بقلم – روماني صبري 
 
"القرن الواحد والعشرون – بدون ذكر أسماء" 
ليس سيئا في وقتنا الحالي، أن نذكر واقعة ضجت بها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، كونها عكست انه لكم تزخر أرواح الكثير مما يسمون أنفسهم بـ" النخبة الثقافية"، بالتطرف وكراهية الآخر، كما هي أرواح المتشددين الذين لطالما صاحوا بصوتهم الاعتيادي قائلين :" الفنون كفر، مثلها مثل التفكير، فإذا بنا نجد أنفسنا  منذ يومان نحن الذين نؤمن انه يحق لكل إنسان التعبير عن أفكاره لاسيما كانت تناهض قمع  وقتل الإنسان وتدعو إلى إطلاق سراحه عبر "القلم" حتى يثب من أريكة الجهل والعنصرية  صناعة المتشددون والتي تجعله يرى نفسه مميزا عن الآخرون، كون الله خلقه مؤمنا، أما كل من يعتنقون دينا غير دينه فهم في نظره كفار ووجب قتلهم وكذا حتى لو كان إنسانا على نفس دينه لا يشاركه التعصب، فإذا بنا نجد (ممثل) يقول إنها المرة الأولى التي يظهر فيها المصريون الفرح لموت إنسان .. من تعليق لأحد الكتاب في ذكرى "نفوق"، "فرج فودة.
 
 وليحسن هذا الممثل من صورته أمام الغاضبون الذين رأوا فيه ممثلا متطرفا، راح يزيد الطين بلة كما يقول القول المأثور، بتشبيه الكاتب والمفكر فرج فودة بالتكفيريين وان مرجعيته الأزهر وطالما كفر الأزهر الرجل في الماضي فهو أيضا يراه كافرا حتى لو انتهت حياته على أيدي الجماعات الإسلامية التي يناهضها !، خلاصة القول هنا، وحتى نواجه الحقيقة دون أن نغمض أعيننا، المجتمع يواجه كارثة، هذه الأفكار لكم تستطيع الفتك بعقول الصغار وهم في مرحلة بناء أدمغتهم ، ومرد ذلك توافقها مع أفكار المتشددون من الجماعات التكفيرية، والتي يقاتل عناصرها ضد "الجيش الوطني المصري العملاق" في سيناء، حتى تستحيل إلى إمارة، وبالطبع نؤمن أشد الثقة أن الجيش الذي انتصر على إسرائيل، سينهي المعركة لصالحه في النهاية.
 
اختار هذا الممثل توقيتا مثاليا بالنسبة له حتى يخرج ما يدسه في عقله من أفكار متطرفة، حيث خرج ليبيض وجهه قائلا :" انأ أشارك في مسلسل وطني يرصد بطولات جيشنا ضد التكفيريين في رمضان، ذكرني بالذين طالبوا بقتل الأديب المصري نجيب محفوظ ردا على ما كتبه في روايته أولاد حارتنا كونه ترجم معاناة البشر الضعفاء،فاخذوا يقولون " وجب قتل الرجل ... الأديب الكافر يتحدث عن الذات الإلهية مجسدا إياها في إحدى شخصيات الرواية، من المؤكد أن هذا الممثل لا يعي مرارة الشعور بفقد الأحباء، فقط الذين عاشوا التجربة كأبناء الراحل فرج فودة، الذين لازالوا يتكبدون مرارة هذه الجريمة.
 
"تسعينيات القرن الماضي" 
مفتي الجماعة الإسلامية الشيخ عمر عبد الرحمن مختصا عدد من عناصر الجماعة : فلنهدر دم نجيب محفوظ عقابا على روايته "أولاد حارتنا" .. أرسلوا من ينفذ الأمر .
 
