كتبت د/ دينا أنور 
بعد مشاهدتي لمسلسل "الاختيار" الرائع ..الذي نحتاج نموذجه بشدة لتقوية روح الوطنية و الانتماء للجيش و الوطن في وجدان أجيال السوشيال ميديا .. تلك الأجيال المسكينة التي وعت على حرب اللجان الإليكترونية الإخوانية في غالبية الصفحات العامة على رئيسها و جيشها و بلادها .. و بعد أن شاهدت مشهد غضب الإرهابي الخائن "عشماوي" من المجند الذي كان يغني بين زملائه .. و تصميمه على حرمانه من إجازته .. لولا تدخل القائد البطل "منسي" لتخفيف عقوبته .. كانت لي هذه الوقفة !
 
أول من سمعته يهاجم الطالبة "حنين" هو ذلك المخرج الهارب " وائل الصديقي" .. الذي تم حبسه بسبب كليبه الركيك "سيب إيدي".. و رغم ذلك لم يستحي أن يطالب بمحاكمة فتاةٍ قد يتم حبسها بنفس المنظور الذي حُبِس به هو يوماً .. !
 
"وائل الصديقي " يجلس الآن من موقع المناضل في أميركا .. يتكلّم و يحرّض ضد الدولة و النظام و الجيش .. يمارس علينا الاستشراف الذي سئمناه من مدعي الشرف .. خاصةً بعد فضائحهم المتكررة التي تثبت لنا دائماً أن من يطالب بمنع الرذيلة هو أكثر الغارقين فيها ..
 
كنت أتصوّر أننا كمؤيدين للدولة .. أو حتى كسيساوية و مطبلاتية كما يسمينا الخرفان و الخونة .. مهمتنا في هذه الفترة هي محاربة رموزهم و التشكيك في رواياتهم و إثبات كذبهم و عدم الانسياق وراء هاشتاجاتهم و خططهم للمداراة على فضائح رموزهم كالفضائح الأخيرة للشيخ ترتر #عنتيل_الدوحة .. و أننا جميعاً ك " دولجية " بشكلٍ ما أو بآخر نكتب و نحارب بأقلامنا في هذه الاتجاهات دعماً لحرب الدولة و الجيش و نظام الرئيس السيسي الذي اشتركنا في ثورته لينقذنا من الإخوان .. و فوضناه ليسحق الإرهاب .. و أعدنا انتخابه ليُكمِل سحقهم .. لا ليقدم لنا بعض المسؤولين في عهده نموذجاً لدولة الإمام و طالبان و حكم المرشد و لكن بنكهةٍ مجتمعية معيارها الوحيد هو السوشيال الميديا .. الذي يعلم الجميع أنها موجّهة و مُموّلة .. و تقع تحت السيطرة شبه الكاملة للجان الإليكترونية التي يقودها المتطرفون ..
 
لكم عانينا من تضليلهم للرأي العام و تفعيلهم للكثير من الهاشتاجات الوهمية و نفخهم في صورة التافهين أمثال "محمد علي " و تجنيهم على كثيرٍ من الشرفاء ..
 
فلماذا يا سيادة الرئيس ننساق وراء مخططاتهم و نحقق لهم ما ينشدونه للتغطية على فضائحهم .. ؟ أوجه حديثي لسيادتك لأنك المسؤول الوحيد في هذه الدولة الذي انتخبته بإرادتي الحرة ..
 
تعلمنا منك الرفق بالنساء و اللين في معاملتهن و التحذير من إهانتهن .. رأينا فيك جميعاً الأب الذي سيحمينا حتى و إن أخطئنا .. الذي سيسمعنا إن أردنا تبرير سوء فهم .. الذي سيعذرنا إن شرحنا له وجهة نظر .. فلماذا يخالفون منهجك و يعاملون النساء بهذه القسوة في عهدك ؟
 
و يا ليت أن هناك توصيفاً قانونياً مفهوماً .. جميعنا لا نفهم ماذا يحدث حتى رجال القانون أنفسهم .. جميعنا نشعر بإلقاء تهمٍ قاسية مستمدة من قوانين الحسبة على غرار هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر التي أصبحت بيت أشباحٍ في بلاد منشأها .. جميعنا لم نستشعر الراحة في هذه القسوة المفرطة التي تم التعامل بها مع طفلة ..
 
يا سيادة الرئيس الرحيم بالنساء .. السوشيال ميديا هي متنفسٌ مجاني للنساء غير المتحققات ظلماً .. اللواتي لا يمتلكن واسطة .. اللواتي فشلن في الحصول على عمل بدخلٍ مجزي أو فرصة غناء أو تمثيل مع شركةِ إنتاج معروفة .. يجربن حظهن مع الشهرة بتطبيقات الغلابة هذه .. علّ أحد المهتمين باكتشاف المواهب يكتشفهن و يضعهن على بداية سلم المجد .. علّهن حتى يستطعن توفير دخل بسيط لشراء الماكياج و الملابس التي تفوق قدرات أسرهن .. علّهن يجدن دخلاً آمناً من داخل بيوتهن بناءً على نسب المشاهدة بدون التعرض لتحرش أصحاب العمل و ابتزاز من يعرض عليهن المساعدة .
 
