عبد المنعم بدوى
ذهبت أمس الى ميدان التحرير ، لركوب مترو الأنفاق ، فى طريقى لعودتى الى منزلى بالمعادى ... الميدان أصبح غاية فى الجمال والروعه ، مسله فرعونيه فى المنتصف تحكى للأبناء تاريخ الجدود ، والعمارات ومجمع التحرير تم طلائهم ، والنخيل والأشجار فى كل مكان ، والأضاءه الخلابه للميدان .

ثم توجهت الى محطة المترو أسفل الميدان لركوب المترو ، لاحظت أن جميع أبواب الدخول الى المحطه لازالت مغلقه ، وعدد محدود وضيق هو المتاح للجمهور مثلما كان قبل التطوير والتجميل ، فضلا عن أجهزة الأستشعار مازالت موجوده .

سألت نفسى : ماقيمة تجميل وتطوير الميدان ، إذ لم يمكننا ذلك من إزالة المتاريس وفتح الأبواب ، وعودة الحياه الطبيعيه لمحطات المترو والمناطق المحيطه بالميدان ، مثل الكتل الأسمنتيه فى ميدان بوليفار ، والمتاريس أمام كنيسة قصر الدوباره ، والحواجز الأمنيه أمام المتحف المصرى ... كنت أظن أنه مع مشروع تطوير وتجميل الميدان كان سيتم أزالة كل هذه التشوهات .

إن مشروع التجميل والتطوير هذا لم يطمئننى كمواطن على مستقبلى ومستقبل أبنائى ، هى مشاريع لخدمة الحاضر وتجميله ، ونحن لايمكن أن نجمل الحاضر ونطوره دون أن نرى المستقبل بوضوح .

بإختصار هذه المشاريع لن تمكننا من العيش فى أمان وأنعدام الخوف ، هل ستمكننا من أزالة المتاريس من أمام أقسام الشرطه والأماكن الحيويه ، هل ستمكننا من دخول الجماهير ملاعب كرة القدم ، هل ستمكننا من فتح جميع أبواب محطات المترو ؟؟؟

الحضاره والتجميل والتقدم ليس بالمدن الجديده أو بالكبارى أو بالطرق أو بالقصور أو بالأبراج أو بالمسلات أو بأعادة طلاء العمارات .... التحضر والتقدم هو بالأنسان المتحضر الأنسان الراقى ، والأنسان يتحضر ويرقى عندما يعيش كأنسان كما خلقه الله بالحريه والكرامه والأنسانيه والأمن والأمان ، وأمامنا الأنسان فى أمريكا وأوروبا يكافح ويقاوم بضراوه للحصول على حقوقه الأنسانيه ورفضه للعنصريه والتعصب ، رغم المدن الجديده والنظيفه والراقيه التى يعيش فيها .

عندما جاء المسيح قال " ليس بالخبز وحده يحيا الأنسان " ومن قبله بكثير ومنذ أيام أرسطو وأفلاطون والفلاح الفصيح والأنسان يدرك ويطالب بالغذاء لجسده وروحه معا .