بقلم: أندرو اشعياء

«كيف لي أن أرتاح في نومي وهو هكذا .. أقصد وهي هكذا! كيف لي يا نفسي الشقيه كيف لي .. حقًا ويل لي لاني ظلمت، نعم لقد سمعت لمن ظلموها وأشتركت معهم وها هو الاثم الذي لا يصهل إلا بين الظالمين.. يارب ها دموعي الان فـ هل تشق داخلي وتريحني من اثمي وتحفظ دموعي في زق عندك ام ماذا؟!»

 

وهكذا بدأ يؤنب نفسه كثيرًا جدًا في ليلة أشبه بالظلماء والظلماء جدًا.. ليلة لم تعبر كالتي سبقت مثلما سبق غيرها! ليلة شعر فيها أنه خائر القوى، لم تكن طرقه كطرق أبائه.. لم يستفد من خبرة القديس مكاريوس الكبير وهو يحتوي راهب أخطأ في البرية قام عليه اخوته، لم يكن كالمُحب الذي بسببه غُفرت خطيئة اخيه الذي اخطأ، «يا نفسي .. ألم أقرأ أن الله غفر للذي اخطأ من اجل محبة الذي لم يخطئ.. الراهب مارين لم يخطئ وانا لم أحتضن» وأخذ يبكي بمرارة شاعرًا أن جهاد سنواته، وهذة عددها، يكاد أن يتسلل بين يديه كسليل المياه بخفيةٍ .. «تُرى ماذا يفيد مديح هذة الراهبة العفيفة الان وهي بين دفتي الموت لا تسمعني اذناها

 

لقد قالوا لي أن الاب مارين اخطأ وله طفل من الزنى، فجريت انسج قميص الظلم واحيكه بجدارة ليرتديه هو حاكمًا عليه بأن البرية للقديسين وليس للخطاة .. أن البرية لأمثال ارسانيوس معلم اولاد الملوك وانطونيوس وبولا العفيف ولكن موسى ظاهرة استثنائيه! .. لكن كنت أحكم على نفسي انني ظالمًا وهي المظلوم صاحب السيرة العجيبة!

 

ربي إن كنت تتمجد مع قديسيك هكذا وتعينهم في اوقات الظلم التي أصابتهم فتعزوا وجازوا المحنة .. فماذ اقول عن نفسي أنا الذي لم أرحم ولم أشفق»

 

وفيما هو يفكر انتابته قشعريرة مخيفه .. فها أمامه القديسة وكأنها في جحرها بالجبل والشياطين تتجمهر في منظر عجيب متأهلين لقتالها صارخه في وجهها «ها قد اتينا اليكي في زي رجال فمن منا تريدين؟!» ثم تصرخ هي باعلى صوتها «يارب انقذني» فيتركوها لتظهر في ثياب وحوش مفترسة تهجم عليها في غير رحمة!

 

فيعود هو - الاب الشيخ - ليمسك بأذنيه خائر القوى ساقطًا ع الارض .. يارب انقذني .. ويل لكم لانها غلبتكم» فيعود عدو الخير بصراخ عالي فيسرع بعلامة الصليب ليعود السكون خارجا ولا يهدا الضجيج داخلًا ..

 

دقائق قليلة ويطرق باب قلايته فيفتح وعيناه تنجرف منها دموعه كالشلالات ليجد شخصًا وجهه صارم، عيناه مِحمرتان، ملامحه قاضبه، ومعه اثنين اخرين ليقولا له «لن ينفعك شيئًا ايها الظالم» فيرشم ذاته بعلامة الصليب غالقًا الباب باكيًا وباكيًا وباكيًا مُتخذًا الميطانيات مفرًا وملاذًا ..

 

شعر وأنّ ريادًا من العالم القديم شرعت أن تجد لها مكاناً.. حبّه وشوقه للمخلّص بدا وكأنه شاحباً أمام عنفوان الحرب الطاحنة في تلك اللحظات القاسية ! أصوات كثيرة مختلطة تكالبت عليه في تلك الليلة واختلطت بصرير الهواء الخارجي! ..

 

جلس في ركن من قلايته باكيًا، لم يكن قادرًا على الإحتمال. حتى أن الدموع لم تكن كافية وقتها لتبعث بالهدوء إلى قلبه. رفع أنينه وصلى: «أيها القدوس، يا من قبلتني في شركة القديسين سكان هذا الموضع، وجعلتني ابنَاً لك أنا غير المستحق، نجني من عنفوان هذة الحرب وأغفر لي»

 

وفيما هو هكذا طرق باب قلايته فاجاب في تلك المرة «أغابي» فأخبره أحد اباء الدير بنبرة حزينة «نحن في انتظارك يا ابانا للتجنيز» 

لنا حديث آخر