قال عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني، "وانغ يي"، إن السلام في منطقة الشرق الأوسط يؤثر على المصالح الأساسية لجميع دول المنطقة وعلى الاستقرار والتنمية في العالم بأسره، وإن العالم لا يمكنه أن ينعم بسلام دائم في ظل حالة عدم الاستقرار بالمنطقة، مؤكدًا التزام بلاده بالعمل على أساس حل الدولتين ومبادرة السلام العربية لكسر الجمود في محادثات السلام الفلسطينية-الإسرائيلية في وقت قريب.

وأضاف وانغ - خلال مقابلة مع شبكة تليفزيون الصين الدولية (سي جي تي إن)، بثتها، اليوم الثلاثاء، حول الوضع الدولي والدبلوماسية الصينية خلال عام 2019:  أن الصين داعم دائم للسلام في منطقة الشرق الأوسط، وقد أيدت بكين وتدعو إلى التنفيذ الكامل والفعال لخطة العمل الشاملة المشتركة (اتفاق إيران النووي)، وتشجع الأطراف المعنية على حل الخلافات من خلال الحوار والتشاور.

وتابع: إنه فيما يتعلق بالمناطق الساخنة الإقليمية، مثل سوريا وليبيا وجنوب السودان واليمن، فإن الصين تشجع دائمًا محادثات السلام بين مختلف الأطراف، واقترحت حلولًا بهذا الصدد، كما أرسلت الصين نحو 27 ألف فرد من قوات حفظ السلام إلى المنطقة، وقدمت مساعدات إنسانية كبيرة إلى اللاجئين في بعض دول المنطقة.

وأشار وانغ إلى أن الصين تسعى لتعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط، ودعت إلى بذل جهود لبناء إطار أمني مشترك وشامل وتعاوني ومستدام في المنطقة، لافتًا إلى أن الصين مساهم دائم في التنمية بالشرق الأوسط، وعملت على رؤية "التنمية من أجل السلام" وساعدت دول المنطقة على تسريع التصنيع وبناء القدرة على التنمية الذاتية من خلال التعاون في إطار "الحزام والطريق".

وحول التحديات التي تواجه العلاقات الصينية الأمريكية، قال عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني "وانغ يي" إن "العام الجاري يصادف الذكرى الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، وكان ينبغي أن تكون هذه المناسبة فرصة مهمة لإحراز تقدم جديد، ولكن للأسف اتخذت الولايات المتحدة سلسلة من الإجراءات لعرقلة وتقويض الصين في مجالات التجارة والعلوم والتكنولوجيا، وتدخلت في عدد من القضايا المتعلقة بالسلامة الإقليمية للصين وسيادتها وحاولت تشويه صورتها".

واعتبر وانغ أن الإجراءات الأمريكية لم تقوض فقط الثقة المتبادلة، ولكنها أيضًا أثرت سلبًا على الاستقرار والتنمية في العالم بأسره، مشددًا على أن الصين ستصون بحزم مصالحها الأساسية وحقوقها المشروعة في التنمية، وأنه لا أحد أو قوة يمكن أن توقف المسيرة التاريخية للشعب الصينى نحو التحديث.

وأضاف أن الصين مستعدة دائمًا لإجراء مشاورات مع الولايات المتحدة على أساس الاحترام المتبادل، وأن حقيقة أن الدولتين توصلتا مؤخرًا إلى اتفاق المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري تعكس أنه عندما يتعامل الجانبان بحسن نية وبشكل تعاوني يمكن دائما إيجاد حل لأي قضية، وأن التعاون هو الخيار الصحيح الوحيد بالنسبة للبلدين.

وحث وانغ الولايات المتحدة على العمل مع الصين لإعادة العلاقات إلى مسار التنمية السليمة وعدم الصراع أو المواجهة، والاحترام المتبادل، والتعاون المربح للجانبين، مشيرا إلى أنه نظرا للمصالح طويلة الأجل للشعبين الصيني والأمريكي والمسؤوليات الدولية على كاهل الدولتين، فإنه يتعين على الجانبين إيجاد طريقة للتعايش السلمي.

وبالنسبة للعلاقات الصينية الروسية، قال وزير خارجية الصين "وانغ يي" إن العام الجاري يصادف الذكرى السبعين للعلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، وإن التعاون العملي حقق إنجازات جديدة، وتقدمًا نحو تحقيق الربط بين مبادرة الحزام والطريق والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، إلى جانب التقدم المطرد في المشاريع الثنائية الرئيسية في مجالات الطاقة والطيران والفضاء والاتصال، مع تشغيل خط أنابيب الغاز الطبيعي الشرقي، مشيرًا إلى أن حجم التجارة الثنائية تجاوز 100 مليار دولار، ووصل التنسيق الاستراتيجي إلى مستوى جديد، حيث أظهرت الصين وروسيا دعما متبادلًا قويًا بشأن القضايا المتعلقة بالمصالح الأساسية لكل منهما، وعزز الجانبان التنسيق في الشئون الدولية، ووقفًا جنبًا إلى جنب في مواجهة سياسة القوة وممارسات التنمر.

