خالد منتصر
هذا السؤال أسمعه كل ساعة تقريباً بعد أن طرحه الإعلام كحل سحرى للكورونا، ولكن المنهج العلمى الصحيح لا بد أن يعلمك دائماً الحذر والشك، وهذه هى الحقائق، فجأة تسبب تقرير تم تسريبه فى الأسبوع الماضى عن نتائج إيجابية من تجربة سريرية لـدواءremdesivir فى شيكاغو فى ارتفاع أسهم الشركة المصنعة، Gilead Sciences، بنسبة 14 فى المائة فى التداول، وأثارت صعوداً عاماً فى السوق فى آسيا وأوروبا.

لكن ما هو remdesivir؟
نشأ Remdesivir من تعاون للعثور على الأدوية المضادة للفيروسات خلال وباء الإيبولا فى غرب أفريقيا فى 2013-16 الذى شمل شركة جلياد، ومعهد البحوث الطبية للأمراض المعدية التابع للجيش الأمريكى والمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، وطريقة عمله هو أنه يعمل عن طريق تشويش الآلات الجزيئية التى تستخدمها بعض الفيروسات لبناء جيناتها أثناء تكاثرها، أعطت التجارب السريرية ضد فيروس الإيبولا أولاً فى غرب أفريقيا ثم فى جمهورية الكونغو الديمقراطية نتائج واعدة، لكن تلك النتائج لم تترجم إلى أرض الواقع وتم وضعها فى الأدراج قبل أن يتم تقييم الدواء بالكامل بشكل يرضى المنظمين الطبيين، وبقى الدواء غير مرخص فى كل مكان، فى ظل المتاهة التى دخلها العلماء وبحث العلماء فى خزاناتهم القديمة، لاحظ علماء الصيدلة الذين قاموا بمسح الأدوية الموجودة من أجل الفاعلية المحتملة ضد Covid-19 عن إمكانات محتملة فى remdesivir، لأن الفيروسات التاجية الجديدة تشترك فى ميزات مهمة مشتركة مع الإيبولا. يحمل كلا الفيروسين جيناتهما فى سلسلة واحدة من الحمض النووى الريبى، منذ يناير، قام العلماء فى أنحاء عديدة من العالم بإجراء تجارب سريرية مع مرضى Covid-19، بدءاً من الصين، ولكن لم يقدم أى منهم حتى الآن دليلاً قاطعاً على الفاعلية، لكن ما هى النتائج التى خرجت من شيكاغو؟، قمة الإثارة الدرامية أنه فجأة وبين عشية وضحاها تحدث العالم كله عن الـ remdesivir، برغم أن ما نشر عن التجريب فى جامعة شيكاغو لم يتأت من أى كشف رسمى عن النتائج، ولكن من فيديو تم تسريبه إلى Stat، وهو منشور للرعاية الصحية، تحمست كاثلين مولان، أخصائية الأمراض المعدية فى المستشفى، لزملائها الأطباء حول فوائد الحقن اليومى للـremdesivir فى 125 مريضاً من Covid-19، وقالت د. مولان إن المرضى، ومعظمهم من المصابين بأمراض شديدة، قد تعافوا بسرعة من أعراض الحمى والجهاز التنفسى، وتم خروجهم جميعهم تقريباً فى أقل من أسبوع، وفقاً للإحصائيات، وأكدت أن الفيديو حقيقى لكنها رفضت التعليق أكثر.

تم التنبيه على كل من جلياد والمستشفى بتوخى الحذر، وقالت جامعة شيكاغو للطب «تم إصدار معلومات من منتدى داخلى لزملاء البحث بشأن العمل الجارى دون إذن»، وأضافت «إن التوصل إلى أى استنتاجات فى هذه المرحلة سابق لأوانه وغير سليم من الناحية العلمية».

ما الذى لا يزال غير مؤكد فى الدواء؟
الإجابة تقريباً كل شىء، حتى إذا تم تأكيد النتائج الإيجابية من شيكاغو عندما تم إصدارها رسمياً، ربما فى وقت لاحق من هذا الشهر، فإن المتشككين سيشيرون إلى أن هذا هو ما يسميه الباحثون «تجربة التسمية المفتوحة» التى يعرف فيها الجميع أن ريميسيفير يتم حقنه فقط، الفيصل النهائى عندما ستأتى أدلة صحيحة إحصائياً من «الدراسات العشوائية الكبيرة» التى تجريها جلياد مع المتعاونين الطبيين حول العالم، فى هذه التجارب، ينقسم المرضى عشوائياً إلى مجموعتين، واحدة تتلقى remdesivir والأخرى دواء وهمياً يبدو متشابهاً، ولكنه يحتوى على مكونات غير نشطة وغير فعالة، هذا ما يسمى الدراسات مزدوجة التعمية، وهذا يعنى أن المحققين التجريبيين والمشاركين لن يعرفوا من يتلقى العلاج الوهمى أو الحقيقى.

حتى لو أعطى remdesivir نتائج إيجابية فى هذه التجارب ذات الشواهد، ستبقى أسئلة حول ما إذا كان Gilead يمكنه إنتاج ما يكفى من remdesivir لتلبية ما سيكون عليه طلب ضخم فى جميع أنحاء العالم، ومما هو جدير بالذكر أن جامعة إكسفورد تضم remdesivir فى تجربتها السريرية الكبيرة الحالية لاختبار فاعلية الأدوية الموجودة ضد Covid-19 ولكنها لم تتمكن من الحصول على الكميات.

كيف يقارن remdesivir مع العلاجات المحتملة الأخرى لـcovid-19؟
مع تكريس العالم موارد هائلة للمعركة ضد الفيروس التاجى، فإن أكثر من 100 دواء محتمل من Covid-19 فى مراحل مختلفة من الاختبار.

يعد Remdesivir من بين أكثر المرشحين الواعدين فى فئة مضادات الفيروسات، التى تهاجم الفيروس التاجى مباشرة، من المحتمل أن تكون هذه فعالة بشكل خاص فى المراحل المبكرة من المرض، عندما يتكاثر الفيروس بسرعة وتبدأ الأعراض فى الظهور.

تهدف الفئة الثانية من الأدوية إلى كبح الاستجابة المناعية المفرطة والالتهابات التى يمكن أن تضر بالرئتين والأعضاء الحيوية الأخرى فى المرضى الذين يعانون من مرض شديد أكثر تقدماً، يتم اختبار الأدوية المطورة لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدى واضطرابات المناعة الذاتية ضد Covid-19.
نقلا عن الوطن