داخل مسجد المنارتين الصغير، الكائن بشارع سلامة عفيفي بمنطقة الزاوية الحمراء، اصطف الرجال لأداء صلاة الجنازة على "عبد الرحمن خالد" الطالب الذي يبلغ من العمر ٢١ عامًا، والذي لقي مصرعه أثناء دفاعه عن شقيقته، من معاكسة عاطل لها، 

 

وخارج المسجد تجد النساء متشحات باللون الأسود ينتظرن خروج جثمان شهيد الشرف من داخل المسجد، وسرعان ما إن فرغ الإمام من أداء صلاة الجنازة على المتوفى، حتى ارتفعت أصوات النساء بالصراخ والبكاء، إلا والدته فأمرت الجميع بعدم الصراخ لأنه "عريس شهيد دافع عن شرف أخته" على حد قولها، وما إن دخل جثمان نجلها في سيارة تكريم الإنسان، حتى سقطت مغشيا عليها، حاول الجميع إفاقتها حتى تستطيع توديع نجلها إلى مثواه الأخير، وبجانبها والد الضحية يردد حسبي الله ونعم الوكيل.
 
عند نظرك إلى شارع سلامة عفيفي لا تجد أي محل مفتوح في الشارع بأكمله أعلن الحداد على الشهيد، الجميع ذهب إلى المقابر لدفن الشاب، ولا يوجد في الشارع سوي عمال الفراشة الذين يقومون بنصب مراسم العزاء، وعلي المقابر لم تتحدث والدة المجني عليه كثيرا ولكن كانت تطلب "عايزة حق ابني"، وكانت تجلس بجانبها نجلتها الصغيرة النحيفة ذات الـ ١٥ عاما والتي بدأت المشادة معها في الأساس، فكانت في حالة صدمة وذهول وتقول "أخويا معملش حاجة دا كان بيدافع عني ليه يتقتل".
 
وبالعودة إلى شارع سلامة عفيفي ارتسم الحزن على وجوه الجميع حزنا على فقيدهم.
 
وقال "شادي محمد" أحد أصدقاء المجني عليه، إن الضحية كان يدرس في الجامعة وكان من أكثر الشباب التزاما وخلقا في الشارع، فكان يذهب إلى الجامعة في الصباح، وفي المساء يعمل بمحل والده كفني كهربائي، وبين هذا وهذا كان يذهب على فترات إلى صالة الجيم لأنه رياضي ومهتم بصحته، وذكر الشاهد، أن الضحية لم يفتعل أي مشكلات من قبل والجميع كان يحبه.
 
وأضافت السيدة "حنان" إحدى الجيران عن آخر موقف جمعها مع الضحية وقالت انها اشترت منه ريموت تليفزيون قبل الجريمة بيوم ودايما كنت بروح افك منه فلوس وكان شاب قمة في الذوق والأخلاق. 
 
وعن ما حدث في الواقعة، ذكرت "أم محمود" بائعة خبز أمام محل المجني عليه، أن المشكلة بدأت عندما كانت تسير شقيقة المجني عليه والتي تبلغ ١٥ عاما، بالشارع عائدة من مدرستها، فاعترضها أحد شباب الشارع يدعي "ريشة"، وقام بشد طرحتها ومحاولة التحرش بها، ثم صفعها بالقلم، وسرعان ما تركت الفتاة ذلك الشاب وذهبت مسرعة والدموع تملأ وجهها لتشكو إلى أخيها، وكأي شاب غيور على أخته ما فعل إلى أن هدأ من روع شقيقته وخرج لمعاتبته ونهر ذلك الشاب، وبالفعل قام بضرب هذا الشاب وحذره من عدم التعرض لأخته ثانية، وسرعان ما تدخل الجيران لفض المشاجرة وتهدئة الطرفين، وسط كلمات تهديد من أهل المتهم إلى أسرة المجني عليه، فقال والد المتهم لوالدة المجني عليه "مش ابنك ضرب ابني؟.. أنا هخلي ولادي يقتلولك ابنك"، ولكن لم يبالي أحد إلى تلك الكلمات حيث إنها قيلت في ساعة غضب، وجرت الأمور طبيعية بالشارع وذهب كل طرف لشأنه، حتى حل المساء وجاء الظلام يحمل شرور تلك العائلة التي استغلت وجود ذلك الشاب في محل والده بمفردة وانهالوا عليه طعنا بالسكين، ليلقي مصرعه أمام محل والده، وفروا هاربين، لحظات قاتلة لقد بلغت القلوب الحناجر، لم يفكر أحد في أي شيء سوى إسعاف ذلك الشاب المعتدى عليه، ولكن بمجرد دخوله المستشفى كان قد لفظ أنفاسه الأخيرة متأثرًا بإصابته.
 
وكانت البداية بتلقي قسم الزاوية الحمراء إخطارا من المستشفى يفيد بوصول طالب جامعي ٢١ سنة، جثة هامدة إثر إصابته بجروح طعنية متفرقة بالجسد‪.‬ 
وانتقل رجال المباحث للمستشفى وبسؤال والد المجنى عليه اتهم جاره عاطل بالتعدي على نجله بالضرب وإحداث إصابة به أودت بحياته خلال مشاجرة بينهما لقيام المتهم بمعاكسة شقيقته تلميذة بالإعدادي ١٥ سنة، ورميها بعبارات تخدش الحياء أثناء سيرها في الشارع ‪ بدائرة القسم.
بناء على إذن من النيابة العامة تمكن رجال المباحث من ضبطه وشقيقه ووالدتهم في أحد الأكمنة المعدة له وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة.
تحرر محضر بالواقعة وتولت النيابة العامة التحقيق، التي أمرت بحبس الثلاثة ٤ أيام على ذمة التحقيقات.