انتشرت على شبكة الإنترنت في الفترة الأخيرة ألعاب إلكترونية مجانية، تمثل خطورة كبيرة جدا على حياة الأطفال والمراهقين، حيث إن هذه الألعاب جذبت اهتمام الكثير من الأطفال والمراهقين الباحثين عن التسلية والمتعة، وتنتهي بهم إلى القتل والانتحار في بعض الأحيان من خلال تعليمات افتراضية تؤثر عليهم وتجعلهم خاضعين لتنفيذ هذه الأوامر.

وكان آخر هذه الألعاب الخطيرة، هو "كسارة الجمجمة skull breaker"، تحد جديد للعبة ظهرت على تطبيق "تيك توك"، خلال الفترة الأخيرة انتشرت بشكل واسع بين الطلاب في المدارس بعدد من الدول الأوروبية، ليتسلل بعدها إلى الطلاب في المدارس المصرية.

التعليم تحذر
وحرصا على سلامة الطلاب وحمايتهم من خطورة بعض الألعاب الإلكترونية والبرمجيات والتي قد تؤثر على حالتهم المزاجية وتدفعهم أحيانا إلى إيذاء أنفسهم أو إيذاء من حولهم، أصدرت وزارة التربية والتعليم، كتابًا دوريًا أهابت فيه المديريات التعليمية والمدارس ومسئولي الأنشطة والأخصائيين النفسيين ومجالس أمناء الآباء والمعلمين بتوعية الطلاب بخطورة لعبة "كسارة الجمجمة"، وخطورة ممارستها، مؤكدة ضرورة الاهتمام بالأنشطة المدرسية التي تتلاءم مع كل مرحلة من مراحل التعليم المختلفة.

ما هو تحدي "كسارة الجمجمة"
التحدي المعروف باسم "كسارة الجمجمة"، أو "skull breaker"، عبارة عن إقناع طفلان لثالث أنهما سيصوران مقطع فيديو أثناء القفز معا متجاورين، ويقفز الطفلان في البداية على يمين ويسار الفتى الأوسط، وما إن يأتي دور الأوسط ليقفز في الهواء يركلان ساقيه فيفقد اتزانه ويسقط ليرتطم جسمه في الأرض بقوة ويقع للخلف.

ويتسبب التحدي في حدوث إصابات خطيرة، حيث كتب أحد الوالدين في ولاية "أريزونا"، بالولايات المتحدة الأمريكية، في منشور على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن طفلهما أصيب بسبب التحدي، وأن مدرسته حذرت من مشاركة بعض الطلاب في التحدي الخطير، وفق ما ذكرت جريدة "the sun" البريطانية.

أصل التحدي
ظهر في فنزويلا وأطلق عليها اسم "رومبانيوس" باللغة الإسبانية والتي تعني "skull breaker"، وانتشر في أوروبا بعد أن صوّر أطفال المدارس بأمريكا الجنوبية أنفسهم أثناء اللعب، وأصيب طفل إصابة خطيرة وانتهى الأمر به في العناية المركزة حاليا نتيجة ممارسة هذا التحدي، وانتقدت كلا من الشرطة الأمريكية، والشرطة المحلية في مدينة غرناطة بجنوب أسبانيا هذه اللعبة، محذرين من هذه الممارسات الخطيرة.

وقالت الشرطة في أسبانيا في تغريدة لها: "هذه اللعبة تجتاح بعض المدارس، نود أن نحذر أتباعنا حتى يشاركوا هذه الرسالة بهدف تجنب مثل هذه الممارسات الخطيرة، والتي يمكن أن تسلل إصابات خطيرة للأطفال، تم التعرف على المدرسة التي يظهر فيها مقطع فيديو يوجد به صغيرا وهو يصدم بالأرض ويحطم رأسه في فنزويلا".

