إقليم مشتعل بفعل صراعات إقليمية لا تتوقف. دول تتمزق بفعل تدخلات خارجية ومصالح متعارضة، حدود ملتهبة، وخرائط يعاد ترسيمها على إيقاع الحروب. اقتصادات تنهار، وأخرى تتابع فى ترقب. تلك هى الصورة الحالية لمنطقة الشرق الأوسط، ومع اشتعال التوترات الإقليمية فى المنطقة عقب قيام الولايات المتحدة باغتيال الجنرال الإيرانى قاسم سليمانى، وهى الخطوة التى تبعها قلق عالمى على المستوى السياسى والعسكرى، وفى المقابل كانت الاقتصادات والأسواق العالمية تعيش حالة قلق مضاعفة.

ومع تزايد حدة التوترات، كانت أسعار النفط شهدت ارتفاعات واضحة، ثم هدوءاً نسبياً، وتزامناً مع ذلك قفزت أسعار الذهب بشكل حاد، وتبعها هبوط كبير فى البورصات العالمية، ما دفع صانعى القرار الاقتصادى فى مصر إلى الترقب، فكل دولار زيادة فى أسعار النفط، يكلف الخزانة العامة نحو 4 مليارات جنيه فى المتوسط، وكل اضطراب إقليمى من شأنه أن يدفع أموال المستثمرين الأجانب للهروب خارج المنطقة تماماً، بحثاً عن ملاذات أكثر هدوءاً وأمناً.

وعلى الرغم من الموقف الحالى فى الإقليم، فإنه يمكن القول إن الاقتصاد المصرى لا يزال -رغم التحديات والمخاطر الجيوسياسية القائمة- مؤمّناً بشكل نسبى، بفضل القيام بعدة خطوات، ربما كان أهمها عقود «التحوط» التى وقعتها الحكومة مع بنوك عالمية للتأمين ضد تقلبات أسعار النفط العالمية. فى السطور التالية ترصد «الوطن» مدى تأثير التوترات الإقليمية على الاقتصاد المصرى بكافة جوانبه، بداية من تدفقات الاستثمار الأجنبى بشقيه المباشر وغير المباشر، والموازنة العامة للدولة، وبالطبع على أسعار المعدن الأصفر فى السوق المحلية.