بقلم – روماني صبري 
 
لكم اصبح العالم شديد الوقاحة والدناءة، كونه زخر بهؤلاء الذين يدمرون مشاعر الآخرين عامدين كونهم يؤمنون أن ذلك طبيعيا ومألوفا، فينزلون الرعب بقلوبهم، فيجعلونهم يشتهون الموت، حتى يبدو كل شيء في أعينهم كريها كئيبا، فنراهم يعبرون عما الم بهم وجثم على صدورهم بقلوب ممزقة حزينة، ما يجعلنا نشعر بالخزي والعار حين يتحدث احدهم عن الإنسانية ، فملاعين البشر يجورون على حرية غيرهم، ولنستشهد بتنظيم "داعش" الإرهابي، الذي اختطف النساء وشرع في اغتصابهن وبيعهن في أسواق النخاسة، لكن يظل الانكى من كل ذلك اعتباره أن مثل هذه الجرائم تضمن له الجنة!، لذلك أصاب "دوستويفسكي" الأديب الروسي عندما قال في روايته "الفقراء" : يقال أحيانا أن الإنسان حيوان كاسر إلا أن في هذا القول إهانة للحيوانات لا داعي لها فالحيوانات لا تبلغ مبلغ البشر في القسوة أبدا وهى لا تتفنن في قسوتها تفنن الإنسان." 
 
اغتيال طفولة الغير طمعا في الجنة 
في احد الأيام عصفت تجربة مريرة بالطفلة الأيزيدية ليلى عيدو، صاحبة العشر أعوام، حين اختطفها مقاتلي داعش، فاعتبروها أسيرة وأرغموها على الزواج في هذا السن الصغير من أحد عناصر التنظيم، لتصبح كحال غيرها من آلاف الفتيات والنساء الأيزيديات اللواتي خطفهن التنظيم عام 2014 ، بعدما نفذ هجوم استهدف منطقة سنجار شمال العراق، وراح يغتصبهن ويعاملهن معاملة السبايا، لتعيش سنوات في  كنف القهر والخوف، حتى تم تحريرها العام الماضي بعدما نجحت قوات سوريا الديمقراطية من السيطرة على أخر معاقل داعش  بمنطقة الباغوز شرق سوريا.
 
بعد ذلك وضعتها القوات في مخيم الهول الذي يزخر بـ "داعشيات"، وخلال هذه الفترة تمكنت من التواصل تدريجيا مع أهلها بعيدا عن أعين مراقبات المخيم، وبعد انقضاء عام من وجودها في الهول، علمت القوات الكردية التي تشرف على الهول بهوية ليلى الأيزيدية، فسلمتها إلى "البيت الأيزيدي"، وهي منظمة في شمال شرق سوريا معنية بإعادة المخطوفات الأيزيديات إلى عائلاتهن.
 
وفي تصريحات لها لفرانس برس قالت ليلى :" بعدما تحدثت مع أهلي، قالوا لي عليك العودة إلى المنزل وإنهم في انتظاري، لكن للأسف كان تفشى فيروس كورونا في البلاد وتسبب في إغلاق الطريق،   تقصد المعبر الحدودي مع العراق الذي أغلق من الجانبين على خلفية إجراءات التصدي للفيروس، في النهاية عادت الشابة التي اختطفت طفلة شابة على أهلها بالعراق بعدما قضت سنوات في كنف تنظيم إرهابي.
 
وكشف ناشط أيزيدي لفرانس برس، إن "ليلى وصلت معبر فيشخابور العراقي مع ناجية أيزيدية أخرى اسمها رونيا فيصل، وأكد المسؤول في "البيت الإيزيدي" محمد رشو أن "الفتاتين دخلتا عبر معبر زملكا بعدما طلبنا من الإدارة الذاتية وحكومة إقليم كردستان إدخالهما، وقد وصلتا إلى عائلتيهما".
 
مقتل رأس التنظيم لا يعني شيئا  
وبعد مقتل أبو بكر البغدادي زعيم داعش، في عملية عسكرية مشتركة بين "قسد" وواشنطن ، بالقرب من إحدى القواعد العسكرية التركية بالريف الشمالي بمحافظة إدلب السورية، والذي كان مطلوبا من العراقيين وليس الأمريكان فقط، رأت بعض ضحايا الاغتصاب من الأيزيديات أن تصفية رأس التنظيم لا يعني شيئا  ما لم يتم معاقبة مقاتليه الذين نفذوا عمليات الاغتصاب والانتهاكات .
 
داعش على قيد الحياة
وقالت أخرى :" نحن سعداء بمقتل أبو بكر البغدادي، لكن داعش لا يزال على قيد الحياة،  داعش الذي قام بقتل والدتي وأفراد عائلتي  في قريتنا مازالوا هناك، بعضهم في تركيا والبعض الآخر في السجن دون أن يتم القصاص منهم" 
 
وتقول ضحية ثالثة :" بعد مقتله، لن يعرفنا الخوف ولن نكون، لسنا خائفين بعد الآن ولن نكون،  لكننا نتمنى لو قتلناه بأيدينا وهو الأمر الذي سيجعلنا أكثر ارتياحا ." 
 
اغتصاب وتعذيب وتنكيل 
ولا ننسى نادية مراد باسي طه الناشطة الايزيدية العراقية من قرية كوجو في قضاء سنجار، والتي اختيرت عام 2016 سفيرة الأمم المتحدة للنوايا الحسنة وحصلت على جائزة نوبل للسلام في 2018، وهي من إحدى ضحايا تنظيم داعش، الذي اختطفها وجعلها سبية بعد أن تمكن من احتلال منطقتها وقتل أهلها في القرية من بينهم أمها و 6 من أخواتها، لكنها نجحت في الهروب لوجهة آمنة قبل ترحيلها إلى ألمانيا لتخضع للعلاج من الأذى الجسدي والنفسي الذي تعرضت له من قبل مقاتلي التنظيم، حيث كانوا يغتصبونها ويعذبونها وينكلون بها، وكانت حلت ضيفة في عدة مقابلات تلفزيونية ولقاءات دبلوماسية منها لقائها الهام مع مجلس الأمن الدولي، ولقاءها مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.