عبد المنعم بدوى
عرفنا من أبائنا ونحن صغار ، أن مصطفى النحاس كان زعيما للأغلبيه بلا منازع ، ظل مصطفى النحاس فى الحكم حتى قام حريق القاهره الشهير فى 26 يناير 1952 ، وفى المساء أقيلت الحكومه تحت زريعة أن الحكومه قصرت عن حفظ النظام .

وبعد قيام ثورة يوليو وطرد الملك ، توقع الناس أن يعود مصطفى النحاس الى موقعه الطبيعى بحكم زعامته لحزب الأغلبيه ، وتطبيقا للمبدأ السادس من من مبادىء الثوره الذى يدعو الى إقامة حياه ديمقراطيه سليمه ، لكن تبين أن مفهوم الديمقراطيه عند قادة الثوره يختلف عن المفهوم الموروث عن الديمقراطيه ، والذى يتمثل فى الأحتكام الى أنتخابات حره نزيه ، وأحترام أراده الشعب أيا كانت النتائج .

لذلك قضى مصطفى النحاس باقى ستوات عمره سجينا فى بيته كالأسير فى ظل النظام الثورى ، يعانى مرارة الجحود ، والظلم ، والأهمال ، فالصحف ممنوعه من أن تذكر إسمه ولا أسماء رفاقه ، هل كان مصطفى النحاس يستحق هذا العذاب الذى وقع عليه ، وما هى جريمته ... إنه الصراع على الحكم والسلطه .

ذات يوم ، طرقت فتاه باب منزله ، وقالت أنها مندوبه التعداد العام للسكان ، وتريد الحصول على بيانات عن سكان هذا البيت ... أستقبلها الرجل بإبتسامه ، وبدأت الفتاه فى طرح الأسئله :

- إسم سيادتك
- مصطفى النحاس
- سيادتك بتشتغل إيه ؟
- هوه إنت يابنتى ماتعرفيش مصطفى النحاس كان بيشتغل إيه ؟
إرتبكت الفتاه ... ولم تفهم مغزى السؤال ، فسألها :
- إنت متخرجه منين ؟
- من كلية الآداب قسم تاريخ
- وإنت تدرسين تاريخ مصر ، ألم تسمعى عن رجل إسمه مصطفى النحاس
أحمر وجه الفتاه ، وكأنها تعتذر عن جريمه لم ترتكبها ، فطيب خاطرها حتى أنصرفت .

من المسئول عن أهمال تاريخ هذا الرعيل من زعماء الوطنيه المصريه ؟ ومن يملك حق أستمرار الحظر على تاريخ الزعماء فى مناهج التعليم وبرامج الأعلام .

إن التاريخ ليس ملكا لحكومه معينه ، وليس حكرا على نظام بعينه ، يعبث به كيف يشاء ، إن جريمه العدوان على التاريخ ، تدفع الأجيال اللاحقه ثمنها ، خصوصا عندما تكتشف الخدعه التى تعرضت لها ، فتكفر بكل ما يقال لها ، ، الناس تريد أن تعرف تاريخ زعمائها الذين جحدناهم احياء ... ونسيناهم أمواتا ، وهم بالمناسبه كثيرين جدا ..