ليس في الموضوع أي دعارة و لا قوادة يا سيادة الرئيس .. غريزة لفت الانتباه هي غريزة انسانية و ليست جريمة .. و كلنا نعلم أنها تكون في أوج فورانها في مرحلة المراهقة .. و كل فتاة و شاب في هذه المرحلة العمرية بداخله طاقة و رغبة في التعبير عن نفسه و اثبات ذاته حتى و لو بالحماقات !
 
المجتمع يلفظ فقط الفتيات المنطلقات المتحررات يا سيادة الرئيس .. لأنه يربط مقدار أدب الفتاة بقهرها و انخفاض صوتها و طاعتها للمتسلطين في عائلتها و خضوعها لمعايير المجتمع الظالم .. لكن ليس لديه مانع في ضربهن و ختانهن و تسنينهن للزواج المبكر و تعذيبهن لعدم طلب الطلاق و إذلالهن في المحاكم من أجل نفقة زهيدة .. فكيف تترك الحكم للمجتمع على النساء اللواتي تعلّقن في رقبتك أمانةً يا سيادة الرئيس لتنصفهن !
 
حتى " سما المصري" .. رغم أنني كنت من ضمن من شتمتهم و زايدت عليهم .. إلا أنني لا أرى أي مبررٍ للقبض عليها .. فالسوشيال ميديا برمتها تطبيقات اختيارية .. لن يخرج لي محتوى أي شخص إلا إذا كتبت اسمه و بحثت عنه بنفسي .. و أنا وحدي من أملك الضغط على زر متابعته أو حظره .. أي أن المسألة اختيارية ..
 
العجيب أن من يطالبون بالقبض على امرأة تجدهم أكثر المتابعين لها العارفين بأدق تفاصيلها.. و تجد المدافعين عن مبدأ الحرية لا يعرفون شيئاً عن محتوى الشخصيات محل الهجوم إلا من خلال الأخبار .. و هو ما يؤكد أن الاستشراف لعنة هذا المجتمع .. و أن المطالبين بالأخلاق هم أكثر المفتقرين لها .. و أن الرافضين لما يسمونه رذيلة هم أكثر المهووسين بممارستها و متابعتها ..
 
أنا متأكدة أن "حنين" و "سما" كن ممن هاجمنني أنا شخصياً و هاجمن كتاباتي لأنهن هن أنفسهن يعانين مرض الاستشراف .. إحداهن بارتداء الحجاب و المزايدة بعدم إظهار شعرها ظناً منها أن هذا هو صك الفضيلة .. و الأخرى بإدعائها رغبتها في التوبة و مخافتها من موت الغفلة ظناً منها أن هذا هو صك الغفران .. و لكنني في مواقفهن هذه حقاً مشفقة عليهن و أشعر بمظلوميتهن ..
 
فكل واحدةٍ منهن تبحث عن حلمٍ ضائع بطريقتها .. و ربما إن اتحنا لهن فرصاً أفضل للعمل و الكسب لما غالين هكذا في عرض محتويات تعرضهن للخطر و النقد في مجتمع لا يرحم و لا يحترم ..
 
أما بخصوص حنين .. فهي مجرد طفلة متهورة .. حلمت مبكراً بالشهرة و الثراء السريع .. لا أرى في كلامها أي مدلول على إتجار بالبشر و لا تهديد للأسر .. هذه مجرد باحثة عن لفت انتباه مشروع كغيرها الكثير .. تعمل في منظومة عالمية يستخدمها الملايين حول العالم ..
 
كون المهاجمين لها لم يصلهم هذه المعلومات فهذا قصور منهم في مواكبة التكنولوجيا و فهم طبيعة العوالم الافتراضية .. و لا يحق لهم في هذه الحالة أن يصبوا جحيمهم على رأس فتاة تصرّفت بتلقائية و ربما سذاجة لأنهم لم يتطوروا ..
 
أما بخصوص سما المصري .. فأعتقد أنها تعبر عن نفسها فقط .. ليست محسوبةً على جهة فنية أو إعلامية .. و من الممكن إعادة توجيهها كما أُعيد توجيه محمد رمضان ليتوقف عن أدوار البلطجة و كما تم توجيه مطربي المهرجانات لتعديل كلمات أغانيهم الصادمة و هم الآن يغنون للجيش و الشرطة و يشاركون في تترات مسلسلات رمضان ..
 
كما عهدناك يا سيادة الرئيس حامياً للنساء مدافعاً عنهن .. نرجو أن توجه بعدم القسوة عليهن و إخراجهن من قبضة المجتمع الاليكتروني الخادم لمصالح الإخوان ..
 
لا تسمح لعقيدة عشماوي وأمثاله المغالين الكارهين للحياة أن تعاقب من يحبون الحياة يا سيادة الرئيس .. عاملونا بعقيدة البطل منسي الذي دافع عن حق المجنّد في التعبير عن نفسه و ممارسة موهبته و لم يرض بالقسوة عليه في العقاب .