محمد حسين يونس
ظلت مصر لثلاثة قرون و نصف يتولي امرها و يسير إقتصادها ولاة ارسلهم خلفاء من البدو مكلفين باستخلاص كل ما يمكن حلبة من (اللقحة) كقول ( الخليفة عثمان ) لعامله علي مصر (عمرو بن العاص ) معايرا إياه بعد أن أرسل له الخراج الوالي الجديد عبد اللة بن أبي سرح ((درت اللقحه بعدك يا أبا عبد الله، بأكثر من درها الأول)فرد ((أضررتم بولدها ))..

حقا أضروا..ولم يفق ولدها من قسوة الجباية و الجباة حتي زمننا هذا .. هل قرأتم القرار الوزارى رقم 100 لسنة 2020 الصادر يوم 9 يونيو .. لوزيرالكهرباء.. و الخاص بزيادة مرتقبة كل (يوليو) و لمدة خمس سنوات قادمة لتعريفة بيع الطاقة الكهربائية و مقبال خدمة العملاء

الزيادة مقررة بدم بارد وتحدى و وجه مكشوف غير مبال محدد فيها قيمة التعريفة التي ترتفع كل سنة من السنوات الخمس عن سابقتها..القرار و الفئات المستجده .موجودة علي الموقع الإلكتروتي لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء .. يعني مش سر

عام 915 م .. كان عام النهاية لحكم ولاة البدو لمصر .. تغيرت وجوه المستعمرين وجنودهم وعمالهم لتصبح مغربية الشكل عجمية اللغة مختلة السلوك و الطابع ..بعد أن ازاح مائة الف فارس من أبناء المعز لدين الله الفاطمي(الشيعي المذهب) بقيادة (حباسة بن يوسف الكتامي) الأمازيجي ..من تبقي من شراذم جنود الخليفة العباسي السني و استولوا علي مصر دون عناء يذكر ليحكمونها لمدة قرنين من الزمان كانت فيها نعم اللقحة التي تدر دون توقف .
خلال هذين القرنين تحول الشعب لدين خلفاءه من الشيعة.. يحترم الي حد التقديس اهل البيت و يدعولهم صباحا ويذكرهم مساءا في إحتفاليات وموالد مازلنا نزاولها .. و تغير شكل الأذان و بني الجامع الأزهر لينشر المذهب الجديد من خلاله

حاكم مصر الجديد حرص أيضا قبل أن يستقر في البلد المهزوم أن يسخر الشعب كعادة كل الطغاة و الجبارين ..في بناء عاصمة جديدة سماها (القاهرة) لتخلف (الأسكندرية و الفسطاط والعسكر و القطائع )..و تحمي الأسرة المالكة بواسطة أسوارها من غدر الداخل و هجوم الخارج .

فارسل جوهر الصقلي ليبني القاهرة خلال اربع سنوات سبقت حضور سيده.. وفي كتب المؤرخين العرب حواديت كثيرة عن سبب إختيار المكان .. و الإسم .. و تنظيمها الداخلي .. و علاقات التمييز بين المحتلين الجدد و المصريين الذين يؤدون الخدمات بها .

خلفاء الفاطميين حرص جدهم (المعز لدين الله) أن يربط عنوان دولته باسم إبنة الرسول (صلعم ) فاطمة الزهراء، و أن يكون لقبه والقاب الابناء والاحفاد من أسرته (الذين سيتداولون الحكم بعده ) مرتبط بلفظ الجلالة وهكذا ((عندما طلب منه بعض العلماء تزويدهم بألقاب تصلح للخلافة الفاطمية )) قررمسبقا ألقاب العشرة التاليين له لمدة قرنين ب ((العزيز بالله ، الحاكم بامر الله ، الظاهر لدين الله ، المستنصر بالله ، المستعلي بالله ، الامر باحكام الله ، الحافظ لدين الله ، الظافر لله ، الفائز بنصر الله و أخرهم العاضد بالله )).

من هذا الحاكم ؟ الذى عندما دخل مصر حمل معه رفات أجداده في صناديق من الخشب وأعاد دفنها في مدفن أسفل خان معروف (الان ) بالخليلي ،وبقت هناك حتي تم نهبها مع الشدة المستنصرية ...

