حمدي رزق
إنَّ وراء الأَكَمَة ما وراءها، وهذا ما ستكشف عنه تحقيقات النيابة العامة، فيها رائحة كريهة، وروح شريرة تتربص بنا الدوائر، شايفها فى الخص وعينيها بتبص، الفتنة، لعن الله من أيقظها وعمل عليها فى الربع الخالى من الإنسانية.

يا نهاااااار، ياليتنى مِتُّ قبل هذا وكنت نسيًا منسيًا، صورة ناس قرية «شبرا البهو» وهم يتجمهرون رفضًا لدفن جثمان الطبيبة «سونيا عبدالعظيم»، صورة ترتد بنا إلى عصور غابرة غارقة فى الظلام، عصور ما قبل القانون، عصور عارية من الإنسانية، لا حرمة ولا قانون ولا عُرف، ولا شىء سوى فزع الجائحة.

صورة شاذة عن طبيعة المصريين عامة، كوكتيل، خوف على جهل مركب على بعض من نوازع شريرة من أحقاد دفينة، صورة مكبرة لما ستفعله بنا الجائحة عن جهل، صورة، صورة، كلنا عايزين صورة، صورة للبشر المسعورة.

هذا ليس عادلا بحق الإنسانية، تجاوز لكل الأعراف، والقوانين، وكان المثل، فى الحارات المصرية ماثلا «إكرام الميت دفنه، حتى الغراب علمه فى الأزل كيف يدارى سوءة أخيه: (فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِى الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِى سَوْءَةَ أَخِيهِ * قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِى سَوْءَةَ أَخِى * فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ). (المائدة/ 31)

يقيناً سنندم ونلطم الخدود ونشق الجيوب، هل بلغنا من القسوة حدود رفض دفن الموتى، تجمهر قبيح واستعراض مهين لحرمة الموت، فى هذا الربع الخالى من الإنسانية سجلت فى المحروسة بإذن ربها صورة شاذة لفت العالم، واأسفاه، فى مصر أناس تقرأ القرآن، وتصلى الفروض على وقتها، ويذكرون الله قياما وقعودا

وعلى جنوبهم، صورة لو تعلمون كافية ليشيح العالم المتحضر بوجهه عنا، يأنف فعلنا، ويدين صنيعنا.

وأمام أنفسنا ألا نخجل، ألا نستحيى، ولو جثة عابر سبيل مجهول الهوية لاتسعت له مقابر الأرض، هناك من سيتولى الأمر بالقانون، ولكن قانون الغاب، من يلجمه، من يتولاهم بالنصح والإرشاد والإفهام، من يبصر مثل هؤلاء بالفاجعة؟

يااااه على الظلمة فى النفوس، صورة هى الهوان بعينه، صحيح الخوف والفزع يعمل أكثر من كده، والإخوان يعملون أكثر من كده بكثير، الإخوان إذا دخلوا قرية.. ولكن العالم كله شاهد الصورة، هل هذه صورة مصر، هل هذا يحدث فى مصر؟

تبًا لكم، لا أبا لكم قد ضل من كانت العميان (الإخوان) تهديه، وسحقًا لأفعالكم الدنيئة، استحوا قليلًا، خلّوا عندكم ذرة إحساس، والشباب يتجمهر ويصوّر الجرسة ويشيّر، ألا تخجلون من صوركم المنشورة وأنتم تتجمهرون حول جثة لا تملك من أمرها شيئا، هل ترضونها على أنفسكم، وساعتها يرفض الذى فى قلبه مرض بحقارة مواراة الجثمان التراب، وعاملين فيها رجالة، تبًا لكم ولفعلكم الكريه، يا قوم انبذوا هذه الصورة، العنوها والعنوا فاعليها، وإلا صارت مثلًا.
نقلا عن المصرى اليوم