بقلم : مؤمن سلام

دار حوار بيني وبين أحد الرهبان من عدة أشهر حول الأوضاع في مصر بعد 25 يناير. أتينا خلال الحوار على ذكر حركة شباب ماسبيرو، فأبدا الراهب اعتراضه على وجود حركة قبطية خالصة وأن هذا قد يؤدي إلى مشكلة أكبر للمسيحيين في مصر. فكان ردي على العكس أنا أرى أن هذا شيء جيد أن يكون هناك حركة قبطية خالصة مثل أن هناك حركات إسلامية خالصة وحركات نوبية وحركة أمازيغية فمن الطبيعي أن يكون هناك حركة قبطية تدافع عن حقوق الأقباط وتمارس الضغط السياسي على السلطة من أجل حصول الأقباط على حقوقهم مثل كل الدول الديمقراطية وأنه قد أن الأوان أن يتوقف الأقباط عن التصرف بطريقة "اللى على راسه بطحة" فالقبطي مواطن مصري له كافة الحقوق وعليه كافة الواجبات وعلى الأقباط أن يتصرفوا على هذا الأساس.
 
الحقيقة ظلت عبارة "توقفوا عن التصرف بطريقة اللى على راسه بطحة" تتردد في راسي على مدار هذه الشهور وأخذت أراجع كثير من مواقف وأقوال ووضع الأقباط فوجدت أن الكثير منها يقع تحت هذه العبارة وأن الأغلبية العظمى من الأقباط يتصرفون على هذا الأساس أنهم أقلية ويجب أن يأخذوا حذرهم وهم يتحركون ويتكلمون خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالشأن العام المصري.
 
نتفق جميعا أن أساس المشكلة الطائفية في مصر والتمييز الذي يتعرض له غير المسلمين السُنة في مصر وعلى رأسهم المسيحيين، يرجع إلى ظهور الحركات الأصولية في السبعينات والتي نشرت التعصب الديني وغذت خطاب الكراهية والعنصرية في الأمة المصرية لتفرقها وتفتتها. كما أن السلطة القائمة في مصر منذ السبعينات شاركت في هذه الجريمة بالصمت على أفعال وأقوال هذه الجماعات لتأخذ السلطة غير المسلمين رهينة لديها لتحافظ على كرسي الحكم وتجعلهم في حالة خوف دائم بان زوال سلطة السادات ومبارك سيعنى الذبح لغير المسلمين، ويتناسى أصحاب هذا الخطاب أن السادات هو من فتح الباب لإرهاب وتطرف هذه الجماعات وأن مبارك هو من تركها لتنمو وتترعرع وتكون الثروات وتخترق المؤسسات.
 
ولكن علينا أيضا أن نعترف أن هناك خطأ ارتكبه أقباط مصر ساهم في تفاقم المشكلة الطائفية، وهو الخوف والانزواء بعيدا عن العمل السياسي خوفا من اتهامهم بأن لهم أجندة دينية طائفية. فقد قبل أقباط مصر بالبقاء في الزاوية الضيقة التى دفعهم إليها النظام الحاكم في مصر مستخدما عصا الجماعات الإسلامية ولم يقاوموا هذا الحصار ويصروا على المشاركة السياسية والعمل العام المصري بصفتهم مواطنين مصريين كاملي الأهلية.
 
وبالتالي فجزء من حل المشكلة الطائفية في مصر والقضاء على التمييز الديني هو أن يشارك المصريين المسيحيين في الحياة العامة باعتبارهم مواطنين لهم الحق في المشاركة السياسية وأن يكون لهم رأى وكلمة في إدارة البلاد مثل أي مصري أخر، عليهم أن ينشطوا حتى نرى نسبة الأقباط من الزعماء السياسيين وقادة الرأي في مصر تتناسب مع نسبتهم من السكان، والتي للأسف لا يعلمها أحد كما لو كانت أحد أسرار الأمن القومي المصري. أتمنى أن يتخذ أقباط مصر موقف سلبي من كل الإجراءات التى تتعامل معهم باعتبارهم غير مواطنين وعلى رأسها الجلسات العرفية التى تعتبر إهانة للأقباط وللدولة وللقانون والإصرار على سيادة القانون ونفاذه فهذا ليس فقط في صالح الأقباط باعتبارهم مواطنين مصريين ولكن أيضا لصالح مصر ولبنة في بناء مصر الديمقراطية الحديثة. كما أتمنى أن يتخذ أقباط مصر موقف إيجابي بتكثيف مشاركتهم في العمل العام فعليهم ألا ينتظروا حزب أو دولة ليحتموا بها في عملهم السياسي أتمنى أن أرى الكثير من عماد جاد وجورج إسحاق يتحركون وينشطون باعتبارهم مواطنين مصريين لهم كافة الحقوق وعليهم كافة الواجبات،
ومافيش على راسهم باطحة.