د.ماجد عزت إسرائيل

 من الجدير بالذكر أن هذه الأيام يشهد العالم كله استنفار لمواجهة جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19)، الذي حصد الآف الضحايا، ولذلك  لجأت الحكومات في شتى أرجاء العالم لتدابير جديدة إلى جانب تقديم إرشادات رسمية. كما أن أديرة وكنائس العالم فتحت أبوابها للشعب بشرط تنفيذ الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا (كوفيد19) منها التباعد واستخدام المطهرات، وارتداء القفازات والكمامات المعقمة وغيرها. وعلى شاكلة هذه الأوضاع علق صاحب القداسة‏ ‏البابا‏ ‏تواضروس‏ ‏الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية من خلال تصريحات خاصة لجريدة "وطني"، حيث ذكر قائلاً: إلغاء‏ ‏الماستير- معلقة كبيرة تستخدم في التناول-‏ قد يحدث، لكننا لم نتباحث حوله خلال  اجتماعات اللجنة الدائمة للمجمع المقدس."، وعقب هذا التصريح بدأ الهجوم والحرب الإعلامية على قداسته عبر بعض مواقع التواصل الاجتماعي. كما لا ننكر أن هناك مئات الآلاف من المؤيّدين لقداسته في ظل جائحة كورونا،وفي السطور التالية بهدوء... نناقش حرب الماستير....والطريق إلى الطريق إلى الإصلاح القبطي.
 
الماستير
   الماستير أو المعلقة الكبيرة تعد من أدوات وأواني المذبح  وهي من الوسائل المعينة لصلاة القداس الإلهي. وقد أدخلت المعلقة الكبيرة أو الماستير في القرن السادس الميلادي عند الأقباط والأروام والسريان،وكان التناول من الكأس مباشرة ولا يستعملها حاليًا الأرمن ولا السريان ولا النساطرة ولا الموارنة ولا الكنيسة الغربية. 
 
   فعقب إدلاء صاحب القداسة البابا تواضروس الثاني بتصريحات لجريدة  وطني على  ما تم تداوله عبر  بعض مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص المطالبة‏ ‏بإلغاء‏ استخدام ‏الماستير ‏عند‏ ‏التناول،بعد عودة الصلاة بالكنائس. فذكر قداسته قائلاً:" إلغاء‏ ‏الماستير قد يحدث، لكننا لم نتباحث حوله خلال اجتماعات اللجنة الدائمة للمجمع المقدس." وعلق قداسته قائلاً:"خلال الأزمات الصحية يقوم الكهنة بتناول المرضى دون ‏‏استخدام‏ ‏الماستير‏، ‏وفي إطار الأزمة الصحية التي تعيشها البلاد بسبب فيروس كورونا، قد نطرح هذا للمناقشة، وذلك كون الديانة المسيحية لا تعرف الجمود، وطقوسها لا تستند إلى أفكار ولكن تستمد من الآباء ومن إرشاد الروح القدس الذي يعمل فينا. كما ذكر قداسته قائلاً: "مفيش ما يمنع من الاعتماد على ما يخلص إليه العقل والتطور لتسيير شؤون الكنيسة طالما لن نمس العقيدة وجوهر إيمانناً الأرثوذكسي المستقيم".
 
   على أية حال، إدلاء قداسة البابا تواضروس الثاني بهذا الحديث الخاص بـــ "إلغاء الماستير" دفع  المعارضين للإصلاح بالهجوم على قداسته كالعادة فاستخدموا العديد من الصفحات القبطية الموجودة على مواقع التواصل الاجتماعي للهجوم على قداسته وبعض آباء الكنيسة المستنيرين، نذكر من هذه الصفحات على سبيل المثال وليس الحصر صفحة رابطة حماة الايمان،وصفحة الصخرة الأرثوذكسية،وصفحة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية إلى أين؟، صفحة موقع مسيحيو مصر، صفحة أبناء البابا شنودة الثالث بفرجينيا والتعليم القبطي الأرثوذكسي المستقيم، وصفحة صوت المسيحي الحر مريم راجي،وصفحة عضمــة زرقــا، وصفحة تاريخ الأقباط المنسي،وصفحة ماري ملاك صادق، وصفحة قناة المسيح.. بالإضافة للعديد من صفحات بعض الشخصيات القبطية.
 
   والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ...هل استخدم السيد المسيح الماستير عندما أساس سر الإفخارستيا(التناول)؟ هل كان الماستير يتم استخدامه زمن وحدة الكنيسة أى قبل القرن الخامس الميلادي؟... وهل قرر قداسة البابا البابا تواضروس الثانى إلغاء الماستير؟ أو أن هذا الأمر طىء الدراسة والمناقشة بالمجمع المقدس؟. أم أن الخلاصة للموضوع الماستير الهجوم على البابا وقراراته دون مناقشة؟  "مَنْ هُوَ حَكِيمٌ وَعَالِمٌ بَيْنَكُمْ، فَلْيُرِ أَعْمَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ الْحَسَنِ فِي وَدَاعَةِ الْحِكْمَةِ." (يع 3: 13). نحتاج للحكمة والتصرف الحسن والمعرفة والدراسة... لماذا لانطرح موضوع الماستير للدراسة من حيث تاريخ ومراحل تطور استخدامه ضمن أواني المذبح في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.   
 
  هنا لابد أن نؤكد على أن هناك ملايين من عامة الأقباط من مؤيدي الإصلاحات التى يقوم بها قداسة البابا تواضروس الثاني داخل الكنيسة القبطية. وربما اعتقد أن قداسته عندما يتخذ أمر ما يقوم بمناقشته بالمجمع المقدس، لأن كنيستنا القبطية تتميز بمسحة ديمقراطية لا تخلو منها عملية صنع القرار في هذه المؤسسة الدينية، فعلى الرغم من احتلال البابا قمة الهرم القيادي في المؤسسة الكنيسة،وما له من قداسة دينية، إلا أنه لا يستطيع الانفراد باتخاذ القرار. فقداسة البابا عندما يتخذ قرار ما  فمن أجل شعب الكنيسة ومن أجل مصلحة المجتمع والوطن الذي نعيش فيه. وأخيراً، نتمنى لصاحب القداسة البابا تواضروس الثانى كل التوفيق والنجاح .. من أجل بناء وإصلاح وتجديد وتقوية روابط الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.