كتب - أحمد المختار
يحتفل العالم اليوم 6 فبراير باليوم العالمي لمناهضة و رفض تشويه الأعضاء التناسلية و الذي يعرف بـ " ختان الإناث " ، و هو اليوم الذي ترعاه منظمة " اليونيسيف " التابعة للأمم المتحدة و المعنية بالطفولة ، و ذلك بالسعي لجعل العالم يعي مدى خطورة ظاهرة " ختان الإناث " ، و تعزيز القضاء على هذه العادة الضارة و الخطيرة التي تتعرض لها " فتاة " كل 15 ثانية في مناطق مختلفة من دول العالم ، و بالحديث عن الشأن الداخلي " المصري " نجد أن الحكومة ممثلة في وزارة الصحة و السكان قد طالبت جميع أطقمها الطبية ، بإبلاغ الشرطة فوراً ، عند رصد وقوع أي " حالة ختان " .

القانون المصري
ففي السنوات الأخيرة حرصت " مصر " علي وضع قوانين تجرم ظاهرة " الختان " و هو ما يظهر في التجريم القانوني الذي بدأ عام 2008 و تعزز عام 2016 بمعاقبة مرتكب الختان بعقوبة قد " تتجاوز 7 سنوات " ، فمن الصادم أن نسمع بمثل هذه الحوادث بالرغم من المخاطر المعلنة عن الختان وتأثيره السلبي على الصحة النفسية والجسدية للمرأة وجهود الحكومة المصرية في تغليظ العقوبة لتصل إلى مدة تتراوح من " خمس " إلى " سبع " سنوات و قد تصل إلى " 15 " سنة إذا كان فعل الختان أدى إلى وفاة الضحية أو إصابتها بإعاقة دائمة ، و رغم كل ذلك ما زالت هناك الكثير من الحالات التي تحدث بصفة يومية و كانت أخرها " الطفلة ندي " ابنة محافظة أسيوط التي توفيت عن عمر 12 عام .

جريمة أسيوط
حيث تم إخلاء سبيل " طبيب الختان " بأسيوط بكفالة 50 ألف جنيه ، و أسرة الطفلة بضمان محل إقامتهم ، بحسب حكم " محكمة منفلوط " الجزئية ، التي أخلت سبيل طبيب الختان " على . ع " و المتهم فى واقعة وفاة " الطفلة ندى " البالغة من العمر 12 عام ، و التي راحت ضحية الختان بكفالة 50 ألف جنيه ، كما أمرت المحكمة بإخلاء والدها و والدتها و خالتها بضمان محل إقامتهم على ذمة القضية ، حيث قال الطبيب أمام وكيل النيابة العامة : " الطفلة جاءت إلى العيادة بصحبة والدها ، و والدتها ، و خالتها ، و أنهم طلبوا منه إجراء عملية تجميل للعضو التناسلي للفتاة ، و لكنها تعرضت للنزيف أثناء إجراء العملية ، و لم يستطع إسعافها ما أدى إلى وفاتها على الفور ، حيث تم إدخالها غرفة العمليات مرتين ، الأولى أثناء العملية ، و المرة الأخرى كانت بعد دقائق من إجراء العملية و ذلك لعلاج و إيقاف النزيف الذى تعرضت له .

و اعترف الطبيب خلال تحقيقات النيابة بأنه أجرى العملية بمفرده دون الاستعانة بأي شخص من الأشخاص سواء من التمريض ، أو أطباء التخدير كون العملية لم تكن فى حاجة إليهم ، مشيراً إلى أن " والدة الطفلة ، و خالتها " كانتا داخل غرفة العمليات معه أثناء إجراء العملية حتى انتهائها ، رغم اعتراف والد و والدة و خالة الطفلة باصطحاب ابنتهم لإجراء عملية ختان ، و ليس عملية تجميل ، و هو الأمر الذي أثبتته التقارير الأولية للطب الشرعي على أن الحالة كانت ختان ، و ليس عملية تجميل كما يدعى الطبيب ، حيث تم استئصال جزء من " البظر " ، و أن الطفلة البالغ عمرها 12 عام ، أجرت العملية بدون وجود طبيب تخدير أو تمريض ، كما أن الطبيب ليس طبيب جراحة بل طبيب نساء وولادة !! "  .

منظمة اليونيسيف
حيث أدان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر الوفاة المأساوية " لندى " ، و التزم بمواصلة العمل لمناهضة ختان الإناث و تعزيز و تمكين المرأة و دعم الحكومة المصرية في تحقيق التنمية البشرية و رؤيتها الوطنية و أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030 .

تعريف الختان
فبحسب منظمة الصحة العالمية هو " تشويه للأعضاء التناسلية الأنثوية " ، حيث عرفته بأنه " أي عملية تتضمن إزالة جزئية أو كلية للأعضاء التناسلية الأنثوية دون وجود سبب طبي لذلك " .

أضرار الختان
توجد عدة مخاطر تتعرض لها الفتيات بسبب " الختان " ، و هو الأمر الذي يسبب الضرر بالكامل لصحة الإناث بأشكال متعددة و تضم المضاعفات الفورية : " ألم شديد - صدمة - نزيف - عدوى بكتيرية - احتباس - تقرحات " .

أما المضاعفات طويلة الأمد : " التهابات متكررة في المسالك البولية - متلازمة المبيض المتعدد الكيسات - العقم - ألم خلال ممارسة الجنس و عدم الاستمتاع به - مضاعفات أثناء الولادة - زيادة خطر وفاة الأطفال حديثي الولادة - بالإضافة إلي الحاجة أحياناً إلى إجراء عمليات جراحية متعددة ، وبالأخص في حال القيام بتضييق فتحة المهبل " ، بجانب الآثار النفسية المتعددة مثل " الاكتئاب " .

