سحر الجعارة
لم يفلح «الحرس الثورى» فى صد هجوم فيروس «كورونا» عن مدينة «القم» الإيرانية، ولم ينجح مبدأ «التقية» فى إنكار تفشى المرض فى إيران، مما جعلها بمثابة مركز تهديد لتفشى كورونا عالمياً، خاصة مع تدفق الحجاج الدينيين، (لزيارة الأماكن المقدسة الشيعية فى إيران والعراق)، والعمال المهاجرين ورجال الأعمال ورجال الدين باستمرار عبر الحدود الإيرانية!.

لم تنجح دعوات «ملالى إيران» ولا مناهج «ملالى السنة».. وسقط ما نسبوه زوراً لنبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم) تحت شعار براق هو «الطب النبوى» فى أكبر اختبار عملى لقوة التداوى بالأعشاب والحجامة وعسل النحل والرقية الشرعية.

العالم ينتفض، والكل مذعور، وحركة السفر والطيران مشلولة، واقتصاديات الدول الكبرى تهتز (الصين فى المقدمة).. ونحن غارقون فى جدل لا ينتهى حول من يدخل الجنة ومن يدخل النار؟.. وكأن بيننا وبين العالم «blackout» يفصلنا عن الوعى والعلم والمعرفة!.

«العلم فى بلادى»: كفر وزندقة، (السير «مجدى يعقوب» نموذج لقذائف الجهلاء)، أما الدروشة وحالة فقدان الوعى والغيبوبة الفكرية فتسمى «أخلاق حميدة» لأنها تضمن لتجار الدين والعطارة قاعدة جماهيرية واسعة ترفعهم إلى سماء الفضائيات وتسكنهم فى القصور، (على الأرض وربما فى جنتهم الخاصة)، وتحصنهم ضد «المحاكمة العادلة» مهما أساءوا الأدب أو فرضوا ثقافة الكراهية أو تسببوا فى إزهاق الأرواح البريئة (عبدالله رشدى نموذج لتجار الدين).

«اِلْبس خرزة زرقاء»، والْعن اشتراكية الصين التى أنتجت لك سجادة الصلاة وفانوس رمضان والسيارات والكمبيوترات، (الفياجرا المحصنة ضد اللعنات)، واغرق فى أوهامك الوردية: (كم جارية تمتلك على الأرض؟ وكم حورية تنتظرك فى السماء إذا قمت بعملية انتحارية؟).. والْهث خلف فتاوى مفاخذة الصغيرة ونكاح المتوفاة وزواج الابنة من الزنا -على مذهب الشافعية- لأنهم انتزعوا عقلك وجعلوك تفكر بنصفك الأسفل.

هل كان لا بد من صدمة مروعة لعلك تفيق من غفلتك؟.. هل كان لا بد أن تسقط أوطان بإرهاب «داعش»، وتتهاوى عروش بفيروس «كورونا» لتدرك أن قدميك مغروسة فى الأرض الطيبة «تحت» وأن العقل مناط التفكير والتدبر «فوق»؟.. ربما!.

على الهواء مباشرة، وبينما كان «على حريرجى»، نائب وزير الصحة الإيرانى فى مقابلة تليفزيونية يجيب عن أسئلة حول فيروس كورونا، سعل «على الملأ» دون أن يغطى فمه، ما دفع المذيعة «الخائفة» إلى القول برد فعل عفوى: «أنت تسعل»!!.

فما كان من المسئول الإيرانى إلا أن قال: «خرجت من البيت فى طقس بارد، ويبدو أننى أصبت بنزلة برد، تحولت إلى سعال شديد».. وأضاف: «ربما كان علىّ أن أغطى فمى هكذا». وتابع: «أؤكد للشعب أن الحكومة شفافة فى التعاطى مع هذا الملف».. لكن «الطاووس الإيرانى» قد تم ذبحه على الملأ.. فلا شفافية ولا من يكاشفون.. خاصة بعدما أعلن «حريرجى» إصابته بالفيروس!.

