مؤمن سلّام
الإخوان المسلمین أنواع ولیس كل من ترك التنظیم لم یعد من الإخوان المسلمین. على العكس من ذلك تماما، فالكثیرین تركوا التنظیم لأنهم یعتبرون أنفسهم إخوان وینتمون لفكر الإخوان أكثر من القائمین على الجماعة الآن. وهو من یعرف بإخواني الفكر. ولعلي أبدأ الكلام بصدمة للقارئ الغیر متابع للحركات الإسلامیة، بأن أخبرة أن الشیخ یوسف القرضاوي قد ترك تنظیم الإخوان في أوائل التسعینات، ورغم ذلك فهو اخواني الفكر حتى النخاع ومن اشد المعظمین لحسن البنا، والأكثر من ذلك فقد كان یحاول إقناع الشباب الذي یذهب إلیه شاكیا من سوء أحوال الجماعة واستبداد قادتها، بالبقاء في الجماعة ومحاولة إصلاحها من الداخل.

اكتب هذا الكلام الآن وقد طفت ظاهرة الخارجین من جماعة الإخوان على السطح وأصبح الخارجین منها تحت الأضواء، رغم أنها لیست ظاهرة جدیدة على الجماعة فهي قدیمة قدم الجماعة نفسها. إلا أن ظروف وصول الإخوان للحكم وهى جماعة سریة جعل الكثیرین یرغبون في معرفة خفایا هذا التنظیم وما یجرى خلف الكوالیس ولذلك كان تسلیط الضوء على الخارجین منها في محاولة لفهم هذا التنظیم السري.

ولذلك یجب أن نفرق جمیعا بین من یخرج من الجماعة لأسباب فكریة ترتبط بأفكار هذه الجماعة وبین من یتركها لأسباب إداریة تتعلق بطریقة عمل الجماعة ولیس فكرها. فالأول الذي یعترض على الأفكار المتطرفة لهذه الجماعة وممارستها الإرهابیة منذ نشأتها الأولى على ید حسن البنا وحتى الآن فهذا هو من ترك الجماعة حقا ولا یمكن أن نطلق علیة لقب إخواني سواء بالتنظیم أو الفكر.

أما الصنف الأخر فهو وان ترك التنظیم فانه مازال إخواني الفكر، ولو تغیر موقف القیادة منه أو تم دعوته للعودة للتنظیم وإجراء التغییرات أو الإصلاحات التى یراها مناسبة فلن یتردد لحظة في العودة للتنظیم. وأرى أن هذا النوع من الإخوان هو الأخطر فهو قادر على التلون وادعاء اللیبرالیة والاشتراكیة والحداثیة والوسطیة فینخدع فیه البسطاء خاصة وهم یسمعونه یهاجم تنظیم الإخوان وقادته فیظنون أنه لیس اخوانى وأنه ینتمي لمصر ولیس للفكر الإخواني الذي لا یؤمن بالوطن.

على المصریین في هذه اللحظة الدقیقة من تاریخ الأمة المصریة أن ینتبهوا لخطاب هؤلاء المدعین. وكشف أمر هؤلاء لیس بأمر صعب ولكنه أسهل مما یتخیل أي شخص. فكلامهم صریح في رفض قیادة الجماعة الحالیة لأنها أضرت بتاریخ الإخوان، وكلامهم صریح في الثناء على حسن البنا وفكرة، وكلامهم صریح في الدفاع عن تاریخ الإخوان باعتبارها جماعة مجاهدة مقاومة للاحتلال في تزویر فاضح للتاریخ. هؤلاء أخطر من إخوان التنظیم الذین فضحتهم ممارستهم الغبیة عندما وصلوا للسلطة فظهر وجههم القبیح في محاولة السیطرة على مصر وتغییر هویتها وإقصاء كل من عادهم.

إذا أردتم دلیل عملي على القول أن إخوان الفكر أخطر من إخوان التنظیم، انظروا إلى راشد الغنوشي التونسي. فالرجل كان على خلاف كبیر مع التنظیم العالمي للإخوان، وكان یسوق دائما على أنه دیمقراطي حداثي بل لعلة أول من نادى أن یكون شعار الإخوان هو المطالبة بالدیمقراطیة ولیس بالشریعة لأن الدیمقراطیة بالضرورة ستأتي بالإسلامیین للحكم. وكان له الكثیر من الآراء المتعلقة بالمرأة والدیمقراطیة والعلاقة بغیر المسلمین التى كانت تصنف على أنها وسطیة ومعتدلة. ورغم كل ذلك ما أن وصل للسلطة في تونس حتى ظهر وجهه الإخواني القبیح، فممارسات حزبه في تونس لا تقل سوء وتطرف وإرهاب عن ممارسة مرسي وجماعتة في مصر. وهاهو یحضر اجتماع التنظیم العالمي للإخوان في اسطنبول لدراسة كیفیة الرد على ثورة الشعب المصري في 30 یونیو، ومن الوسائل المطروحة للرد على ثورة 30 یونیو العمل على إحداث الانقسام في الجیش المصري والقیام بعملیات إرهابیة ضد الجیش والعمل على عزلة دولیا.

أیتها الأمة المصریة لا تنخدعي بكل من ترك الإخوان وتظني أنه لیس بإخواني ولكن استمعي لما یقول، فان كان ینتقد فكر الجماعة وفكر حسن البنا فهو بالفعل قد ترك الجماعة، أما إذا كان ینتقد طریقة عمل الجماعة وطریقة إدارة مكتب الإرشاد فهو إخواني الفكر فاحذریه.

July 17, 2013