عبد المنعم بدوي
مصر ليست هبة النيل ، كما قال المؤرخ الأغريقى الشهير " هيرودوت " ، ولكنها هبة " المصريين "  .
 
نهر النيل  يبلغ طوله ألاف الكيلو مترات ، يبدأ من خط الأستواء لينتهى عند ساحل البحر الأبيض المتوسط ، هل يوجد على طول هذا المجرى حضاره مثل الحضاره المصريه ؟ ،  نهر النيل يجرى داخل أراضى إحدى عشر دوله ، هل توجد بينهم دوله مثل مصر ؟ ، إذن مصر ليست هبة النيل ، ولكن هى هبة المصريين ....
 
وبقدر ماكان نهر النيل نعمة على مصر ، فما هى إلا الأراضى الواقعه على ضفتيه ، كان أيضا نقمه عليها ، لقد أدت وفرة مياه النهر ، والخصوبه الشديده للدلتا التى كونها ، الى وفرة المأكل لدى الأنسان المصرى ، فتعلم الكسل والتواكل هذا من ناحيه ، ومن ناحية أخرى أدى إلى ظهور الحاكم الفرعون ، الذى يتحكم فى توزيع مياه النهر ، ويتحكم فى مقدرات الناس وأرزاقهم ، يحاسب الناس ولا أحد يحاسبه فهو الحاكم الأله ، ولا راد لقضاءه ، والشعب عنده مجرد خدم وعبيد إحسانه .
 
عندما فتح  "عمرو بن العاص " مصر ، كتب لأمير المؤمنيين " عمر بن الخطاب " يصف مصر ويقول : هى بلد وفيرة الخيرات ، دانية الأقطاف ، شرابها من ذهب ، ونيلها عجب ، نسائها لعب ، وأهلها لاعجم ولاعرب ، وهم مع من غلب .
 
إن " المصريين الأوائل " ، أو من يطلق عليهم " قدماء المصريين " واجهوا مايطلق عليه " التحدى والأستجابه " ، فقد تحدوا حرارة المناخ ، والجفاف الصحراوى ، بأن أستجابوا بتطهير وتجفيف المستنقعات ، والسيطره والتحكم فى النهر ، والتحول من الرعى إلى الزراعه .
 
فليس أمام الأنسان المصرى اليوم حفيد " قدماء المصريين " غير التحدى للأثيوبيين فى بنائهم لسد النهضه ، والأستجابه ببناء الأنسان المصرى ، الحر ، المثقف ، المتعلم ، المتحضر ، المحفوظه له كرامته ، الحاصل على جميع حقوقه ،  لأن الأنسان والأنسان وحده هو صاحب الحضاره  ....   فمصر دائما هى هبة المصريين   ، وليست هبة النيل  ...