بقلم فادى يوسف 

على صفحات جريدة كاريزما المنتشرة بالولايات المتحدة الأمريكية عدد مايو ٢٠٢٠
أحب أعرف آرائكم هتعملوا ايه لو بكره نهاية العالم؟!!
 
لم يخطر ببال أحدنا حتى أن يفكر بالأشياء التي قد يفعلها إن علم أن نهاية العالم قد تكون غداً مجرد نوع من الدندنة يشبه روايات الفانتازيا حيث نفترض أشياء لا تحدث في الغالب كأن يهبط الفضائيون ويحتلوا الأرض ويعتقل الإنسان الآلي الإنسان العادي ويحارب العالم فيروساً قاتلاً يقضي على عدد كبير من البشرية ويجلس الناس في بيوتهم وتغلق الحدود بين كل دول العالم.. 
 
صارت الفانتازيا حقيقة لو بكره نهاية العالم؟ سؤالاً يستحق الوقوف عنده لو بكره نهاية العالم نفسه؟ أو على الأقل، لو بكره نهاية العالم بالنسبة لأحدنا؟
 
على الأرجح لو بكره نهاية العالم كنت سأندم أولاً على ترك الذين أحبهم دون عناق ولم يكن يخطر ببالي أن يأتي علينا وقت تحظر فيه الأحضان أو الربت على الأيدي سأطلب منهم الصفح عني سأستأذن الفيروس سأعقم يدي وأعقم أيديهم وأمسح وجوههم بمنديل مبلل مضاد للبكتيريا وأضمهم في حضن طويل لا تبدو له نهاية
 
كنت سأقول لعدد غير قليل من الناس إنني أحبهم سأخبر الفتاة التي رأيتها وحيدة في المقهى وعلى وجهها ألف علامة للحزن إنني بإمكاني سماعها سأعدها أن أسمعها ثم أنصرف ولن تراني ثانية ربما في نهاية اللقاء كنت سأقول لها: أحبك كنت سأخبر الشاب الذي بالمقهى أن كل شيءٍ سيمضي كنت سأطلب من العجوز الذي بالطاولة المقابلة أن نتناول غداءنا معاً ما دام كل منا وحده وأسمع منه خلاصة عمره وعبرة حياته وشكواه من ألم المفاصل.
 
لو بكره نهاية العالم كنت سأكتشف غالباً أنني أصلي لأول مرة لأنني أحب الله لا لأن الصلاة واجب علي سأشعر بمذاقها مختلفاً تماماً عن أي وقت سابق سأطيل الوقوف وأطيل السجود كنت سأبكي سأفهم أن الوقت متأخر جداً لذلك الاكتشاف لكن سأبكي لأنني رأيت الله لأول مرة قبل أن تغمض عيني مجدداً كنت سأصلي وشيء في داخلي يدفعني أتذكر كل النعم كل موقف نجدت فيه باللحظة الأخيرة كنت أيضاً سأتذكر الأشياء التي بكيت لأجلها وتمنيت لو حدثت وسألت لماذا توقفت عند آخر خطوة؟ لماذا أعطاني الله الأمل في البداية إذا كان سيسلبه مني في النهاية؟ لماذا العشم أصلاً؟ ثم أدرك أن ذلك كان فداء كبيراً كان قدراً عظيماً ألا يحدث.
 
لو بكره نهاية العالم؟ كنت سأخبرها كنت سأقول لها إنني أحببتها لم أكن لأذهب ويدفعني كبريائي لتركها تجبر نفسها على التظاهر بأنني لست فارقاً بالنسبة لها إلى هذا الحد كنت سأقترب كنت سأدنو كنت سأغني بصوتي المزعج ألف أغنية للبقاء كنت سأرقص معها على لحن أبدي يصور لنا غدا أنه  غير مهم لا يعنينا قربه أو بعده ما دمنا اليوم معاً والليلة معاً وسنمضي إليه متى كان وأينما حان معاً.
 
لو بكره نهاية العالم؟ كنت سأبقى لم أكن لأحزم حقائبي وأسافر كنت سأعتذر للمطار والطيار والطائرة وأقول إنني قررت التراجع اخترت أن أختم حياتي هنا بدلاً من ختم الجواز وأن أدفن هنا سأشطب كلماتي التي كتبتها سابقاً عن متعة السفر سأجلس مكاني وأسافر بين ضحكات الأصدقاء وعيونهم سأخبرهم أنني مرتاح هكذا وأن متعة الطائرة لا تساوي شيئاً بالنسبة إلى متعة السير معهم على قدمي كنت سأقضي السهرة معهم ولا أعود إلى منزلي فجراً كنا سنسهر ونبقى حتى الصباح ننتظر نزول تتر النهاية معاً وفيه أسماؤنا.
 
لو بكره نهاية العالم؟ كنت سأتجول في الشوارع سأصافح المباني سأتوقف عند التفاصيل التي مررت عليها متعجلاً من قبل كنت سأشتري وردة حمراء من بائعة الورد وأهديها لبائع غزل البنات وأشتري منه غزل بنات أهديه إلى الفتاة الصغيرة التي تبيع المناديل وأشتري منها واحداً أهديه إلى الرجل الذي يسعل فوق الرصيف ويبيع المسابح وأشتري منه واحدة أهديها إلى فتاةٍ تبكي لأنها تحمل هم الأسبوع القادم وأسألها لو بكره نهاية العالم؟ فتبتسم وتجفف دموعها وتقول: كنت سأضحك وأهدي تلك الوردة لك، في أقصر قصة حب أفلاطونيّ في التاريخ.
 
لو بكرة نهاية العالم؟ كنا سنفعل أشياء كثيرة لم تكن صعبة أو مستحيلة لم تكن معجزة ولا تستغرق مجهوداً وإنما كلها أشياء أجلناها فقط لأننا ضمنّا من حيث لا ندري أن غداً ليس نهاية العالم وأن الأشياء الرقيقة البسيطة يمكنها أن تنتظر،
 غافلين عن أن نهاية العالم تلك قد تكون خلال دقائق، بالنسبة لنا أو للآخرين الذين حرمناهم مشاركة شيء كان بامكانه جعل النهاية مختلفة.
 
لو بكره نهاية العالم؟ .. كنت سأجعلها نهاية سعيدة