سليمان شفيق
قبل يوم من حلول شهر رمضان 2020، تدور أسئلة عديدة في مخيلة كل من ابناء العالم الإسلامي نظرا لتزامن شهر الصيام مع أزمة صحية عالمية خطيرة تسببها وباء فيروس كورونا المستجد، والذي بدأ يظهر وينتشر منذ نهاية ديسمبر الماضي

ماهي النكهة التي ستميز شهر رمضان لهذا العام في ظل انتشار فيروس كورونا عبر العالم؟ كيف ستتعاطى شعوب الدول الإسلامية مع الوضع الجديد، وماهي الارشادات والتوجيهات التي أصدرتها الحكومات للوقاية من وباء كوفيد 19 خلال هذا الشهر التي تبلغ خلاله الطقوس والشعائر الدينية ذروتها؟ تساؤلات عديدة يطرحها المسلمون من دون تلقي أي جواب يقين.

فهل يغير المسلمون عاداتهم ويتنازلون عن بعض تقاليدهم خلال هذا الشهر الذي يتميز بنشاط ديني  يختلف عن باقي الشهور؟

وهل يستمرالمساجد وهل أماكن التسوق والنزهة إقبالا كثيرا مثل السنوات الماضية أم سيضطر المسلمون للتأقلم مع الوضع الصحي الجديد؟

اخر ما حسمته لجنة البحوث الفقهية بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، منذ ايام، وهو وجوب الصوم خلال شهر رمضان، مؤكدة عدم وجود دليل علمي حتى الآن على وجود ارتباط بين الصوم والإصابة بفيروس كورونا المستجد، وذلك بعد اجتماع عقدته اللجنة، بحضور أطباء وممثلين عن منظمة الصحة العالمية لبحث تداعيات فيروس كورونا ومدى تأثيره على صيام شهر رمضان.

أما بالنسبة لصلاة التراويح والاعتكاف في المساجد، وهى من أكثر الأنشطة الجماعية إقبالا في شهر رمضان، فأن وزارة الأوقاف قررت اليوم تعليق كافة الأمور والأنشطة الجماعية فى رمضان، لتضيف لقرارها السابق بحظر إقامة الموائد فى محيط المساجد أو ملحقاتها.

ومن جانبه قال الدكتور عبد المنعم فؤاد المشرف العام على الأروقة الأزهرية، إن الدين الإسلامي مثلما يأمرنا بالصلاة في المساجد والاعتكاف خلال شهر رمضان الكريم، يأمرنا أيضاً بالأخذ بالأسباب، فالشرع لا يتصادم مع العلم، مضيفا إذا  كان

العلم وأهل الطب يؤكدون أن التجمعات تؤدى إلى الإصابة بفيروس كورونا فلابد من الأخذ بالأسباب ووقف أى تجمعات، إذ أن الحفاظ على النفس البشرية من مقاصد الشريعة.

وحسم "فؤاد" المشرف العلمي على الجامع الازهر، في تصريحات خاصة لـCNN  بالعربية، الجدل الدائر حول وجوب الإفطار خلال شهر رمضان بسبب كورونا، قائلا: "الإفطار في رمضان يحسمه ثبوت نظريات علمية تؤكد أنه يؤثر على الإصابة بالفيروس، ولذا سيتوجب حينها الإفطار لأن الإسلام أعطى رخصة الإفطار للمرضى، إلا أن الطب لم يثبت حتى الآن أى تأثيرات سلبية للصيام على الإصابة بكورونا"، مضيف: " بيان الأزهر الشريف كان واضحاً حين أعلن تواصله مع منظمة الصحة العالمية والتي لم تصدر تعليمات بشأن تأثير الصيام على الإصابة بالفيروس".

ومن جانبه أكد الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة، أن كل ما تتخذه وزارة الأوقاف من قرارات لتعليق كافة الأنشطة الجماعية خلال شهر رمضان ومن بينها موائد الرحمن وغيرها، هى تدابير وإجراءات وقائية مشروعة تنظمها قواعد فقهية مأخوذة من نصوص الشريعة.

كما أكد " كريمة"، في تصريحات خاصة لـCNN  بالعربية، أحقية وزارة الأوقاف، كمرجعية دينية لها ولاية المساجد تستجيب لتعليمات ولى الأمر بشأن صلاة الجمع والجماعات وغيرها من القرارات.

وهل من إرشادات جديدة من شأنها أن تصدر عن الدول الإسلامية، وعلى رأسها السعودية التي تعاني أصلا من تفشي متزايد لفيروس كوفيد-19؟

فالسعودية لم تنتظر بداية شهر رمضان للتعاطي مع الوضع الصحي المرعب، إذ استبقت الأمور وقامت بإصدار توجيهات لمواطنيها بشأن شهر الصيام.
وطلبت وزارة الصحة توخي الحيطة والحذر وتجنب التجمعات واللقاءات بين العائلات والأصدقاء منعا لتفشي فيروس كورونا.