خطورة التحدي
تتسبب هذه اللعبة بمخاطر عدة تصل إلى الوفاة المفاجئة إثر السقوط على الرأس، وفيما يلي نوضح أبرز المخاطر التي يسببها هذا التحدي، وفقا لما أكده الدكتور أحمد كامل أستاذ المخ والأعصاب بكلية الطب جامعة القاهرة.

1- شرخ في المخ
قد يتسبب فقدان التوازن والسقوط المفاجئ على الرأس إلى حدوث شرخ أو كسر بالجمجمة قد يؤدي إلى نزيف بالمخ، ويكون خارج الأم الجافية فيحتاج إلى التدخل الجراحي لتفريغه، فضلا عن التعرض لارتجاج المخ والكدمات.

2- ارتجاج في المخ
كما يسبب السقوط المفاجئ إلى ارتجاج في المخ يؤثر على وظائف المخ نفسها، ولا يظهر تأثيرها في الأشعة المقطعية، وقد يؤثر الارتجاج على وظائف أخرى منها، تأثير الارتجاج على أعصاب المخ، كالعصب البصري فقد يؤثر على الرؤية، أو أعصاب الحركة فيؤثر على الحركة، أما إذا كانت الإصابة قوية جدا فقد يتسبب الأمر في حدوث نزيف مع الارتجاج.

3- نزيف في المخ
ويمكن أن يسبب اصطدام المخ بالجمجمة، وقد يتسبب في قطع الشرايين الواصلة بينهما مسببا نزيفا في المخ، وقد يؤثر النزيف على المراكز الحيوية في المخ فيؤثر على الحركة، مسببًا أعراضًا تشبه الشلل النصفي كفقدان القدرة على الحركة فينصف نصف الجسم الطولي.

4- كسر في الفقرات العنقية
وقد يسقط الشخص بشكل خاطئ على العنق فيتعرض لكسر في الفقرات العنقية، وفي هذه الحالة يحتاج إلى التدخل الجراحي لتثبيت الفقرات بشريحة ومسامير، ولكن في الغالب تكون عملية في منتهى الخطورة، لأنها قد تستلزم الفتح بجوار النخاع الشوكي.

5- انزلاق غضروفي عنقي
ويتسبب السقوط المفاجئ على العنق في الإصابة بانزلاق غضروفي عنقي، يتسبب في آلام شديدة، وتمتد خطورته في حال الانزلاق على النخاع الشوكي فيؤدي إلى حدوث شلل رباعي خاصة إذا لم يتم إسعافه سريعا، وتسبب الانزلاق في التأثير على الأعصاب الموجودة في النخاع الشوكي.

6- كسر في الفقرات الظهرية
كما يمكن أن يؤدي السقوط إلى كسر في الفقرات الظهرية، خاصة في حالة السقوط على سطح غير مستو، وتكمن خطورتها في التأثير على النخاع الشوكي، والذي يعد بمثابة الضفيرة العصبية التي يصل إليها الأعصاب الخارجة من الكبسولة الداخلية بالمخ، ما يتسبب في التعرض لشلل رباعي، أو شلل في الجزء السفلي ويصاحبه فقدان القدرة على التحكم في البول والبراز.

7- كسر في الفقرات القطنية
في حال السقوط على الفقرات القطنية، قد يتسبب في حدوث انزلاق غضروفي قطني، يمتد تأثيره إلى الأطراف السفلية فيشعر المصاب بالتنميل، الخدلان، والآلام الشديدة، وقد يمتد التأثير إلى الإصابة بعرق النسا، أو الشلل.

8- كسر في الحوض
وقد يتسبب السقوط المفاجئ على المقعدة في حدوث كسر في الحوض يؤثر على الحركة، ويؤدي إلى صعوبة التحكم في البراز، والبول، ويمتد الأمر إلى إصابة الشخص بالشلل.

9- الوفاة المفاجئة
وأخيرًا، قد يسبب السقوط المفاجئ على الرأس أو العنق في كسر مفاجئ في الفقرات العنقية، تؤثر على جذع المخ مسببة الوفاة المفاجئة، فهي إصابة تشبه الإعدام شنقًا.