عندما سأله إبن طبا طبا هذا السؤال ((جذب نصف سيفه من غمده وقال هذا نسبي ثم وزع أكياس تحتوى دنانير ذهب علي الجنود و قال وهذا حسبي )) ومنذ ذلك اليوم ومصر يحكمها (سيف المعز وذهبه )الخوف مع الإرهاب .. و علي الجانب الأخر المزايا و الأموال .

إصرار المعز علي أن يختار إسم دولتة و القاب الابناء و الاحفاد كان يعلن به بشكل واضح ..للبسطاء و المتعلمين إنتماء صاحبها لدين المسلمين و يشير الي أنها إرادة المولي أن يجلسه علي العرش ليقيم دولة دينية شيعية في مصر

المتأمل في تاريخ اهل هذا الوطن (كما وصلنا ) سيعجب من هؤلاء الاقوام الذين يسهل تضليلهم وقيادتهم ما دام علي العرش من يلبس بردة الدين و يدعي أن الله سبحانة قد أرسله للخروج بهم من وهدتهم .

شخصية الغاصب الفاطمي المحتل وسلوكه(الذى عرفناه) تقدم منهجا واضحا و صريحا لكيفية كسرالشعب من داخله والاستمرار في حكمه لقرون حتي يأتي من بعدك من يزيحك بنفس المنطق و قد يستخدم نفس الالفاظ ...

النصف قرن الماضي يشيرالي أن (شربة الشيخ محمود ) لازالت تعمل بكفاءة في الموالد خصوصا مولد سيدى إنتخابات.

تعديل هوية شعب مصر لثلاث او اربع مرات خلال مدة محدودة نسبيا يجب أن يدعو للتساؤل ، فالمصرى إستسلم للهجرة اليونانية والاستلاب البطلسي و هجر الهته الي الهه (هجين )بين الديانتين المحلية و المستوردة مع القادمين من البحر

و هجر لغته الي لغة غير مفهومة بدون مترجم ثم يكرر هذا مرتين مع الاستعمار اللاتيني فالبدوى .. و يغير دينه ليصير قبطيا ثم مسلما سنيا .. فشيعيا و يسلم لكل غاصب ما بيده دون مقاومة ليصبح في النهاية هدفا لكل مغامر و لاى مغتصب يدعي أنه قادم بامر الله ليحكم الدهماء .

وهكذا بعد أن إستقر المعز و رجاله ورفات أجداده في القاهرة ((هاجمهم الحسن بن احمد القرموطي ومعه الامير حسان بن الجراح الطائي الذى رشاه المعز فإنسحب خلال المعركة مظهرا أنه قد إنكسر فضعفت شوكة الحسن وفر بعسكره مدبرين )). .. الحمد للة وإلا كان حكمنا القراميط كمان !!

البدو أيضا أثاروا القلاقل ((خرج بنو هلال علي الحجاج فقتلوا منهم خلقا كثيرة و قطع بنو سالم الطريق علي الحجاج و أخذوا منهم عشرين الف بعير محملة قماش وبضائع ومال واسروا الرجال والنساء )).

(( ومنع (اى المعز ) القبط مما كان يعمل في يوم النيروز من صب المياة علي الناس في الطرقات ووقد النارفي تلك الليلة ومنعهم أيضا مما كان يعمل في ليلة الغطاس من نزول المراكب وضرب الخيام علي شاطيء النيل وهدد من يفعل ذلك بالشنق )).

خليفة المعز (الامير العزيز ))إتخذ لنفسه اول وزير من النصارى سنة 380 هجرية يدعي (نسطورس )وأول وزير يهودى يدعي( منشاة )علي الشام فكتبوا له (( بالذى أعز النصارى بنسطورس و أعز اليهود بمنشاة و أذل المسلمين بك الا رحمتهم وأزلت عنهم هذه المظالم )) .
ماذا فعل هذا الخليفة ((أمر بشنق الوزير نسطورس فشنق علي باب قصر الزمرد في ذلك اليوم ثم ارسل للشام بشنق منشاة علي باب قلعة الشام )).

هذه القصة ليست قصة طريفة وإنما تحمل جملة من المعاني التي لابد من تأملها لنفهم سلوك السلطة الغاشمة و كيف تبدل من توجهاتها في فعل لا يقوم به الا المختل عقليا وهم أغلبية بين الذين حكموا مصر وكسروا أهلها ... (( نكمل حديثنا غدا ))

#دفتر_إنكسار_أهلك_يامصر