بقلم : د . مجدى شحاته
الصوم الوصية الاولى التى أوصى بها الله آدم بأن يمتنع عن ألاكل من شجرة معينة فى الجنة ( تك 2: 16 ) فى الوقت الذى ترك له الحرية أن يأكل من مختلف صنوف الاشجار فى الجنة .
 
والصوم ليس مجرد وصية من الله فحسب ، انما الصوم هبة الآهية ونعمة وبركة لحياتنا الروحية .
 
فالامتناع عن الاكل ، يرفع الانسان فوق مستوى الجسد ويسمو فوق مستوى المادة   وانتصار على رغبة وشهوة الجسد ، و بمثابة برهانا على ان الروح قد تغلبت على شهوات الجسد . 
 
ان الصوم فى مواعيد محددة تعليم كتابى ، فقد حدد الرب أصوام ثابتة لشعبه فى العهد القديم على سبيل المثال ، صوم الشهر الرابع وصوم الشهر الخامس وصوم  السابع وصوم  العاشر ( زك 8 : 19 ) .
 
والحكمة من تحديد مواعيد الصوم هو تنظيم العبادة الجماعية .
 
ومن أمثلة الصوم فى العهد القديم : صوم الشعب أيام أستير وصوم أهل نينوى وصوم الشعب أيام عزراونحميا وكذلك أيام يوئيل النبى ، وفى العهد الجديد صام الرب يسوع اربعون يوما وأربعون ليلة . وعلى جبل التجلى ، وقف ثلاثة مما أتقنو فضيلة الصوم يضيئون بنور مجيد ، السيد المسيح له كل المجد ، وموسى النبى وايليا النبى ، فى مشهد مبهر يؤكد
 
على حقيقة ان الصوم يعمل على قهر الجسد ، وتجلى الروح . ومن أصوام العهد الجديد : صام الرسل الاطهار قبل القداسات ( أع 13 : 2 ) وصامو أيضا عند اختيار الخدام ورسامتهم  ( أع 14 : 27 ) , كذلك الصوم وقت الخطر خلال رحلة بولس الرسول الى روما ( أع 17 : 2 ) .   
 
   ان الصوم الجماعى هو تعليم كتابى يدل على وحدانية الروح فى العبادة وفى التقرب الى الله ومحاربة الشياطين ، لذلك فنحن فى حاجة دائمة الى الاسلحة الروحية المختلفة لمقاومتهم ومن هذه الاسلحة الفعالة الصوم ، لذلك يجب التعود على أوقات للصوم فى أوقات معينة وعدم تركه للظروف او قصره على أوقات الضيقات .
 
أما عن الصوم فى الخفاء ، فهو خاص بالعبادة الفردية .
 
ان من أهم أسباب سقوط  الانسان فى الخطية وانهزامه تحت رغبات الجسد  يرجع بالدرجة الاولى الى ضعف الارادة أمام اغراءات العالم الذى يعيش فيه . من هذا المنطلق تتجلى أهمية الارادة الفاعلة والقوية اللازمة لحفظ  الانسان من السقوط فى براثن الخطية .
 
وتقوم فكرة الصوم على انه وسيلة  وليس غاية ، وسيلة  لتقوية الارادة واخضاع الجسد وقهر ميوله المنحرفة وتدريب حواسه وضبط النفس ، بالانقطاع عن الاكل فترة معينة يعقبها تناول أطعمة خالية من الدسم الحيوانى .
 
اصوام الكنيسة ليست فرضا موضوعا علينا ، او واجب لابد من تأديته ، و ليست طقسا نمارسه قبل الاعياد او بعض المناسبات او مجرد غاية لأرضاء النفس  لكن الصوم هبه وفضيلة  ونعمة وبركة من الله ، نمارسه  لشعورنا باحتياج اليه . الصوم يمنح الصائم قوة الاهية عظيمة ... " هذا الجنس ( الشيطان ) لا يخرج بشئ ، الا بالصلاة والصوم " ( مت 17 : 21 ) . ويالها من قوة ... انها القوة القادرة على قهر الشيطان !! .