ودعا وكيل وزارة الصحة المساعد للصحة الوقائية عبد الله عسيري السعوديين في تغريدات على موقع تويتر إلى "تغيير السلوك فيما يتعلق باللقاءات والتجمعات وعادات التسوق" خلال شهر الصيام.

وقال: "من المهم جدا أن ندرك في هذه المرحلة أن شهر رمضان هذا العام يختلف عن الأعوام الماضية. يجب أن نعدل من سلوكنا لتتناسب مع الأوضاع الراهنة ومن ذلك البقاء في المنازل وعدم مخالطة الناس".

وأضاف: "الإمكانيات متوفرة لكل الناس لكي يواصلوا أعمالهم عن بعد وذلك باستخدام تقنيات جديدة للاتصال أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي"، موضحا أن "الإجراءات الاحترازية التي أقرتها الحكومة تهدف للحد من انتشار فيروس كورونا والتقليل من الإصابات" ومشددا على أن "بقاء الناس في منازلهم (حتى في شهر رمضان) فيه حماية للمجتمع من تفشي الفيروس".

وقامت الرياض  منذ الأسبوع الماضي بتوسيع نطاق حظر التجوال الذي فرضته في مكة والمدينة في أبريل إلى مدن أخرى كالرياض وتبوك والدمام والظهران والهفوف وجدة والطائف والقطيف والخبر في مسعى منها لاحتواء وباء كوفيد 19. كما منعت أداء فريضة العمرة مع إبقاء التساؤلات مطروحة حول موسم الحج لهذه السنة.

في إيران، دعا المرشد الأعلى على خامنئي الإيرانيين إلى التزام منازلهم والصلاة في البيوت خلال شهر رمضان. وهي المرة الأولى التي يصدر فيها المرشد الأعلى

مثل هذه التوجيهات في بلد تزداد فيه الممارسة الدينية خلال هذا الشهر وتكثر زيارات الأضرحة والمساجد.

وقال خامنئي في خطاب متلفزامس الاول : "يجب تجنب التجمعات خلال شهر رمضان لكن ينبغي علينا ألا نهمل الصلاة والدعاء والتواضع في وحدتنا".
لكن المتحدث باسم وزارة الصحة الإيرانية كيانوش جهابنور أشار إلى أن الأرقام المعلنة تشير إلى أن عدد الإصابات المسجلة يميل إلى التراجع. ورجح ذات المسؤول الانخفاض في عدد الوفيات إلى"الجهود التي بذلها شعبنا الحبيب وزملائنا في النظام الصحي".

وإيران التي أعلنت أولى الإصابات بالفيروس في 19 فبراير في مدينة قم (وسط البلاد)، هي البلد الأكثر تضررا جراء وباء كوفيد-19 في الشرق الأوسط.

في الجزائر، أثارت إمكانية الترخيص بالإفطار أثناء شهر رمضان بسبب فيروس كورونا جدلا واسعا، خاصة لدى كبار السن والمرضى.

ونقلت جريدة "الشروق" عن طبيب عام (عمر بن يحيى) قوله إن كثيرا من المرضى يسألونه عن إمكانية إفطار رمضان، وهم من أصحاب الأمراض المزمنة، "ومنهم من كان يصوم دون مشاكل" تذكر. ويبرر المرضى حسبما نقلت الصحيفة عن هذا الطبيب تخوفاتهم بالمعلومات المتداولة حول تسهيل الحلق الجاف دخول فيروس كورونا إلى الرئتين.

لكن المنسق الوطني للأئمة وموظفي الشؤون الدينية، جلول حجيمي، أجاب عبر الجريدة ذاتها قائلا إن "الحديث عن إفطار رمضان بسبب وباء كورونا “سابق

لأوانه"، داعيا الجزائريين إلى "عقد النية للصوم تطبيقا لفريضة دينية، وتضرعا لرفع الوباء عنا وعن شعوب العالم".

وبشأن ما تم تداوله بخصوص علماء الأزهر في مصر ومفتين بالسعودية حول إمكانية الترخيص بالإفطار في شهر رمضان بسبب جائحة كورونا، قال الموظف في وزارة الشؤون الدينية الجزائرية إن بلدان الشرق الأوسط تعرف مناخا حارا في شهر مايو (والمتزامن هذا العام مع الجزء الأكبر من شهر رمضان)، خلافا للجزائر، ما يثير مخاوف لدى السكان "من تأثير الحرارة المرتفعة على جفاف حلق الصائم في ظل وباء كورونا".

وكل سنه وانتم طيبين بشهر رمضان المعظم اعادة الله علي الامة العربية والاسلامية والعالم بكل خير