( 1622- 1673 )
بقلم /ماجد كامل
أشتهر الكاتب المسرحي الفرنسي الشهير موليير("1622-1673) . " بمسرحياته الكوميدية الراقية التي تهدف الي النقد السياسي والاجتماعي والاخلاقي ؛فالكوميديا كما قال عنها النقاد - سلاح قوي وبتار- لمواجهة المشاكل السياسية والاجتماعية والعمل علي حلها وذلك لسرعة وصولها الي أكبر عدد ممكن من البشر . ومن أشهر مسرحيات موليير مسرحية "عدو البشر" و"البخيل " و"الشيخ طرطوف" و" مريض بالوهم ".... الخ . أما عن موليير نفسه فلقد ولد عام 1622 في عصر الملك لويس الربع عشر "؛ وهو الملك الطاغية الذي وصف نفسه بلقب "أنا الدولة" ولقبه المؤرخون بـ"الملك الشمس" لأنه جعل من فرنسا قوة عظمي لا يستهان بها . ولكنه علي الرغم من طغيانه واستبداده كان يشجع الفنون والاداب ويرعي المبدعون رعاية كاملة ومن هنا فلقد أحتضن موليير وسهل له كل وسائل الإبداع الممكنة ؛ ومن شدة عشق موليير أصر علي تمثيل دوره في مسرحيته المعروفة "مريض بالوهم "بالرغم من اشتداد المرض عليه ؛وعندما طلبت منه زوجته الراحة حرصا علي صحته أجابها بقوله (ماذا تريدينني أن أعمل ؟ هناك خمسون فردا في فرقتي يكسبون قوتهم بالعمل يوما بيوم ؛فماذا يمكن أن يفعل هؤلاء جميعا إذا توقفت عن التمثيل ؟ إنني لا بد أن ألوم نفسي أشد اللوم لو توقفت عن العمل معهم ؛طالما أنا قادر علي أن أقف علي أقدامي ) وأثناء وقوفه علي خشبة المسرح أشتدت نوبة المرض عليه ؛فأخذته زوجته إلي بيته ؛وهناك أشتد السعال عليه مما ادي الي وفاته .

ومن مسرحيات موليير الشهيرة مسرحية "عدو البشر" وهي مسرحية تعالج قضية الإنسان صاحب المبدأ الذي يصر علي موقفه حتي لو أدي به الأمر إلي إكتساب عداوة سائر البشر وهو الإنسان الذي يقول عنه المثل العامي "يقول الحق ولو علي رقبته " وبطل المسرحية شاب يدعي "ألسست" مبدأه الرئيسي في الحياة هو ( أريد أن يكون الإنسان صادقا مخلصا مع نفسه ؛ فلا ينطق إلا بما يؤمن به قلبه ) . ويقول ايضا ( يجب أن نقسو ما استطعنا علي أي تظاهر باطل بصداقة لا نؤمن بها ؛ يجب أن نكون رجالا في كل موقف ؛ ألا نقول بألسنتنا وألفاظنا إلا ما يعبر عن حقيقة مشاعرنا الكامنة في نفوسنا ؛ ومن الضروري ألا نخفي حقيقة مشاعرنا تحت اي بهرجة من المجاملات ) وعندما أتي اليه رجل وجيه صاحب مكانة إجتماعية عالية وتلا عليه قصيدة من قصائده وطلب منه ان يعرف رأيه فيها ؛ رد عليه "اليسست" بكل صراحة قائلا (هذا شعر رديء جدا ؛

وخير لك أن تذهب به إلي سلة المهملات وتلقيه هناك ) فغضب الرجل صاحب المكانة العالية من هذا الرد ورفع قضية ضده ؛ وفي المحكمة حاول القضاة أن يثنوه عن رأيه وطلبوا منه أن يقول ولو كلمة مجاملة رقيقة في حق الرجل وقصيدته فرد عليهم "اليسست" بقوله ( كلا أيها السادة ؛ فأنا لا أرجع عن قولي أبدا ؛ هل ينقص من قدره أنه لايجيد كتابة الشعر ؟ في أي شيء يضره رأيي الذي لا يحمله علي محمل طيب ؟ قد يكون الرجل شريفا ولكنه لا يحسن كتابة الشعر ؛ فهذه أمور لا تمس الشرف من قريب أوبعيد ؛ أنني أعتبره رجلا فاضلا في كل شيء ؛ ولكنه شاعر رديء) ولقد أنتهت المسرحية بأن أصطدم "اليسست" مع المجتمع ومع البشر وبحث لنفسه عن ملجأ يأوي غليه ويعتزل فيه الحياة اعتزالا نهائيا ؛ ولقد انتقد موليير في هذه المسرحية بطريقة غبر مباشرة هذا الموقف المتشدد من "إليسست" فموقفه هو الاعتدال في كل شيء ؛ وهو يري الفضيلة تقوم علي اللين والمرونة في التعامل مع تفاصيل الحياة الصغيرة ؛ ثم إدخار القوة والصلابة بعد ذلك في المواقف الكبيرة والأساسية التي لا تتكرر كل يوم ؛ فعلي الإنسان أن يكون قادرا علي التفرقة بين ما هوجوهري وما هو عابر .