بعض المحللين يروجون لنظرية أن فيروس «كورونا» صناعة أمريكية للقضاء على «الصين وإيران».. وجميعنا نعرف التهديد الاقتصادى من الصين لأمريكا وقوة الردع النووى والتمدد الشيعى لإيران.. نعلم مؤامرة «ملالى إيران» لتفتيت المنطقة العربية وتدخلها المباشر لإشعال الحرب ثم إحمائها فى «سوريا واليمن».. وفى هذا الإطار قد تبدو نظرية المؤامرة الأمريكية بشن «حرب بيولوجية»، مقبولة.. خاصة وقد كشفت الأيام أن «بن لادن وأبوبكر البغدادى» صنيعة المخابرات الأمريكية.

لكن فى قلب تلك الصراعات السياسية والهلاوس الدينية نحن بالفعل أمام تهديد خطير للبشرية، لا يحتمل الشماتة فى إيران ولا الدعاء على أكثر من مليار و300 مليون صينى، بزعم أن كورونا «جند من الله» لنصرة المسلمين المستضعفين فى أرض الصين من تنكيل الدولة الملحدة بهم، ولا هو انتقام إلهى من «شيعة إيران» لسبهم آل البيت.. لأن -ببساطة- معظم دول «الغرب الكافر» التى لم يصلها مدد «الفتوحات من الأندلس»، وظلت متنوعة عرقياً ودينياً وبعضها ملحد، هى دول تأخذ بالأسباب، (أيوه ديننا قال كده لكننا جهلة)، وترسخ قيم العلم وتسخر أعلى ميزانية للبحث العلمى وهدفه الأول القضاء على الأوبئة والأمراض المستوطنة.

لن أذكرك بأن الدكتور «ريموند شينازى» مخترع علاج فيروس سى (سوفالدى)، يهودى من أصول مصرية، لأن بداخلك «يقيناً ما» بأن اليهود أحفاد القردة والخنازير.. ولن أكرر عليك أن كبار الدعاة «الشعراوى مثالاً» تداوى على يد أطباء لا نعرف ملتهم ودخل غرفة العناية المركزة التى حرمها علينا.. ولا أن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور «أحمد الطيب»، شيخ الأزهر، قد أجرى قسطرة بالقلب فى مركز الدكتور «مجدى يعقوب» بأسوان!.

سوف تسأل ما علاقة كورونا بإيران بالصين؟.. إنها نفس علاقة «زواج الجنى من إنسية» الذى يشفى أو ينتهى على يد الأب «مكارى يونان» أو بـ«الرقية الشرعية» مدفوعة الأجر!.. أنتم من خلطتم العلم بالخزعبلات، واتكعبلتم مثل «جحا والحمار» فلم تلحقوا بصاروخ العلم المنطلق ليغزو الفضاء وقررتم البحث عن «الثعبان الأقرع» فى قبوركم وأنتم أحياء ترزقون!.

أنتم من اخترع نظرية «العقاب الإلهى» بالأوبئة والأمراض والفيضانات والزلازل والبراكين.. حباً -ربما- فى مشاهدة علامات القيامة «الصغرى أو الكبرى».. وتركتم النظريات العلمية لتجنب الفناء المحتمل للبشرية أو التدمير التدريجى للكرة الأرضية.

سألت أحد الدعاة -ذات يوم- هل يتزوج الجنى بإنسية؟، قطعاً من باب التندر، فأجابنى: المهم أن تحدد النسل!.

لقد اجتاح «تسونامى الدروشة» الدول الإسلامية، العربية منها على الوجه الخصوص، حتى لم نعد نتحدث فى كيفية مواجهة «كورونا» بل نتساءل: أى بوابة من الجحيم فتحت علينا؟.

انعم بالغضب الإلهى إن كنت من «المجاذيب».. أما إن كنت مؤمناً بأن الله سخر لنا العلم فكف عن لعن العلماء واستمع إلى توصياتهم.. ربما تنجو من «مهرجانات التدين»!.
نقلا عن الوطن