نبيل ابادير
يعتبر النهج الخفي في عمليه التنشئه هو الأكثر تاثيرا في صياغه شخصيات أطفالنا والمكون الرئيسي لفكرهم ومفاهيمهم وسلوكهم والذي سيستمر معهم والي حد كبير طوال حياتهم،

فيتعلم الإطفال منذ ولادتهم الكثير جدا اكثر من نتصور من نهج التربيه الخفي الذي تتبناه الاسره والمدرسه والمجتمع المحيط منذ السنوات الاولي في عمر الأطفال، حتي انه يقال أن الطفل ذكرا او أنثي في شهور الحمل يتاثر كثيرا بشخصيه أمه سواء شخصيه ثائره او هادئه أو قليله الإنفعال والتاثر، صراخا أو حنوا او تعاطفا الي غير ذلك من الانفعالات،

والنهج التربوي في الاسره لا يتوقف علي مواعظ الآباء وكلامهم للأطفال، ولكن بالأكثر علي متابعه الأطفال لهم وتأثرهم بالعلاقات والإنععالات وأسلوب تعامل الأب والأم وحديثهم معا وإحترامهم لبعضهم البعض أو العكس وإحترامهم للأبناء أو العكس،

وتمييز الآباء بين الاطفال سواء التمييز بين البنات والأولاد، او التمييز بين طفل وآخر، ونظره وكلام الآباء عن الناس المحيطين بهم اقرباء او جيران او زملاء، سواء من دين أو مذهب الاسره او مختلف عنها، والنظره للآخرين من المختلفين في المظهر او السلوك، او نظرتهم لذوي الإعاقة، وغير ذلك من مظاهر سلوكيات الآباء والتي تتم عفويا، فيتعلم منها الاطفال اكثر مما يلقي علي مسامعهم من مبادئ أو قيم وربما لا يلاحظونها في سلوكيات الاسره.

ويذهب ذلك ايضا الي مدي اختيار الآباء للمظهر الذي يريدون الظهور به في الملبس او الماكل، او المظاهر الأخري أمام الآخرين وتكون مختلفه تماما عن واقع الاسره وحالها. وينطبق ذلك أيضا الي ما تفرضه الاسره علي مظهر الاطفال تحررا او قيدا.

وهو ما ينطق ايضا علي المدارس والمفترض انها المعنيه بالتربيه، لكن المنهج الخفي فيها هو الاكثر تاثيرا، فعندما تقتصر بعض المدارس علي ذكور او اناث فقط، فإن هذا الفصل التعسفي في مرحله الطفوله من أخطر ما يكون علي فهم وادراك كل جنس للآخر، ويمكن للمناخ العام المتسم بالذكورية يجعل من هذا الفصل التعسفي اساسا لسوء الفهم لعدم المعرفه  ويتطور  الي التربص والي المعاكسه والتحرش الي غير ذلك من السلوكيات المنتشره.

وكذلك المدارس التي يقتصر اطفالها علي الدين الواحد، فإن الخفي هنا هو ان عدم وجود الآخر في المدرسه يْنشا عدم فهم يتطور الي سوء فهم وربما عدم قبول او رفض ثم الي عداوه.

فالمدرسه هي البوتقة التي ينصهر فيها ابناء المجتمع علي إختلافاتهم،

وعندما تفرض بعض المدارس زيا محددا في أعمار الطفوله مثلا كزي الكبار علي الاطفال كالحجاب للبنات ولبس المشايخ للاولاد، فإن ذلك يعطي ويثبت صوره ذهنيه عند الاطفال تقيد حريتهم في التفكير والحركه والنقد.

وفي مدارس اخري تفرض زيا موحدا بالوان قاتمه جدا أو بألوان مبهره للعين، أو دون تناسق وتناسب للألوان،  وحيث ان الملابس المفروضه علي الاطفال يتم لبسها يوميا ولسنوات فإن ذلك يمكن ان يُفقد الاطفال الإحساس بالجمال وحب الالوان المتسقه والمتوازنه.

وفي المدارس المختلطه من الجنسين أو الأديان فنظره وعلاقه المدرس العفويه في الفصل والتي تعبر عن طريقه تفكيره وتظهر في معاملاته، فاذا كانت بها تميزا لجانب علي آخر فذلك أيضا نهج خفي يوثر سلبا علي شخصيه الاطفال، ونفس الحال عند خروج الاطفال المسيحيين من الفصل لحصه الدين المسيحي من ادوات النهج الخفي الموثر سلبا علي الاطفال.
وهذه كلها امثله قليله من سلوكيات النهج الخفي في التنشئه التي نمارسها يوميا داخل الأسره وفي المدرسه وفي المجتمع عامهً.

فالنهج الخفي في عمليه التنشئه هو العامل الأكبر في التاثير سلبا وإيجابا علي شخصيات اطفالنا، ويظهر ذلك واضحا في سلوكياتهم عندما يدخلون مراحل البلوغ والمراهقه ومع تقدم العمر بهم، فما نلاحظه الآن من شيوع ظواهر التحرش والعنف وهتك العرض وكراهيه وعداء المختلفين والبلطجه، إنما اساسه وغرسه من مراحل الطفوله المبكره والنهج الخفي في إطار ذلك.

نحتاج وبسرعه لإعاده بناء الأسره والي مراجعه مناهجنا الخفيه والمعلنة لبناء اجيال سويه واعيه قادره علي نقد الواقع والمشاركه والتفاعل لتغييره، ولبناء مجتمع متماسك يقبل الإختلاف ويحترم التعددية، ويرفض أيه تجاوزات في حق الآخرين أو إهدار كرامتهم أو التعدي عليهم قولا او فعلا.