على مقهى شعبى فى عاصمة عربية تجمع جمهور غفير من المشاهدين لمتابعة مباراة كرة قدم لفريق ليفربول البريطانى وبهدف تشجيع بطلهم الشعبى الأسطورى محمد صلاح.

 
فى هذه المباراة أحرز محمد صلاح هدفين وسط تصفيق وتهليل وسعادة غير عادية للجمهور الموجود فى المقهى.
 
بعدما انتهت المباراة بفوز ليفربول، بادرنى مجموعة من الشباب بأسئلة مهمة وحماسية كانت على النحو التالى:
 
شاب: يا أستاذ.. مبروك لنا فوز ليفربول!
 
العبد لله: أنت تشجع الفريق البريطانى وكأنه منتخب مصر أو كفريق عربى.
 
الشاب: لا تعنينى بريطانيا، ولا يعنينى ليفربول، الذى يعنينى ابن بلدنا الأسطورة محمد صلاح.
 
العبد لله: وهل تتابعه دائماً؟
 
الشاب: منذ أن التحق محمد صلاح بفريق تشيلسى ثم روما ثم ليفربول وأنا وأصدقائى لا نترك مباراة يلعب فيها «أبو مكة».
 
ثم عاد وسألنى: ولكن يا أستاذ لو لم يسافر محمد صلاح للخارج ويخدمه الحظ للعب فى أندية كبرى وبقى فى عالمنا العربى، هل كانت هناك فرصة له للتألق والنجومية، وهل كان سيحصل على نفس الشهرة والثروة؟
 
العبد لله: فى الخارج هناك صناعة محترفة لكرة القدم.
 
الشاب: وما دخل الاحتراف والصناعة؟
 
العبد لله: من قواعد الاحتراف أن تختار عناصرك البشرية بناء على الكفاءة المطلقة بصرف النظر عن الدين، والجنسية، واللون، والعرق.
 
الشاب: بمعنى؟
 
العبد لله: مثلاً يورجن كلوب مدرب ليفربول الشهير اختار محمد صلاح للعب ليس من قبيل أنه قريبه، أو بلديات، أو له نسبة من حصيلة البيع، ولكن على أساس موضوعى وعلمى تماماً.
 
الشاب: وما الذى يجعلهم فى الغرب بهذا القدر من الموضوعية؟
 
العبد لله: لأن قانون البقاء الشرس يعتمد على فلسفة البقاء للأقوى والأفضل، ولا مجال للمهزوم، ولكن البقاء فقط للفائز.
 
الشاب: هل هذا يعنى أنه إن أخفق محمد صلاح يمكن التضحية به؟
 
العبد لله (مقاطعاً): يتم التضحية به وبميسى ورونالدو وبساديو مانيه وحتى يورجن كلوب نفسه إذا ساءت نتائجه، وحدث ذلك مع «بيليه، وجورج بيست، وزونى، وإبراهيموفيتش!».
 
الشاب: هؤلاء قلوبهم صخر لا يعرفون معنى الوفاء!
 
العبد لله: أبداً هم أوفياء إذا كان الموضوع عملاً إنسانياً محضاً، ولكن الكرة صناعة وبيزنس وشركات، وأسهم ومساهمون، وجمهور ومبيعات وإعلانات وتكاليف لا مكان فيها إلا للقوى.. والقوة هنا للمال، والمال يأتى من الشعبية، والشعبية تأتى من النجاح، والنجاح يأتى من الفوز المتكرر الصانع للبطولات.. بالتالى ليس فى ثقافتهم «مقدس أبدى»!
 
الشاب: ولكن كيف يضحّون بالبطل سواء كان لاعباً أو مديراً حتى؟
 
العبد لله: أنت مستمر طالما أنت تكسب وتمنح جمهورك وناديك المتعة المؤدية للفوز والبطولات.
 
الشاب: هذا هو سر تفوق الكرة عندهم؟
 
العبد لله: نعم، إنه الفارق الجوهرى بين الشرق والغرب، بين الشخصانية عندنا والموضوعية عندهم، بين عواطف وهوى الشرق وبراجماتية وعملية الغرب! إنها فلسفة العبرة بالنتائج!
نقلا عن الوطن