بقلم  – روماني صبري 
 
لا أحد يختلف من الجمهور المحب للفنون على جمال الأعمال الفنية المبهجة والرسوم المتحركة منها، التي سرعان ما تطفح بالقلب سعادة، والتي يعمل عليها صناعها كما يقول القول الشعبي (بمعلمة وخبرة )... بالطبع یحدث أحیانا أن نلتقي بأناس من "كارهي الحياة"، الذين لا يبدون رضاهم عن هذه الأعمال، ولهم كل الحق في ذلك، أو من "مدمني النقد"، الذين يسخفون منها ولا يتعاملون معها بلغة القائمون عليها، ولنضرب مثالا كالذين قالوا أن مسرحية "مدرسة المشاغبين" سبب فساد الجيل آنذاك والأجيال التي تبعته حتى الجيل الحالي كونها لم تقدم "رسائل" ألا في نهايتها واعتمدت على إهانة المعلمين من قبل الطلاب ! ، وكذا الذين شنوا حملات نقد قاسية على مسلسل "توم أند جيري"، حين طرحت حلقاته الأولى في السينمات الأمريكية عام 1940، وأخذوا يقولون : أبناءنا في خطر المسلسل الكرتوني يشجع على القتل ويزيد من شقاوة الأطفال، ولأنه من المستحيل أن أتعصب لوجهة نظري، لأنني قد أكون مخطئا، ولا ضير، فان الإنسان لا تهبط قيمته في نظر نفسه حين يظن ذلك ، حيث إنني  استند في ذلك إلى تجربتي الشخصية مع مسلسل "توم أند جيري" حين كنت طفلا، بالحق كنت أشاهده  وأنا مدرك أشد الإدراك  إنني لا يجب أن أحاكي على ارض الواقع كل ما أشاهده، فأقول الآن عامدا "ابحثوا عن المنزل .. تربية الآباء"، فان البشر يحبون "شماعة أخطاء الآخرين"، ومرد ذلك أن كثيرين لا يتعاملون بصفاء نفس في طريقة تحليلهم واستكشافهم للأمور، على أي حال فليبارك الله كل صناع البهجة الذين أسعدونا في صغرنا ولازالت أعمالهم تزرع داخلنا البهجة ليومنا هذا،  مثل الأمريكي "يوجين ميريل ديتش" عبقري الرسوم المتحركة، الكوميدي الذي اشتهر برسومات Munro وTom Terrific "، "popeye"، إلى جانب رسومات 12 حلقة من حلقات مسلسل "توم أند جيري." 
 
بين ظلال صناع البهجة
في عام 1924 ولد ديتش في الولايات المتحدة الأمريكية، وقبل أن يذهب لتأدية الخدمة العسكرية، عمل في شركة طيران أمريكا الشمالية، خضع لتعليم متخصصا للطيارين الحربيين، ونفذ رسومات حول مخططات الطائرات، وبعد مرور عام عرفه الالتهاب الرئوي فاستغنى عنه الجيش، بعد ذلك ذهب إلى "براغ"، وشرع يتفرغ للرسوم المتحركة في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، حتى وفاته في 16 ابريل عام 2020.
عن عمله "Munro"
توج بجائزة أوسكار عام 1961 عن فيلمه "Munro" كأفضل فيلم رسوم متحركة قصير، ويتحدث الفيلم عن فتى صغير تم اختياره عن طريق الخطأ للانضمام إلى الجيش، كما توج بجائزة "Winsor McCay" عام 2003، وذلك عن مجمل أعمال الرسوم المتحركة التي نفذها.
باباي يفتح له الباب 
قبل ذلك رشح للجائزة مرتين عام 1964 عبر  فيلمين هما  "كيف تتجنب الصداقة" و"ها هو نودينك"، أصاب نجاحا عظيما حين اخرج سلسة كرتون البحار "باباي"، ليختير بعدها لتنفيذ رسوم توم أند جيري.
 
حسنا لنعطي الفرصة للفار 
لم يبدي "ديتش" رضاه في البداية لتوم أند جيري، قال أن الفكرة تعتمد على الصراعات والمطاردات والتي قد تسفر عن العنف بين الأطفال، لكن في النهاية أعجبته الفكرة وقرر تطويرها عبر منح الفرصة للفار الصغير بالفوز على القط، قاصدا أن يمرر أن الحياة للجميع وستستمر طالما وجد الصراع في جو مرح زاخرا بالبهجة وسحر الألوان.
 
الإنسان مخلوق واع ! 
في طفولتنا كنا نحب الفار جيري ونرحب بفوزه على توم القط، كأن الانتصار شخصي يخصنا نحن، علاوة على الشعور بالمتعة حين كان ينجح جيري في تلقينه درسا قاسيا بتعذيب جسده، ولكن هل غير ذلك الحب من طبيعتنا تجاه الفئران على ارض الواقع ؟ّ! بالطبع لا الجميع يرحبون بالقطط لا الفئران، حيث يعتبرون الفأر نذير شؤم ناقل للطاعون، فيما تضج المنازل بالقطط كونها من الحيوانات الأليفة، وهذا يعيدنا إلى ما تم ذكره في السطور الأولى، وان الإنسان مخلوق واع  (شاطر) الله اكبر عليه ! يستطيع أن يقول أنا أعانى الأنفلونزا حين يعاني من تبعات أعراضها، أو أنا جائع حين يغلبه الجوع .. حقا يستطيع قول ذلك حتى وهو صغيرا في سن الخامسة واقل من هذا العمر ! .
 
 
وسلسلة توم وجيري مجموعة تتكون من 161 حلقة من رسوم متحركة كرتونية كوميدية، أنتجت بداية من سنة 1940 حتى عام 1967 للسينما، نالت العديد من جوائز الأوسكار، وتتحدث السلسلة حول الصراع بين القط توم والفأر جيري، ويتناول موضوع الحلقات كون أن توم يحاول الإمساك بجيري كي يعده كوليمة ويأكله لكن جيري يهرب دائما ويراوغه ويقوم باستفزازه ويقع توم دائماً في مآزق ويصطدم أحياناً بمنزل الكلب سبايك خفيف الظل ومن إبطال المسلسل.