سحر الجعارة
«النقاب أفضل من ارتداء الكمامات الواقية، ولولا حرج منظمة الصحة العالمية لأجبرت جميع الدول على ارتدائه، فالماسك يعتبر نقاباً، وجميع سكان الصين يرتدون الماسك بالإضافة إلى حوالى 80% من المواطنين الأمريكيين يرتدون الماسك أيضاً، وبالتالى فالنقاب وسيلة مهمة لمواجهة هذا المرض»!!.. هكذا خرج البعض ليتاجر بهلع الناس من فيروس «كورونا» وليجد لنفسه مساحة من الاهتمام أو المصداقية.. أو ليبرر النقاب الذى حكمت المحكمة الإدارية العليا بحظر ارتدائه على هيئة التدريس بجامعة القاهرة، والمستشفيات التابعة لها!.

لكن السؤال: من صاحب هذه النظرية الفذة فى مقاومة كورونا؟.. أو صاحب «الافتكاسة الغريبة».. إنه «أسامة حجازى» هل يذكرك هذا الاسم بالإرهابى الأشهر «صفوت حجازى»؟.. نعم إنه شقيقه، الذى يعمل مذيعاً بقناة «الرحمة».. والقناة فى حد ذاتها لغز محير، فقد تم إغلاقها فى أكتوبر 2010 (بحسب موقع ويكيبيديا)، بتهمة إثارة الفتنة الطائفية.. ثم أعيد فتحها تحت اسم «الروضة» وأغلقت مرة ثانية بعد بيان 3 يونيو 2013 (كنت موجودة ساعتها قرب القناة).. ثم يقول الموقع إنها عادت «بعد توفيق أوضاعها»!.

الثابت أنها قناة تكفيرية وعنصرية بدأت برموز السلفية وتحريضهم على قتل الإعلامى «إبراهيم عيسى»، ورددت فى عدة برامج منها أفكار تكفيرية تحض على إشعال الفتنة الطائفية وتتولى غسل مخ الشباب وتزييف وعيهم.. تحت واجهة تسمى «محمد حسان» الداعية السلفى!.

و«حسان» أحد الذين تلاعبوا مع الشعب بمبدأ «التقية السياسية» وتبرأ من ماضيه وأفكاره، فقال «حسان»: «أنا أقر وأعترف أننا كدعاة إلى الله، وقع منا بعض الأخطاء فى الخطاب الدعوى، وأسمعنا الناس بعض الكلمات التى لا يليق أبداً أن تكون مرتبطة بمنهج سيد الدعاة إلى الله سيدنا صلى الله عليه وسلم»!.

والمعروف أن لحسان فتاوى كثيرة شاذة على رأسها تحليل الاستيلاء على ثروات الوطن، وتحريم الآثار الفرعونية بزعم أنها أصنام.. حيث أكد أن «الإنسان إذا وجد آثاراً فى أرضه أو منزله أو أى مكان يملكه فهى ملكه، فيعد هذا رزقاً وكنزاً من عند الله ومن حقه أن يبيعها ويصرفها، وتكون أموالها حلالاً له»، لافتاً إلى أنه «إذا وجد أى آثار مجسدة فى صورة أشخاص فلابد من أن يطمسها الإنسان»!!.

ولم يقل لنا «حسان» فى بيان اعترافه بالخطأ هل فتش عن «الركاز فى الأرض» من مال أو ذهب مدفون فى الأرض أو تاجر به، أو حقق ثروته من فتاواه فحسب أم من تلامذته الذين طبقوا أفكاره.. فتاجروا فى الآثار أو دمروا جزءاً من حضارتنا الفرعونية بالطمس والتشويه؟!.

على كلٍ، قناة «الرحمة» السلفية هى شأن يخص أسامة هيكل، وزير الإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.. ونحن لا نعلم من هو مالك القناة ولا ما هى علاقة «حسان» بها الآن.. ما يهمنا -هنا- هو استغلال «وباء عالمى» للسيطرة على عقول البسطاء.. وفرض حالة من «الدجل والشعوذة» لعلاج فيروس يضع خطاً فاصلاً بين الحياة والموت!.

