فشلت تجربته أكثر من مرة.. وطارد حلمه حتى حققه
 
كتب – نعيم يوسف
بينما يضج العالم بالحروب في كل جانب، تنتعش صناعة الأسلحة بشكل كبير، بل يقول البعض إنها السبب في صناعة الحروب والفتن نفسها، وقد لا تختلف هذه النظرية مع قصة صناعة السلاح الناري نفسه، والذي اعتمد صاحبه على الحرب لرواج تجارته.. إنه المخترع الأمريكي صمويل كولت.
 
بدايه حبه للأسلحة
في 19 يوليو عام 1814، ولد صمويل كولت في هارتفورد كونيتيكت، وكان والده لديه مصنعًا للغزل والنسيج، وجده يعمل ضابطا في الجيش، وكان الطفل "صمويل"، محبا للقراءة عن البارود وصناعته منذ سن الحادية عشرة.
 
صناعة السلاح المستحيل
ذات يوم، سمع "صمويل"، اثنين من الجنود يتبادلان أطراف الحديث بشأن الأسلحة في ذك الوقت، ويتحدثون عن نجاح بندقية بسبطانتين وعن استحالة وجود بندقية تطلق النار خمس أو ست مرات دون إعادة تعبئتها، وقد قرر كولت أن يصنع "البندقية المستحيلة"، واستفاد من عمله مع والده في المصنع الذي يمتلكه من خبرات التصنيع، وعمال المصانع، وطرق الوصول للمواد الخام، وغيرها من مستلزمات التصنيع، وقد جاءت له فكرة المسدس ذا العجلة الدوارة، أثناء رحلته إلى "كالكوتا" على حدود سجن كورفو حيث لاحظ بإنه بغض النظر عن أي اتجاه كانت تدورعجلة السفينة فإن كل عجلة تصنع بخط مستقيم مع قابض صنع للامساك بها.
تجارب الفشل.. بداية النجاح
بعد عودته إلى الولايات المتحدة، حاول الحصول على تمويل من والده لصناعة اختراعه، وبالفعل موله، وأنتج سلاحين هما عبارة عن بندقية ومسدس، وعندما حان وقت تجربة المسدس، انفجر فيه البارود، رغم أدائه الجيد، فامتنع والده عن تمويله، فطلب استشارة قانونية من صديق والده المحامي هنري ليفيت إلزويرث، والذي قد أعاره 300 دولار، ونصحه بطلب الحصول على براءة اختراع.
 
عام 1835، سافر "صمويل كولت" إلى بريطانيا للحصول على براءة اختراع، وبالفعل استطاع إقناعهم بذلك رغم عدم حماسهم لمنحه براءة الاختراع، وعندما عاد للولايات المتحدة الأمريكية طلب الحصول على براءة اختراع أخرى، فحصل عليها.
 
بعد أن أصبح اختراعه الذي حلم به طوال حياته واقعا حيا بين يديه، بدأ في التفكير في صناعة الأسلحة، ولكنه صُدم بضربة موجعة في بداية مشواره، حيث كان أول مشروعين تجاريين لكولت هما إنتاج الأسلحة النارية في مدينة باترسون بولاية نيوجيرسي وصناعة الألغام التي تعمل تحت الماء إلا أنّ هذين المشروعين بائا بخيبة أمل ولم ينجحا.
 
لم ييأس "كولت"، وظل يطارد حلمه، وسنحت له فرصة ذهبية عندما طلب تكساس رينجرز عام 1847، الحصول على 1000 مسدس أثناء الحرب الأمريكية مع المكسيك.
 
الاستفادة من الثورة الصناعية
استخدم "كولت" طرق تصنيع سائدة في مقدمة الثورة الصناعية، وقد ساعده استخدامه للأجزاء القابلة للتبديل لأن يصبح واحدا من أول من أستغل خط التجميع، وعلاوة على ذلك فإن إستخدامه المبتكر للفن وحصوله على موافقة المشاهير وإعطائه هدايا للشركات لترويج بضاعته قد جعلت منه رائدا في مجال الإعلانات ووضع المنتج والتسويق الشامل.
 
استغلال ظروف الحرب
ظهرت الحاجة إلى الأسلحة النارية وأهميتها، في وقت لاحق، وخاصة في الحرب الأهلية الأمريكية، حيث استطع "كولت" تغذية الشمال والجنوب بالأسلحة، وفي عام 1859 فكر كولت ببناء مصنع أسلحة في الجنوب و في أواخر عام 1861 تم بيع 2000 مسدس لوكيل الكونفدرالية جون فورسيث.
زواجه وعلاقته بالماسونية
تزوج "كولت" من إليزابيت جارفيس كولت، وأنجب منها كالدويل هارت كولت، وكان ينتمي إلى منظمة الماسونية العالمية -كما تذكر عنه موسوعة ويكيبيديا على الإنترنت-.
 
وفاته ووصيته
في 10 يناير عام 1862، توفى كولت، بمرض النقرس، ودفن في مقبرة سيدرا هيل، ترك كولت عقاراته لزوجته وابنه كالدويل هارت كولت البالغ من العمر ثلاث سنوات، حيث تقدر قيمتها حوال 15 مليون دولار، وكان يعتبر وقتها من أغنى أغنياء أمريكا، والشخص الأخر الوحيد الذي ذكره كولت في وصيته كان صمويل كولت كالدويل ابن أخيه جون، وتشير التقديرات إلى أنه في السنوات ال25ـ الأولى من التصنيع، قامت شركة كولت بإنتاج أكثر من 400,000 مسدس.