أسباب الختان
تتم عملية " ختان الإناث " كجزء من العادات و التقاليد المجتمعية أو الدينية التابعة لمجتمعات معينة ، فيعتبرها البعض وسيلة لتربية الإناث و تحضيرهن للزواج ، و يعتبرها البعض الأخر وسيلة للحفاظ على النظافة الشخصية ، و بالرغم من الخطر الكبير على صحة الأنثى إثر هذه العملية ، إلا أنها ظاهرة منتشرة ولا تزال العديد من المجتمعات تقوم بها ، كنوع من التقاليد والعادات الموروثة عبر الأجيال ، حيث تعرضت 200 مليون امرأة لتشويه أعضاؤهن التناسلية عبر العالم ، بزعم أن الختان يبعد المرأة عن الذروة الجنسية المفرطة .

الإحصائيات
ينتشر ختان الإناث بصورة رئيسية في الدول الأفريقية من " الصومال " شرقاً إلى " السنغال " غرباً ، و من " مصر " شمالاً إلى " تنزانيا " جنوباً ، حيث تشير الدراسات المُستندة على البيانات المنشورة سنة 2016 ، أنَ " ختان الإناث " مُتمركز في 27 دولة في أفريقيا ، إلى جانب " إندونيسيا ، و كُردستان العراق ، و اليمن " .

ويُعتقد بأنَّ عدد الفتيات و النساء المختونات في " الدُول الثلاثين "  المذكورة يفوق " المائتي مليون " ، و أظهرت الأبحاث المنشورة سنة 2013 أنَّ عدد الفتيات المختونات في " مصر " بلغ 27.2 مليون ، و في " أثيوبيا " 23.8 مليون ، و في " نيجيريا " 19.9 مليون .

و قدرت مُنظمة " اليونيسيف " أعداد الإناث المختونات في سنة 2016 بِحوالي 200 مليون يعشن في الدُول سالِفة الذكر ، إلى جانب بضعة مناطق ومُجتمعاتٍ أُخرى حول العالم .

مصر
حيث بلغت النسبة في مصر بين الفتيات من سن 15 إلي 17 عام حوالي " ٦١٪ " .
و بلغت بين السيدات المتزوجات " ٥٧،٨٪ " .
و بلغت حالات الختان التي قام بها العاملين في المجال الطبي " 82 % " . و ذلك بحسب " المسح السكاني " لمصر .

رأي الدين
1 - دار الإفتاء : حيث أكدت في فتوى سابقة لها ، أن قضية " ختان الإناث " ليست قضية دينية فى أصلها ، ولكنها قضية ترجع إلى العادات و التقاليد و الموروثات الشعبية ، حيث أصبح لها مضار كثيرة جسدية و نفسية ، مما يستوجب معه القول بحرمته و الاتفاق على ذلك ، دون تفرق للكلمة و اختلافٍ لا مبرر له ، حيث أكدت الدار أن " حديث أم عطية " الخاص بختان الإناث ضعيف جداً ، و لم يرد به سند صحيح فى السنة النبوية ، مشيرة إلى أن الدليل على أن الختان ليس أمراً مفروضاً على المرأة أن النبي لم يختن بناته ، و إن محاربة هذه العادة هو تطبيق أمين لمراد الله تعالى فى خلقه ، و بالإضافة إلى أن ممارسة هذه العادة مخالفة للشريعة الإسلامية فهي مخالفة كذلك للقانون ".

2 - الكنيسة : حيث أكد القمص " رافائيل نصر " كاهن كنيسة " مار جرجس " بطوخ ، أن العقيدة المسيحية تُحرم ختان الإناث ، لأنه استئصال لبعض أجزاء الأعضاء التناسلية للأنثى ، وهو أمر تحرمه المسيحية التي تمنع الإنسان من العبث بخلقة الله ، مشيراً إلى أن الكتاب المقدس ذكر الختان و لكنه ربطه " بالذكور " فقط ، أما ختان البنات فلا توجد إشارة له فى الكتاب المقدس لا من قريب ولا من بعيد .
و قال القس " بولس حليم " المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية : " أن العقيدة المسيحية تمنع ختان الإناث و تحرمه ، و أن العظات الكنسية و دروس التربية الكنسية فى القرى و النجوع تحذر من مخاطر ختان الإناث و تنهى عنه باستمرار " .

المجلس القومي للمرأة
في عام 2019 تم إطلاق المبادرة الوطنية لتقليل العنف القائم على النوع الاجتماعي و إنهاء الممارسات الضارة التي تلحق بالفتيات مثل " ختان الإناث " ، و نجحت المبادرة في الوصول إلى عدد كبير من المستهدفين من الإناث و الذكور و أسرهم أيضاً و ذلك من خلال الفاعليات الميدانية والتي بدأتها المبادرة في محافظات الصعيد ، كما أتاحت المبادرة منصات إلكترونية تهدف إلى التواصل المباشر مع الفتيات .

و من أهم المجهودات " إنشاء مكتب حماية الطفل بمكتب معالي المستشار النائب العام " ، لمكافحة جرائم العنف ضد الأطفال و التي على رأسها جريمة ختان الإناث ، و تم تفعيل دور لجنة حماية الطفولة و تطوير منظومة العدالة الجنائية و ذلك للتنسيق السريع في كل الجرائم الخاصة بالأطفال مع خط نجدة الطفل " 16000 " .