: فليكن ما قلت يا أمير 
 
"14 أكتوبر عام 1994- يوم تنفيذ الفتوى "
محفوظ يستقل سيارة صديقه الطبيب البيطري محمد فتحي، وإذا به يجد التكفيري محمد ناجي يهجم عليه ويغمد سلاحه الأبيض برقبته عدة مرات حتى أصاب شريان رئيسي، ليتدارك صديقه مع حدث فيسرع به إلى مستشفى الشرطة بالعجوزة، فيقيم فيها محفوظ عدة أسابيع حتى اجتاز المرحلة الخطر.
 
اعتقد أن هذه الحادثة الشهيرة كشفت لكم يتمتع هذا الممثل بروح التكفيريين، فعقولهم في النهاية ترحب بموت الآخرين من الذين احكموا عقولهم في تفسيرهم للأشياء ورفضوا معادة الأخر، والإثم من وجه نظري هو أن تشمت في موت شخص لم تراه على ارض الواقع، لم تحتسي معه الشاي، لا تربطكم قرابة الدم، لم تجني منه الخديعة، ورغم ذلك تستبد بك الغبطة والسرور الشديدان لقتله كون أفكارك تخالف أفكاره !، فالتكفيري محمد ناجي لم يلتقي محفوظ قبل محاولة اغتياله وكذا هذا الممثل لم يعاشر فرج فودة  .. هذه الأفكار ليست لسعات نحل، هذه الأفكار جريمة لاسيما حين ينطق بها ممثل، الم يحذرنا فرج من فودة من تبعات هذه الأفكار مرارا ومرارا ؟!.. لذلك قال في مقدمة كتابه "نكون أو لا نكون" :
إهداء....
إلي زملاء أبني الصغير أحمد الذين رفضوا حضور عيد ميلاده تصديقاً لأقوال أبائهم عني....إليهم حين يكبرون ويقرأون ويدركون أنني دافعت عنهم وعن مستقبلهم ، وان ما فعلوه كان أقصي علي من رصاص جيل أبائهم.
 
يقولون نحن نناهض تطرف المتشددون، بالفعل هم لا يتعانقون معهم ولا يقبل بعضهم بعضا، ولا تجمعهم موائد العشاء، لكنهم بمثل هذه التصريحات يبرهنون لنا أنهم ذات يوما قريبا سيمشون على أمشاط أقدامهم صوب منازلهم حتى يحملون السلاح معهم كما فعل هشام عشماوي ضابط الجيش المصري الذي سرعان ما استحال إلى تكفيري يقاتل جنوده أصدقاءه سابقا كونهم أقنعوه انه يجب أن يعرفه التعصب تجاه كل من يختلف معه حتى لو كان ابن دينه، وقد لا يحدث هذا ويبقون على حالهم حتى يودعون الحياة، لذلك وجب على الدولة توخي الحذر من هؤلاء، فحديثهم يشبه طعنات الخناجر، وسنظل نتذكر دائما ما تتفوه به ألسنتهم باشمئزاز، فليس أسخف ولا أحقر من أن يبدي أنسانا رضاه عن قتل إنسانا لا يعرفه، إنسانا لم يطالب بقطع رقبته أو سلب أمواله ... اكرر ذلك، أنسانا كل ما طالب به في حياته أن يزخر المجتمع بحب و قبول الآخر ، حتى حين يوجه احدهم التحية لآخر قائلا صباح الخير، يرد الأخير عليه صباح النور ، لا أن يخيفه ويعنفه، ويقدم له نفسه على انه من المستحيل أن يرد هذا السلام كونه سلاما يخص الكفار، كما تعلم في مدارس المتشددون، ولنتذكر الممثل حسين صدقي الذي على حين فجأة صاح يكفر الفنانين ويطالب بحرق أفلامه، ومرد ذلك ان بذرة التطرف كانت نمت بروحه، فاستحال إلى شخصا حانقا تتأجج نيران التعصب داخله، لذلك فلنحمد الله على ان الرجل لم يستل سلاحا واكتفى بتصريحاته. 
 
"إن المستقبل يصنعه القلم لا السواك، والعمل لا الاعتزال، والعقل لا الدروشة ، والمنطق لا الرصاص – د. فرج فودة."