(ونحب تانى ليه؟ رمضان ٢٠٢٠)
 
- غالية: صباح الخير
- عبدالله: صباح الخير......... غالية.. أنا مش قادر.. انتى طالق!!
- غالية (بوجه مذهول): هو انت قولت إيه؟ هو انت قولتلى انتى طالق؟ قولت إيه؟ عبدالله رد عليا (ممسكة يده).. رد..
- عبدالله: غالية.. اسمعينى كويس..
- غالية: اسمع إيه؟
- عبدالله: أنا مانمتش من امبارح لحد دلوقتى.. فضلت سهران طول الليل.. بافكر فى حياتنا مع بعض.. ولما فكرت.. اكتشفت ان انتى كل كلمة قولتيها امبارح كانت صح.. أنا فعلاً أهملتك انتى و(تيا)، وماقدرش أنكر انك كنتى بتحاولى تقربيلى.. وبذلتى مجهود علشان ترضينى.. لكن.. المشكلة فيا أنا..
- غالية: مشكلة إيه؟ مشكلة إيه يا عبدالله اتكلم.. أنا مش فاهمة حاجة.. انت بتقول إيه؟ انت بتقول إيه يا عبدالله؟
- عبدالله: غالية.. أنا مش مرتاح.. مش مرتاح.. مش لاقى نفسي.. لا انا عارف أنبسط.. ولا عارف أبسطك معايا..
- غالية: طيب أنا قصرت معاك فى إيه عشان ماتبقاش مبسوط؟ وإيه ناقصك عشان أنا مش باسطاك أو انت مش باسطنى؟
- عبدالله: غالية.. أنا عشت طول عمرى رافض فكرة الجواز.. عمرى ما تخيلت فى يوم من الأيام إنى ممكن أبقى زوج.. أنا لما اتجوزتك، اتجوزتك عشان حبيتك.. بس كان غلط إن أنا أمشى فى موضوع الجواز ده، وأنا عارف إنى مش الراجل اللى ممكن يقوم بالدور ده..
- غالية: هو الموضوع سهل أوى كده؟ طب اتخانق معايا شوية.. قوللى ان انت بتحب واحدة تانية طيب.. طب شك فيا ان أنا ست مش كويسة.. علشان أى حد يسألنى يقوللى انتوا اتطلقتوا ليه من الناس، أعرف أرد..
- عبدالله: أنا آسف.. أنا عارف إنى قاسى عليكى فى كلامى.. وعارف إن أنا حطيتك فى وضع صعب.. لكن كمان.. أنا ماقدرش أنكر إن أنا بافكر فى موضوع الطلاق ده، من أول سنة جواز.. وأنا حاولت إنى أكون زوج.. حاولت.. ماعرفتش.. غالية.. أنا رراجل لما أحب أعمل الحاجة، أحب أعملها صح.. ولو ماعرفتش أعملها صح، وعلى أحسن وضع، ببقى كارهها.. مش عاوزها.. غالية.. أنا وصلت لمرحلة إنى مابقتش عايز أرجع البيت.. بقيت عايز أخش أنام فى سريرى لوحدى.. بقيت عاوز..
- غالية: كفاية.. كفاية يا عبدالله.. كفاية..
***
بدون أى تعميم.. عبدالله هو نموذج لرجالة كتير .. الراجل (والمقصود الذكر) اللى مش بتاع جواز.. بس بيتجوز.. بيتجوز علشان سنه بيكبر.. بيتجوز علشان يشبع غريزته.. بيتجوز علشان حب واحدة.. بيتجوز علشان ضغوط أهله.. بيتجوز علشان يلاقى واحدة تخدمه.. أهو بيجيي فى وقت ما من حياته.. ويقرر يتجوز.. رغم إنه أصلاً مش عاوز يتجوز..
 
الراجل ده.. هايبقى متجوز.. ومش متجوز.. يعنى معاه قسيمة جواز.. وفي بيته واحدة ست اسمها مراته.. بس هو نفسياً من جواه.. عايش.. ولسه عايز يعيش حياة العزوبية..
 
