النفط يعد من أقوي السلع الاستراتيجية التي تلعب دورًا هامًا على مدار التاريخ، فهو المحرك الرئيسي لآليات السياسة والاقتصاد في العالم، لأنه المصدر الأساسي للطاقة الذي تقوم عليه الحياة الصناعية، لذلك لا تزال الصراعات قائمة من أجله حتى يجد العالم مصادر بديلة للطاقة.

ويعد التغيير في سعر النفط تغييرًا في النظام الاقتصادي العالمي، حيث يمكن أن يؤدي الهبوط أو الارتفاع المفاجئ في أسعاره إلى دفع الأسواق العالمية إلى حالة من القلق، تتأثر الأسعار بشكل سريع بالأخبار السياسية والاقتصادية والتقلبات في الأسواق العالمية، فالنفط من أكثر السلع حساسية للتغييرات السياسية والتوترات الجيوسياسية.

كيف يتم تحديد سعر النفط؟
ونظرًا لأن النفط لا يزال المصدر الأساسي للطاقة حتى الآن فإن معدل الطلب على شرائه في جميع أنحاء العالم مرتفع، ولكن كيف يتم تحديد أسعاره؟

يعتبر النفط مثل أي سلعة أخرى تستند بشكل رئيسي على معدل العرض والطلب في السوق، بمعني أنه مع زيادة الطلب وانخفاض المعروض سوف يرتفع أسعار النفط ومع تراجع الطلب وارتفاع المعروض سوف تتراجع أسعاره.

معدل العرض
على مدار عقود طويلة كانت منظمة أوبك هي المسيطرة على أسواق النفط، حيث تعمل الدول المنتجة للنفط وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية معًا لتحديد أسعاره من خلال زيادة أو نقص الانتاج، ولكن في السنوات القليلة الأخيرة تراجعت هيمنة أوبك على سوق النفط مع ارتفاع انتاج النفط الصخري من الولايات المتحدة وروسيا.

شهد عام 2020 ارتفاعًا قياسيًا في المعروض النفطي تسبب في تهاوي أسعار النفط بأكثر من نصف قيمته، بسبب جائحة فيروس كورونا التي أجبرت دول العالم على إغلاق اقتصاداتها واتخاذ إجراءات صارمة للحد من تفشي الوباء، الأمر الذي كان له أثر سلبي على معدل الطلب النفطي في نفس الوقت الذي سجل فيه النفط الصخري أعلى مستوياته على الإطلاق ضخ أوبك، وبدلًا من تخفيض الانتاج رفعت أوبك وروسيا من انتاجها في ظل حرب الأسعار التي اشتعلت بينهما، مما أغرق الأسواق بالنفط الرخيص.

معدلات الطلب

إن النمو الاقتصادي ينعكس على أسواق النفط حيث يزداد معدل الطلب على شراءه، وبالتالي يعد المحرك الرئيسي للطلب على النفط هو الأداء الاقتصادي العالمي الذي يتمثل في الولايات المتحدة والصين وأوروبا، حيث تستهلك الثلاثة مجتمعة أكثر من 50 مليون برميل يوميًا، لذا فإن أي خلل في أدائها الاقتصادي سيكون له أثر ملحوظ على أسعار النفط.

التوترات الجيوسياسية
تؤثر التوترات الجيوسياسية في المناطق المنتجة للنفط خاصة منطقة الشرق الأوسط على أسعار النفط، فكثيرًا من الصراعات والحروب التي تُقام في المنطقة لغرض النفط، لذلك فهو عامل تقليديً بالنسبة للدول المنتجة.

الكوارث الطبيعية والأوبئة تؤثر أيضًا على الأسعار ولكن يعتمد ذلك على حجم الكارثة وموقعها، فعلي سبيل المثال، اعصار كاترينا الذي ضرب الولايات المتحدة أثر على معدل انتاج النفط الصخري بشكل كبير ومن ثم على أسعار النفط العالمية.

جائحة فيروس كورونا التي أصابت العالم بشلل تام أثرت على أسعار النفط بقوة حيث أدت إلى تراجع معدل الطلب بشكل حاد نتيجة لعمليات الإغلاق الواسعة والصارمة، وانخفض معدل الطلب في الربع الأول بنحو 5.6 مليون برميل يوميًا عن العام السابق.

أسواق العقود الآجلة
يتم تحديد أسعار النفط في الأسواق الآجلة بناءً على توقعات المستثمرين للأحداث المستقبلية حيال الحياة السياسية والاقتصادية التي قد تؤثر على أسعار النفط، فعلي سبيل المثال، إذا توقع البعض حدوث موجة ثانية من جائحة فيروس كورونا سيؤدي ذلك إلى انخفاض الطلب على النفط بشكل كبير.