هناك أزمة خانقة قد تطيح بكثير من وسائل الإعلام العربى فى خلال الأشهر المقبلة.

 
فى السعودية، التى تعتبر أكبر الأسواق الإعلانية، وبها أغنى مؤسسات إعلامية، هناك ضغوط شديدة على الجمعيات العمومية لملاك المؤسسات الصحفية الرئيسية من أجل تأمين أسعار الورق، والأجور، والمرتبات.
 
فى الإمارات اضطر كبار المستثمرين إلى تعويض خسائر بعض المشاريع وتخفيض عدد العمالة إلى أقل حد.
 
فى لبنان خرجت جريدة «السفير»، التى كانت تعتبر واحدة من أفضل التجارب الصحفية فى عالمنا العربى، من الأسواق، واحتجبت عن الصدور، وأغلقت قناة «المستقبل»، التى أسسها رفيق الحريرى، رحمه الله، وتعلن جريدة «النهار» العريقة فى وسائل الإعلام طالبة تبرعات من قرائها من أجل «القدرة على الاستمرار» بعدما خفضت عدد صفحاتها إلى أقل عدد ممكن.
 
هذا الوضع الضاغط له تداعياته على مؤسسات ووسائل إعلامية عربية فى الجزائر وتونس وسوريا والأردن والعراق وفلسطين.
 
هذه أزمة مالية سببها:
 
1- المنافسة المخيفة والقاتلة لوسائل الإعلام الجديدة الإلكترونية لكافة الوسائل التقليدية.
 
2- ارتفاع أسعار الخامات الأساسية مثل الأوراق والأحبار فى الصحف، والأجور والمرتبات وتكاليف الإنتاج فى التليفزيون والإذاعة.
 
3- الانخفاض الكبير فى كعكة الإنفاق الإعلانى بسبب أزمات الاقتصاد العالمى وتخفيض موازنات الشركات العالمية الكبرى لمنطقة أسواق الشرق الأوسط.
 
4- توجه جزء كبير من الإنفاق الإعلانى لوسائل الإعلام الإلكترونية على حساب الوسائل التقليدية.
 
هذه أزمة فى الصناعة، أما الأزمة الأخرى فهى أزمة «انخفاض الإقبال على الوسائل الوطنية للإعلام التقليدى لصالح وسائل مهاجرة أو عابرة للحدود ذات مشروعات شريرة ومشبوهة لكنها تمتلك سقف حرية أكبر، وتبيع الضلالات بكفاءة أفضل من غيرها».
 
عندنا باختصار 3 نواقص فى الإعلام العربى:
 
1- نقص فى المال.
 
2- نقص فى الكفاءة.
 
3- نقص فى سقف الحريات.
 
من هنا حينما قرأت أن زميلنا وأخانا الفاضل العزيز الأستاذ أسامة هيكل قد عاد لتولى حقيبة الإعلام كان لدىّ مزيج من «الفرحة والإشفاق».
 
فرحت لأن اختيار أسامة هيكل هو اختيار موفق لنزاهته، وخبرته، وجهده الدؤوب فى مهنته، وأشفقت عليه لأن المهمة صعبة والحقيبة الإعلامية ثقيلة ثقيلة تنوء الجبال بحملها!
 
فى الإدارة الحديثة يقولون: «المشاكل غير التقليدية لا يمكن أن تحل بأساليب تقليدية».
 
أسامة هيكل مواليد 1965، يستطيع بدراسته العلمية «بكالوريوس علوم - جامعة عين شمس»، وبخبرته كمحرر ورئيس قسم ورئيس تحرير ووزير سابق ورئيس مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامى، أن يبتكر الحلول.
 
لذلك أتمنى على الأستاذ أسامة هيكل أن يبحث عن حلول جذرية وشجاعة بفكر خلاق خارج الصندوق لمواجهة التحديات الأساسية لصناعة الإعلام.
 
وإن شاء الله الرجل سيكون على قدر التحدى، وفقه الله فى مهمته لأن الأزمة متراكمة، شديدة، ضاغطة.
نقلا عن الوطن