الراجل ده.. هايدلع مراته كتير جداً فى الأول.. هايبسطها ويهريها فسح وخروجات وسفر.. ومع أول طفل.. ومع أول علامة لتغير شكل الصحوبية الشرعية اللى بينه وبين مراته فى اتجاه الجواز الحقيقي.. ومع أول ملامح تحول البيت من شقة مفروشة إلى بيت زوجية.. هايبدأ يبعد (نفسياً).. هايتسحّب شوية شوية بعيد.. هايتسلل من غير ما حد ياخد باله لبره.. هايغيب بالساعات وأحياناً بالأيام.. وحتى فى وجوده مش هايبقى حاضر.. هايبقى مخنوق.. وزهقان.. هايبقى صامت.. وفاصل.. كلامه هايقل.. وعصبيته هاتزيد.. هايقطع كل الخيوط اللى تربطه بالبيت ده، وبالعلاقة دى.. بس هايسيب خيط واحد بس مايقطعهوش (خيط الشكل الاجتماعى).. علشان مايهدمش البيت (اللى هو أصلاً مش موجود فى وعيه)، ومايتقالش عليه انه طلق (رغم انه نفسياً مطلق من زمان)، وعلشان مايتحرمش من رؤية ولاده واللعب معاهم (اللى هما أصلاً مفتقدينه فى غيابه وفى حضوره)..
اللى عمله عبدالله، هو انه -بس- قرر يقطع هذا الخيط الأخير.. علشان يكون واضح مع نفسه ومع زوجته.. لكن فى الحقيقة.. اللى بيقطعوا كل الخيوط، ويسيبوا الخيط الأخير ده أكتر..
 
طيب ليه عبدالله وأمثاله مش عاوزين يتجوزوا؟ ليه أصلاً كتير من الرجالة مش عاوزين يتجوزوا؟ وبيأخروا الخطوة دى على قد ما يقدروا؟ وتحس انهم لو اتجوزوا بيتجوزوا مضطرين وبعد مقاومة وضغط؟
 
أقولك.. وباختصار شديد..
لو فيه سبب واحد لهروب الرجالة من الزواج.. ومحاولة تأخيره.. وعدم الاقدام عليه إلا بطلوع الروح.. فهذا السبب اسمه (الخوف).. أيوه.. الخوف من المسئولية.. وده خوف مش سهل.. ومش قليل.. الخوف من المسئولية ده أحد المخاوف الوجودية الأربعة (الخوف من الموت- الخوف من الوحدة- الخوف من عدم وجود معنى- الخوف من الحرية/الاختيار/القرار/المسئولية). بمعنى إن علشان حد يقرر بجدعنة وشجاعة ونضج إنه يتحمل المسئولية.. فهو فى نفس اللحظة، بيقرر إنه يغير نوعية وجوده.. يبقى واحد تانى.. يصعد درجة أعلى فى سلم التطور والارتقاء النفسي.
 
عبدالله وأمثاله عايشين حياة طفولية رائعة.. ياكل ويشرب وقت ما يحب.. يتحرك ويروح ويجي براحته.. يقرب من دى، ويحب دى، ويسيب دى بمنتهى البساطة.. شايف نفسه.. عاشق نفسه.. وبيصرف على نفسه.. ويا سلام لو كانت الست الوالدة لسه عايشة.. تبقى طفولية طفولية بجد..
 
علشان عبدالله يتجوز.. هايكون محتاج إنه يودع هذه العيشة.. ويتخلى عن هذا النمط من الحياة.. النمط اللى أنا باسميه طفولى.. مش شبابى.. ولا حر.. لأنه بيعبر عن حالة واضحة من النكوص النفسي.. والتراجع العقلى والروحى.. وبينى بينك.. أنا مش باحب اسميه (طفولى).. أنا أفضل تسميته (معيلة).. لأن فيه فرق كبير بين الطفولة والمعيلة..
 
