كتبت – أماني موسى
توماس مور ويسمى بالقديس أيضًا، وُلد في 7 فبراير 1478 ، وتم إعدامه في 6 يوليو 1535، أحد أشهر الساسة والفلاسفة الإنجليز في القرن السادس عشر، والمعروف عنه نزاهته، وبعده عن الفساد، في عصر استشرى فيه الفساد في بريطانيا وقد قام البابا بيوس الثاني عشر بإدراج اسمه في قائمة القديسين، رغم أنه لم يكن رجل دين.. نورد بالسطور المقبلة بعض لمحات من حياته وسيرته وما تركه ورائه من إرث ثقافي وفكري كبير، ويعتبره الإنجليز واحدًا من أعظم الرجال في تاريخ الإنسانية.

سياسي ومؤلف وفيلسوف وقديس بحسب الكنيسة الكاثوليكية
السير توماس مور كان قائدًا سياسيًا ومؤلفًا وعالمًا إنجليزيًا، عاش في القرن 16، ينسب له مفهوم اليوتوبيا أو المدينة الفاضلة في كتابه "اليوتوبيا"، وهو بحسب الكنيسة الكاثوليكية قديس وشفيع للساسة والمحامين.

نشأته وحياته
وُلد توماس مور في مدينة لندن في 7 فبراير 1478، تلقى تعليمه في مدرسة القديس أنتوني، وأصبح محاميًا ناجحًا في عام 1501.
وفي عام 1510 تم تعيينه كنائب عمدة لمدينة لندن حتى عام 1518.

له عدة كتب ومؤلفات منها: كتاب "الإبجرامات أو المقطوعة اللاذعة" (1505)، "تاريخ الملك ريتشارد الثالث" (1513 - 1518)، و"اليوتوبيا" (1516) و"حوار متعلق بالبدع" (1529).


مستشار الملك ووزيرًا للعدل ثم السجن والتعذيب وقطع الرأس
وفي عام 1517 أصبح سكرتير ومستشار الملك هنري الثامن، ثم تدرج في المناصب، ففي عام 1523 انتخب كناطق باسم مجلس العموم، وفي عام 1529 أصبح وزيرًا للعدل، ولكنه استقال من منصبه في عام 1532 حينما لم يقبل طلاق الملك هنري الثامن من كاثرين، كما رفض قبول قانون السيادة. في عام 1534 اتهم بالخيانة العظمى وتم سجنه في لندن إلى أن نفذ فيه حكم الإعدام.

معارضته للزواج الثاني للملك
كان توماس مور من الرجال المخلصين للعرش لكن صدامات بينه وبين الملك هنري الثامن بدأت في الظهور بسبب فرض الملك لضرائب باهظة على الشعب، ما دفعه للإستقالة من البرلمان.

ثم عارض مور، طلاق الملك من زوجته كاترين لعجزها عن إنجاب ولي العهد، وزواجه بإحدى نساء البلاط الملكي تدعى آن بولين، وذلك بما يخالف قوانين الكنيسة، حتى وصل الخلاف ذروته عندما نصّب الملك هنري الثامن نفسه رئيسًا للكنيسة الكاثوليكية في إنجلترا، الأمر الذي رفضه توماس مور بشدّة، ورفض التوقيع على المراسيم الملكية والإذعان لإرادة هنري الثامن، وعلى هذا فقد سُجن لتنفيذ حكم الإعدام.

ماذا قال قبل إعدامه ولماذا قبّله الجلاد؟
وكانت آخر كلماته قبل تنفيذ حكم الإعدام عليه: "سأظل خادمًا للملك لكنني، قبله، خادم للرب"، وعندما صعد إلى المقصلة ووجد أنها ضعيفة توشك أن تنهار قال لجلاده: "أرجوك أيها الملازم أن تراعي أن أكون في أمان وأنا في أعلاها"، وطلب منه الجلاد الصفح والمغفرة، فاحتضنه مور.

تعليق رأسه على جسر لندن
ثم وضع رأسه على المقصلة، وسوى بعناية لحيته البيضاء الطويلة، حتى لا تتعرض لأي أذى وقال: "مما يؤسف له أنها سوف تقطع، وأنها لم ترتكب جريمة خيانة الدولة"، فقُطع رأسه وعٌّلق على جسر لندن عام 1535، وبعد أربعة قرون على استشهاده، أعلن البابا بيوس الحادي عشر، توماس مور قديسًا عام 1935.

شفيع الساسة والمحامين
منذ ذلك الوقت أصبح القديس توماس شفيع السياسيين المتمسك بمبادئه وإيمانه رافضًا التخلي عن قيمه وأخلاقه حتى لو كلّفه الأمر قطع رأسه، تاركًا السلطة والنفوذ والجاه والمكانة الإجتماعية المرموقة.

حفظ جثمانه ونقله للكنيسة الكاثوليكية في كانتربري
وبعد استشهاد، تسلَّمت إبنته جثته مقطوعة الرأس ومفرغة الأحشاء، وتم دفنه في برج لندن، في قبر بلا شاهد، بينما تم تثبيت رأسه على رمح فوق جسر لندن لمدة شهر.

وقامت إبنته الكبرى بحفظها لتتمكن من دفنها، وهي متواجدة الآن في كنيسة "سان دونستان" في كانتربري، ولا زال محفوظًا القميص الخشن الذي كان يرتديه تحت ثيابه.

تعيد له الكنيسة في 22 يونيو من كل عام

وهو بذلك يعد فيلسوف وروائي وشاعر ومُربي ولاهوتي ومؤرخ ورجل دولة ورجل قانون، ترى فيه الكنيسة شخصًا تمسك بالمبادئ على حساب الموائمات والتوازنات السياسية، وتعيد له الكنيسة الكاثوليكية في 22 يونيو من كل عام.