واعتبر وانغ العلاقة بين الصين وروسيا حاليًا الأقرب والأقوى والأكثر نضجًا واستقرارًا بين بلدين كبيرين، وتعد نموذجًا رئيسيًا للتعايش المتناغم والتعاون المربح للجانبين، لافتًا إلى أن العلاقات الصينية الروسية ستستمر في صنع التاريخ وتوسيع آفاق جديدة بتوجيه من رئيسي البلدين.

وحول العلاقات مع أوروبا، قال وانغ إن الجانبين يقفان معًا من أجل عالم متعدد الأقطاب وديمقراطية أكبر في العلاقات الدولية، ويدعمان التعددية والتجارة الحرة والاقتصاد العالمي المنفتح، مشيرًا إلى أن الجانبين ليسا في حالة تنافس، وأن توافقاتهما تفوق بكثير اختلافاتهما، وأنه يمكن للصين وأوروبا أن تعملا سويًا على توفير المزيد من الاستقرار في العالم الذي يعاني حاليًا من حالة عدم اليقين.

وبالنسبة للتعاون في إطار الحزام والطريق، أكد وزير الخارجية الصيني أن منتدى الحزام والطريق الثاني للتعاون الدولي كان أهم حدث دبلوماسي استضافته الصين في 2019، حيث شكل بداية جديدة في مجال التعاون بين الحزام والطريق، لافتًا إلى أنه في العام المقبل ستستضيف الصين مؤتمر الأمم المتحدة العالمي الثاني للنقل المستدام، ما يعد فرصة لتحقيق إنجازات جديدة في مبادرات الربط الرئيسية للسكك الحديدية الصينية-الأوروبية السريعة، والممر الدولي الجديد للتجارة البرية والبحرية، ودعم آليات ومنتديات متعددة الأطراف في إطار مبادرة الحزام والطريق.

وبشأن النزعة الانفرادية والحمائية، شدد وانغ على أنه ليس أمام المجتمع الدولي سوى الوحدة في مواجهة هذا الاتجاه، وضمان الحفاظ على التعددية وعدم انهيار النظام الدولي الذي ستكون نتيجته غير مقبولة بالنسبة للجميع لا سيما الدول الصغيرة.

وفيما يتعلق بالوضع الدولي والدبلوماسية الصينية في 2019، قال وزير خارجية الصين وانغ يي إن بلاده وفي مواجهة محاولات التدخل والاستفزاز الخارجيين، وقفت صامدة ودافعت بفعالية عن سيادتها وأمنها وحقوقها ومصالحها التنموية، مع التزامها بدعم التعددية، وتعزيز التعاون المفيد للطرفين مع الدول المجاورة والنامية، إلى جانب تقديم إسهامات جديدة لبناء اقتصاد عالمي منفتح.

وبالنسبة لتدخل بعض الدول الغربية في الشئون الداخلية للصين، قال وانغ إنه فيما يتعلق بمنطقة هونج كونج الإدارية الخاصة، تدعم الصين بقوة حكومة المنطقة في إنهاء العنف والفوضى، واستعادة النظام، وتطبيق القانون، مؤكدًا أن مبدأ "دولة واحدة ونظامان" يعمل بشكل فعال في هونج كونج ويحظى بدعم الناس هناك.

وأضاف وانغ أنه بالنسبة لتايوان وشينجيانغ، شهد العام الجاري زيادة عدد الدول التي لها علاقات دبلوماسية مع الصين إلى 180 دولة، كما أسهمت جهود مكافحة الإرهاب واجتثاث التطرف في تحقيق نتائج جيدة في المنطقة الويغورية ذاتية الحكم شمال غربي البلاد.

وحول العلاقات مع كوريا الشمالية، قال وانغ إن العام الجاري شهد عودة قضية شبه الجزيرة الكورية إلى مسار التسوية السياسية، ولكن الفترة الأخيرة شهدت توترات جديدة على مستوى هذه القضية، ما يستدعي من الولايات المتحدة وكوريا الشمالية إلى اتخاذ خطوات ملموسة في أقرب وقت ممكن لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين الجانبين في قمتهما، مضيفًا أن الصين تدعم إقامة نظام سلام دائم وتحقيق نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية، وأن الصين ستواصل القيام بدور بناء لتحقيق هذه الغاية.

وعن دبلوماسية الصين في العام القادم، أكد وانغ أن العام القادم سيكون مهمًا للغاية، حيث ستقوم الصين بالقضاء على الفقر المدقع وبناء مجتمع مزدهر، مع مواصلة العمل والسعي إلى إيجاد أرضية جديدة لدبلوماسية الدول الكبرى ذات الخصائص الصينية، ومواصلة اتخاذ تدابير حازمة ومناسبة للتصدي لجميع أنواع المخاطر والتحديات الخارجية والدفاع عن سيادة وأمن ومصالح الصين التنموية.

وأضاف وانغ أن الصين ستواصل تعميق الشراكات العالمية، والنهوض بالمصالح المتقاربة مع الدول المجاورة، ودعم التضامن والصداقة مع الدول النامية الأخرى، ومواصلة دعم التعددية، والمشاركة بفاعلية في الحوكمة العالمية، وطرح المزيد من المقترحات الصينية للاستجابة المشتركة للتحديات العالمية، وتوسيع نطاق التعاون الدولي والتعاون عالي الجودة في إطار الحزام والطريق.