تيجى انتى بقى بسلامتك.. أو أبوه وأمه.. أو ضغوط مجتمعه.. تقولوله فجأة كده وبدون مقدمات: ياللا اكبر.. اتحمل شوية مسئولية.. سيبك من حياة الدعة والراحة.. إلى حياة الجهد والجهاد.. ليه ان شاء الله؟
 
انتوا مش متخيلين جمال النكوص؟
مش متصورين روعة استلقاء طفل رضيع فى براثن سريره الواسع وحده؟
ماعندكمش فكرة عن جمال اللانهائية وما بعدها؟!!
***
بس يا سيدى..
اتجوز عبدالله.. واتدلع واتبسط فى شهر العسل.. وبعد كام شهر.. اكتشف انه اتجوز.. وان الموضوع بجد.. وحمل وخلفة وأولاد.. فطلق مراته (نفسياً) من غير ما هو نفسه ياخد باله.. وصبر.. واستنى.. واستحمل.. لغاية ما بقى مش عايز يرجع بيته.. ومش عايز ينام فى سريره.. فقرر ان الطلاق النفسي.. يبقى طلاق حقيقي على أرض الواقع.. طيب والست اللى ضيعت عمرها معاك؟ انا مش مرتاح.. والست اللى بتقولك قصرت فى إيه؟ أنا مش مبسوط؟ والأولاد اللى جيبتهم لهذه الحياة الصعبة؟ أنا مش عارف.. رجع عبدالله طفل/عيل صغير تانى.. نكص نفسياً وروحياً عشرات السنين للخلف.. بقى عايز الراحة الخادعة.. والسعادة اللحظية.. وليذهب إلى الجحيم من يذهب..
 
عارف السؤال اللى فى بالك..
انت ازاى يا دكتور بتقول ان الراجل مش عايز يشيل مسئولية بيته؟ أمال مين اللى بيشتغل ويتعب ويهلك نفسه كل يوم؟ مين اللى بيجيب الفلوس ويصرف على البيت والزوجة والأولاد؟ مين اللى بيشغل شغلانة متعبة ومرهقة وأحياناً شغلانتين علشان يشيل مسئولية البيت؟
فى الحقيقة أنا موافق على كل ده.. بس مش هى دى المسئولية اللى أنا أقصدها.. دى اسمها واجب.. اسمها دور.. اسمها بيجيب فلوس ويصرف فلوس.. انما المسئولية الحقيقة فى الجواز وفى غيره اسمها (مسئولية العلاقة).. مش (مسئولية الصرف)..
مسئولية العلاقة يعنى لما واحدة تقولى (باحبك).. أكون مخلص ليها بكل خلية من خلاياى.
لما تسلمنى قلبها وعقلها ومشاعرها.. أسكن قلبها، وأحترم عقلها، وأمتنّ لمشاعرها.. مش اخدهم كحق مكتسب.
لما تقرر تعيش معايا فى بيت واحد.. أكون حاضر وموجود معاها فى البيت ده بقلبى وعقلى وكيانى.. مش بجسمى وتليفزيونى وموبايلى..
دى المسئولية الحقيقية.. والتانية أسميها مسئولية مزيفة..
وياما كتير بيهربوا من المسئولية الحقيقية فى المسئولية المزيفة..
تقوله حس بيا.. يقولها انا باتعب وباروح واجى من الشغل.. اللى باصرف منه عليكى.
تطلب منه كلمة طيبة.. يقولها انا مش بتاع كلام.. انا بتاع أفعال..
تعوزه يكون جنبها.. يقولها اعمليلى العشا..
ويقول عبدالله.. دى مسئولية.. أنا مسئول.. أنا راجل.. أنا جدع.. انتى طالق..
 
طب وإيه اللى خلى عبدالله وأمثاله يحبوا هذا الدور الطفولى؟ لسه استحلوا النطاعة واستمرأوا الندالة؟ ليه مش سامحين لنفسهم يكبروا ويبقوا رجالة بجد، ومسئولين حقيقيين؟ ونعمل إيه علشان ده يتغير ويتصلح ويتعالج؟
 
عندك وقت تقرا؟
يتبع..
نقلا عن الفيس بوك