محمد أمين
كيف تعامل العالم مع كارثة كورونا؟.. وكيف تعاملنا معها؟.. هناك من قطع خطوط التواصل مع الصين براً وبحراً وجواً.. وعندهم حق.. وهناك من اكتفى بالصراخ فقط.. وفريق آخر ننتمى إليه بدأ يتكلم عن شرب الينسون والكراوية.. وهناك من تحدث عن ماء الوضوء، والوضوء خمس مرات، فهؤلاء لا يقربهم كورونا أبداً.. بدعوى أن الفيروس يتساقط مع الماء!

هناك فريق دخل المعامل لإيجاد حل.. وفريق راح يدخل الصوامع والمساجد ليدعو بالشفاء.. مع ملاحظة أننى لست ضد الدعاء لرفع البلاء، ولكن الدعاء وحده لا يكفى.. لأن الله سبحانه يعلمنا التوكل الصحيح بأخذ الأسباب، وإلا يكون نوعاً من التواكل الذى لا يقبله الله ولا رسوله!.. الله يأمر بالعلم لإنقاذ البشر، ويعتبر العلماء ورثة الأنبياء.. ولم يكن يقصد علماء الدين أبدا!

فهل يعقل أننا مازلنا كما نحن، نتكلم بعد كل هذا العلم عن الرقية والحجاب فى مواجهة طاعون العصر؟.. كل ما شغلنا هل المتوفى شهيد أم لا؟.. كان أولى بنا أن ندخل المعامل ونبحث عن طريق للعلاج، وليس الاكتفاء بشرب الينسون والجنزبيل.. وماء الوضوء.. فماذا يفعل غير المسلمين.. نحن نتحدث عن علاج للبشر، وإذا كان الفيروس يتساقط مع الماء، فلا توجد مشكلة!

ومن المهم أن نستطلع رأى العلماء وليس الإفتاء'> دار الإفتاء.. وما علاقة المشايخ بوباء عالمى؟.. وما علاقة كورونا برجال الدين أياً كانت عقيدتهم؟.. وأياً كان المذهب الذى ينتمون إليه؟.. مفترض أن تتحرك فرق البحث العلمية لمحاصرة الفيروس الغامض، وليس رجال الدين.. من المفترض أن يكون هناك عقار وليس فتوى.. ولا يصح أن تصدر أى فتوى من أى نوع!

مكافحة العدوى تحدث فى المعامل وليس فى المساجد.. ولا يعنى ذلك أن نلغى المساجد (لمن لا يفهمون الأمور فى سياقها الصحيح).. الكلام لا يعنى إما الأبيض أو الأسود.. إما هذا أو ذاك.. نريد شوية تفكير.. شوية عقل ليس مجرد شعوذة ونصب ودجل.. شرب الماء فى كل الأحوال مهم.. وشرب الدواء أهم.. معلوم أن الحلوق الجافة عرضة لنقل العدوى.. ولكن الدواء أهم!

يا سادة: ما كان يصلح أيام الرسول لا يصلح الآن.. الأمراض نفسها تتحور وتتطور بيولوجياً.. فلا يصح أن نكتفى بالدعاء لطرد كورونا وغيرها.. إن الله لا يرفع الطاعون بالدعاء عليه.. إنما يرفعه بما يقدمه العلماء من عقاقير وأدوية وأبحاث علمية لتكون السبب فى صرف البلاء.. فكروا فإن التفكير نعمة أنعم بها الله على عباده، وطالبهم بأن يتفكروا ويتدبروا.. وقال سبحانه أفلا يتفكرون؟.. فكروا تصحُّوا!

mm1aa4@gmail.com
نقلا عن المصرى اليوم