ومن الجانب النفسي، أكد أساتذة الطب النفسي، أن هذه الألعاب تمثل خطورة كبيرة على المراهقين والأطفال، لأنهم أكثر استخدامًا لهذه التطبيقات على موقع التواصل الاجتماعي، مشددين على أن هذه الألعاب تستهدف عقول المراهقين لتدميرها لسهولة السيطرة عليهم؛ لأن هذه السن هي سن تكون عقولهم.

كارثة مرعبة
الدكتور محمد هاني، استشاري الطب النفسي والعلاقات الأسرية، يؤكد أن لعبة "كسارة الجمجمة" وغيرها من الألعاب الإلكترونية، كارثة مرعبة، لما لها من تأثير على الأطفال والمراهقين؛ لأنهم أكثر الفئات استخدامًا للتكنولوجيا في الوقت الحالي، ويبحثون عن كل ما يسبب لهم المتعة والإثارة للسخرية من بعضهم، دون التفكير في خطورة مثل هذه التحديات.

لماذا يقبل المراهقون على ألعاب الموت
يجيب الدكتور محمد هاني، عن هذا السؤال، قائلا، إن المراهقين والأطفال يمارسون هذه الألعاب القتالية لإثبات ذواتهم أمام زملائهم، فهي ألعاب تتحكم في سيكولوجية الشخصية بالنسبة للمراهق؛ لأنه لا يمتلك ثباتًا انفعاليًا بشخصيته، وتعتبر مرحلة "تقليد أعمى"، لكل ما يشاهده؛ لأن المراهق يمتلك اضطرابات نفسية وعصبية، وهذه من أكبر مساوئه التكنولوجيا الحديثة؛ لما سببته في قتل الإبداع لدى الشباب، والسيطرة على عقولهم، بهذه التحديدات.

دور الأسرة
تعد الأسر هي السبب الرئيسي فيما وصل إليه الأطفال والمراهقون، حيث يؤكد استشاري العلاقات الأسرية، أن الآباء والأمهات في هذه الفترة يرون أن تركهم أطفالهم يستخدمون التكنولوجيا بحرية، هو أمر طبيعي لرفاهية الأطفال، دون مراقبة ما يفعله أولادهم، وما هي محتويات المواقع التي يستخدمونها، وهذا يوضح حجم الكارثة التي وصلنا إليها، فالآباء أهملوا تربية أطفالهم، وأصبحت التربية في هذا الوقت "هاشة"، لذلك لابد على أولياء الأمور من تربية أولادهم عن طريق التربية السلوكية الجديدة، ومراقبة ما يستخدمونه على مواقع التواصل الاجتماعي.

دور المدرسة
كما يؤكد، ضرورة تفعيل دور الأخصائي النفسي والاجتماعي بالمدارس، وعمل حصص للتربية السلوكية بالمدارس، ومتابعة المدارس كل التغيرات والسلبيات التي تظهر على الأطفال والتواصل مع أولياء أمورهم بشكل مستمر، وإذا أخطأ أي طالب يتم عقابه عقاب رادع على الفور من قبل المدرسة.

الرأي الديني
ومن الجانب الديني، يؤكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بالأزهر الشريف، أن كل ما يؤدي للحرام فهو حرام، ودفع المفاسد مقدم على جلب المصالح، وإذا كان هناك تصرف يؤدي إلى إيذاء البدن، أو العقل، أو المجتمع، فهو حرام شرعا، وهذه الألعاب الإلكترونية تعتبر من وسائل ارتكاب الجرائم، لذلك فإن لعب وتحميل مثل هذه الألعاب الخطيرة حرام شرعا.

"ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة"، كما استشهد بقوله تعالى، "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما"، وشدد أستاذ الفقه المقارن بالأزهر الشريف، على أن الشريعة الإسلامية تأمر بتجنب ما يؤدي إلى المفاسد والذريعة، وكل ما يضر بالبشرية.