لقد بدأ الاتجار بفيروس كورونا من المحتالين باسم الدين بالشماتة والدعاء على أكثر من مليار من الشعب الصينى، بزعم أن كورونا «جند من الله» لنصرة المسلمين المستضعفين فى الصين من تنكيل الدولة الملحدة بهم، واعتبره البعض انتقاماً إلهياً من «شيعة إيران» لسبهم آل البيت.. وكذلك دول «الغرب الكافر» التى لم يصلها مدد «الفتوحات من الأندلس»، وهى الدول التى تبحث عن علاج ومصل واقٍ للفيروس، ومد الحبل على امتداده أنه انتقام من الأثرياء الذين يرتادون الفنادق الخمس نجوم والبواخر السياحية.. وقصاص عادل من فقراء لا ترتدى نساؤهم الحجاب ولا يطبق معظمهم الزواج من أربع لدواعى العوز «وهم يعتبرونه سُنة»!.

إنهم يرون «كورونا» تنكيلاً بالأطباء الذين يتقاضون بدل عدوى 19 جنيهاً ويصافحون الموت ليحاصروه، ومن العلم الذى هجر «الطب النبوى» وداوى فيروس C بعقار «السوفالدى» بدلاً من قرص النحل وأعشاب «عبدالباسط».. وهكذا تتوالى الهلاوس محصنة بقال الله وقال الرسول.. وهل رأيت البيت الحرام مغلقاً؟.. مسرحية عبثية تقدم بأداء سخيف على جثث الأبرياء.. وبالتالى كان لا بد أن يبرز البطل إنه نجم الفراخ التقية «عمرو خالد» الذى كاد أن يصرخ «وجدتها» ثم أفصح بنفس الخشوع المفتعل والأداء السمج عن «سر الخلطة»، وكلنا نعلم أن «خالد» تقمص دور «العالم» ودخل ملعب «الإعجاز العلمى فى القرآن» من باب محاربة «الإلحاد»، أملاً فى أن يبتلع جزءاً من «تورتة الدعوة» وما فيها من بيزنس وبرامج وإعلانات وخلافه.. لكن سقط القناع مجدداً.

عقَّم «خالد» يديه، وثبت الكاميرا باحتراف (ليست كاميرا هواة).. وقدم نصائح «1X3».. وبملامح تفتعل الأسى تقمص شخصية «المساند للدولة» وقال: «اغسل يديك بشكل هستيرى، اشرب ينسون وفيتامين C، امتنع عن الأحضان والتقبيل».. ثم بدأ بعدها فى ذكر بعض الآيات ثم دعاء «التحصين من الكورونا».. ووجه كلامه للشباب الذى يلهث خلفه (على سبيل الموضة): اكتب معى.. كتبتم؟!. منتهى العبث والاستخفاف بالعقول والاحتيال باسم الدين.. «عمرو خالد» السياسى الفاشل والمصلح الاجتماعى الذى غيب الشباب ودعاهم للجهاد فى ليبيا.. واخترق المجتمع بدولته معسكرات «رايت ستارت» الخيرية الدولية البريطانية، يختطف الآن دور «الدولة» فى الحفاظ على أرواح مواطنيها، واتخاذ ما يلزم من إجراءات وقائية للحد من انتشار فيروس كورونا.

الآن، من يشعر بأعراض كورونا سوف يختبئ خلف «نقاب حجازى» أو يجلس مكانه يشرب «ينسون خالد» ويبتهل إلى الله أن يرد الحرمين إلى ما كانا عليه وأن يرفع عنا البلاء.. فهل هناك بلاء أكثر من «مرتزقة الدين»؟!.

إنه فيروس الاتجار بالدين.. «شعوذة منظمة» لاستغلال الضعفاء أمام الوباء.. والاستيلاء على جيوبهم فيما بعد بـ«بيزنس» الدين!.
نقلا عن الوطن