تخضع أم في كوريا الشمالية لتحقيقات من جانب وزارة أمن الدولة، لتحديد مدى استحقاقها لعقوبة السجن، بعد أن علمت السلطات الحكومية أنها دخلت لمنزلها المحترق لتنقذ أطفالها من الموت، لكنها لم تنقذ صور زعماء كوريا الشمالية المعلقة على الحائط.

 
شب حريق كبير بمنزل تسكنه عائلتان في قرية بمقاطعة "هاميونج" القريبة من الحدود مع الصين، وكان كل من الأبوين في العائلتين خارج المنزل للعمل أو قضاء الحاجات المنزلية، وبعد تحذير من باقي السكان، عادت كل من الوالدتين إلى منزلهما المشترك المحترق، ودخلتا لإنقاذ الأطفال، إلا أنه يبدو أن واحدة منهما نسيت في خضم الأحداث أن تنتزع صور الزعيم "كيم يونج أون" وباقي الزعماء السابقين من على الحائط، أو أنها لم تكن تمتلك الوقت الكافي لإنقاذ كل من الأولاد والصور، وفقا لما نشرته صحيفة (Daily Mail) الإنجليزية.
 
تحتجز السلطات الام حاليا لإنهاء التحقيقات، وهذا تركها غير قادرة على زيارة أطفالها الذي تعرضوا لحروق بالغة، كما أنها لا يمكنها شراء بعض المضادات الحيوية التي طلبتها المستشفى من أجل علاج الأطفال، وتتردد الروايات عن رغبة بعض الجيران في مساعدة الأم، إلا أن هذه الرغبة لم تترجم إلى مساعدة حقيقية، نظرا لخوف الجميع من تقديم أي نوع من المساعدة أو حتى إبداء أي قدر من التعاطف مع الأم المتهمة، لتلافي غضب السلطات والتعرض للعقوبة.
 
في حالة ثبوت تقاعس الأم المتهمة عن إنقاذ صور الزعماء، فإنها ستواجه عقوبة سجن مطولة مع الأشغال الشاقة، لتكون عبرة لكل من لا يعامل صور الزعماء بالاحترام الواجب أو بتقاعس عن العناية بها وحمايتها في كل الظروف، حتى لو على حساب حياته أو حياة أسرته.
 
تنص القوانين الرسمية في دولة كوريا الشمالية على وجوب تعليق صور الزعيم الحالي، والزعماء السابقين كذلك، على أكثر حائط مميز في المنزل، والذي يكون غالبا في غرفة المعيشة، كما يمنع تعليق أي صور أو أشياء أخرى بجانبها، إلا لو كانت شهادات تقدير أو جوائز من الزعماء، أو صورا معهم.
 
ترسل وزارة أمن الدولة، أو الأمن الداخلي، مفتشين لزيارة المنازل بطريقة فجائية، للتأكد من التزام الجميع بهذا القانون الصارم، وللتأكد كذلك من أن جميع الصور تعامل بالاحترام والتبجيل اللائق بها، ويتم الإبلاغ عن أي تقصير في العناية بالصور، حتى لو كان وجود بعض الغبار على عليها، حيث إن وجود الغبار على الصور يعتبر جريمة يعاقب عليها مرتكبها بغرامة مالية، تزداد قيمتها مع سمك طبقة الغبار الموجودة على الصورة، كما قد تزيد العقوبة لتشمل السجن كذلك إذا وجدت الصورة مغطاة بكميات كبيرة من الغبار أو العنكبوت، أو تعاني من حالة إهمال واضحة.
 
نتيجة لهذه القدسية التي يتوجب على المواطنين التزامها مع صور الزعماء، والعقوبات الصارمة الواقعة على من يخالفها، انتشرت الحوادث والروايات عن تضحية الناس بحياتهم من أجل إنقاذ تلك الصور، وكيف يتم تصدير هؤلاء المخاطرين بحياتهم لإنقاذ صور الزعماء في الصحافة والإعلام على أنهم أبطالاً قوميين، خاصة إذا ماتوا أثناء محاولتهم انقاذ الصور من حريق أو منزل متهدم أو مكان يشهد عاصفة أو سيول أو فيضان.
 
محاولات إنقاذ الصور، والموت أثناء المحاولة، امتدت إلى الأطفال كذلك، فالسكان ووسائل الإعلام يتناقلون قصة الطفل الذي عثر المنقذون على جثته المتفحمة محتضنة صورة محترقة لأحد الزعماء، كما ماتت فتاة في الرابعة عشر من عمرها غرقاً، أثناء محاولتها إنقاذ الصور من داخل منزل أسرتها الذي غمره الفيضان، سنة 2012