لا يستوعب عقل ناصر صلاح، وزوجته رضا رمضان، أن يتم قتل ابنهما الوحيد بسبب الخلاف على ثمن «ذراع بلاى استيشن»، ويُدفن جثمانه «فى اليوم اللى قال لنّا نفسى آخد إجازة وارتاح فيه»، بعد قرار النيابة العامة، التي أمرت بحبس المتهم في الجريمة، 4 أيام على ذمة التحقيقات.

 
الساعة تُشير إلى الـ10.30 مساء الجمعة الماضى بمنطقة دار السلام في القاهرة، ووالد أحمد، كان نائمًا «شغال سواق، ودا يوم إجازتى الوحيد»، أيقظه صياح الجيران «انزل يا عم ناصر، ابنك متعور»، فهرول إلى الشارع «لم أستوعب كل التجمهر دا».
 
«قلبى ارتجف»، قالها بنبرة الخائف، حين اتصل عليه زوج ابنته الصيدلانى علاء محمود، وأخبره: «طارق ضرب ابنك بمطواة.. لا تخف إصابة بسيطة، روحنا مستشفى المعادى العسكرى».
 
 
أحمد ضحية الـ«بلاى استيشن»
«إية اللى جرى لابنى»، سألته زوجته بينما تحركت معه للمستشفى، أما هو فكان يدور في رأسه سؤال: «ليه اتخانقوا مع بعض»، وبمجرد وصولهما لاحظا أحد الأطباء يُنادى «علاء» زوج ابنتهما: «شدّ حيلك البقاء لله.. عملنا الإسعافات لكنّها إرادة ربنا».. لم يصدق الأب «اللى سمعته بالكاد من الطبيب»، نظر إلى زوجته التي شعرت بالقلق «فى حاجة ابنى مات» ودخلت في نوبة بكاء هستيرى «كنت خايف أقول لها الخبر، هىّ عرفت لما بصت في عينى».
 
ابتلع والد «أحمد» ريقه وبدأ يجفف دموعه، وسأل شقيقه الذي وصل للمستشفى «إيه اللى حصل إزاى ابنى اتقتل» أخبره بأنه سمع من شهود العيان «طارق راح لأحمد الصيدلية اللى شغال فيها، وأرسل له شابًا وطفلاً مرتين، لاستدعائه خارج محل عمله، وبعد خروجه من الصيدلية باغته بضربات متتالية بـ(مطواة) على رأسه وصدره حتى سقط أرضًا».
 
ويضيف- وهو يُحاول انتشال ذلك المشهد من الذاكرة: «عرفت من أصدقائه إنه قاللهم طارق مشبوة، ومش عاوزينه يدخل وسط شلتنا، وأحدهم يُدعى فارس نقل الكلام، فتربص به المتهم وقتله.. ابنى كان بيحلم يدخل المعهد الفنى العسكرى، وكان بيقولنا عاوز أخدم بلدى وأدافع عنها.. لكن الموت خطفه.. والغريب إن يوم الجريمة صلينا الفجر مع بعض ووصيته خلى بالك من أمك وأخواتك من بعدى يا حبيبى.. ليرد عليه انت اللى هتخلى بالك وربنا يخليك».
 
وبعد إصدار النيابة قرارًا بدفن الجثة، لم تتوقف الأم المكلومة خلال الجنازة عن ترديد عباراتها: «اتدفن يوم الإجازة اللى طلبها من زوج أخته الصيدلانى، كان بيقول لىّ عاوز ارتاح يوم الإجازة، وراحته يدفن، ويقتل في عز شبابه، يوم 8 الشهر الجاى، كان هيتم 20 سنة». وفى منزل المجنى عليه، أمسكت شقيقتاه، إحداهما متزوجة، والثانية في المرحلة الإعدادية، بصورته: «أنت أخونا الوحيد، مالناش غيرك ظهر وسنّد»، في حين تتذكر الصغرى: «كان بيقول لىّ شدى حيلك عاوزك تبقى دكتورة».
 
وأظهرت كاميرات المراقبة بالصيدلية خروج المجنى عليه، بعد استدعائه ليباغته المتهم بـ(مطواة)، وزملاؤه يتذكرون: «اليوم اللى كان عاوز ياخذه إجازة، قال لنا هعزمكم كلكم على الغداء، فمشينا في جنازته».
 
في الطرف الآخر من المشهد، وفى محيط «سايبر بودى»، حكى أصدقاء المتهم والمجنى عليه: «أحمد كان بيشتغل عند عبدالرحمن، صاحب السايبر، وترك العمل منذ شهرين، لخلافهما على الأجر، وهو ماشى قال لصاحب الشغل لىّ فلوس عندك، لكن الأخير أذاع بين الجميع في ذراع بلاى استيشن ثمنه 500 جنيه فقدته من المحل، واللى أخذه أحمد».
 
تنصل «أحمد» من اتهامه بالسرقة، فاستدعى «عبدالرحمن» المتهم «طارق» صديقهما، والذى أصبح طرفًا بالواقعة، وطالب المجنى عليه بدفع 300 جنيه بدلًا من 500، وحصل خلاف بينهم، طارق حب يعلم على أحمد فراح له الصيدلية وضربه قاصدًا إصابته مش قتله».