رافعة ومداولة الأيام 
يا ولدي الزيارة القادمة يا ولدي لا تجبلي أيمان ولا لميا ولأشهد ولا هند ولا هدي واماني ولا اي حد تأني
ياريت يا ولدي تيجي وحدك تاركا دنياك الفانية وملذتها ومابها ومن فيها انهم صور كرتونية نفسي احضنك
وأبوسك ابوك وسع مكان لك بينا وقال دا مكان ولدنا الوقف لازم يبقي بيننا ابوك مهد المكان وعملك مخدة كمان من الرمال وقال 
يا أم العيال أبنك تعبان من اللي كانت معها اللي بيسميها دنياه 
تعبته وتركته وركلته رغم حبة لها وعشقه لها والتفت لغيره من الشباب صغير السن حديثي الاسنان هكذا عهدي بك دائما 
تعشقي الصغير وتتركي الكبيرة وتتداولين من يد إلي ومن حضن إلي حضن انها الوهم انها دنياه ركلته وتركته ترحل 
وتختفي انها الدنيا جربناها انا وانت كثيرا لم تترك صغيرا
أو كبيرا من تعلق بها لفظته  ومن ادارا لها ظهره ركضت
خلفه حتي سبقته فرحها نادر وحزنها سرمدي وايامها قليلة
وأيلامها واقع ما له من دافع .رحم الله من سايرها ورحم الله من غادره.
لكن يا امي اللي كانت امام قبرك تدعواك هي دنياي ولسه
بحبها ولي بقيته معها الأجل لم ينتهي والعمر ممدود وانتما شهود ..
يا ولدي وهم انا شفتها وعرفتها لا يا ولدي لا تحبك الدنيا هي اقل من جناح بعوضة اعبرها يا ولدي ولا تعمرها عركناها وعرفناها قبلك هلم إلى حضني الدافئ الشافي العافي نؤنس وحشتك وندمي جراحك هنا يقولون بيت الدود لكن ليس فيه
صدود ولا جمود ولا جحود ولا ردود وكل فرد يشغله حاله ومئاله هنا كل شيء جميل لا تصنع ولا تنمر ولا تكلف ومنان ولاحنان
جربنا العيشتين ولا وجه للمقارنة..
مكانك جنبي والزيارة وحدك وبلا عودة انا موافق 
أمي سؤال هل وفاتك كانت وفاة لك أم لي
قولي لأبي لماذا لم يعلمني ما ينفعني من غش وخداع ونفاق
وغدر لماذا علمني الالتزام وصيانة الوعد والعهد والامان ولم يعلمني بضاعة زماني
عارفة يا أمي كل اللي حصل لي بسبب كلمة واحدة وعهد
كل ما جري وشفتيه سببه كلمة لان كل شيء في الدنيا كلمة حياة ووفاة وزواج وميراث . 
ووفيت بكلمتي يا أمي حتى لا يقال رفع والوفاء بالعهد من الأرض
ابي وامي القاكم وأقيم معكما للأبد ... ابنكما البار
هذه كانت زيارة حقيقية لصديقي الغالي وغادر الدنيا بعدها بساعات قليلة 
  أعيد نشرها دون تدخل منى وكما هي لعلها تفيدك في رحلة الحياة القاسية واجد من يدعو له بالرحمة