سحر الجعارة
عادة ما نقول دائماً إن القطط تقتل صغارها خوفاً عليها، ولكنها فى الحقيقة تأكلها إن استوجب الأمر دون أن يكون مبعثها لهذا هو الخوف عليها، فالقطط أسبابها ودوافعها مختلفة فقد تحتاج إلى طعام، فيكون صغارها فريستها، أو تشعر بتسرُّع فى قرار إنجابها فتتخلّص منها.. القطة الأمّ هى أسوأ الأمهات، وهذا بحسب ما ذكره موقع «wild life» الإلكترونى.. لكن بين البشر من هم أسوأ من القطط، آباء وأمهات انعدمت ضمائرهم وماتت إنسانيتهم هم أسباب ظاهرة «أطفال الشوارع» واكتظاظ الملاجئ ودور الأيتام بأطفال بلا هوية ولا أهل.. رغم أن لهم «أهلاً» على قيد الحياة تبرأوا منهم، وألقوا بهم فى أقرب «مقلب قمامة» وتفرغوا لنزواتهم.. واحترفوا التلاعب بالشرع تحت غطاء «الزواج والطلاق»!.

فتش عن «شادى ويزن»، وهما طفلان اشتهرا بهاشتاج «أطفال بير السلم».. إنهما ضحية استهتار الأب والأم.. الأب «شادى الأمير»، مطرب شعبى، واسمه الحقيقى «أمين زيد» فلسطينى الجنسية، ويبلغ من العمر أربعين عاماً، متزوج من أربع سيدات بينهن راقصة، وسبق الحكم عليه بالسجن 3 سنوات فى قضية أموال عامة، وقضى مدة العقوبة بسجن وادى النطرون.. ويرفض الاعتراف بابنه «يزن»، أو إصدار شهادة ميلاد له فى مساومة رخيصة مع الأم على أن تتنازل عن المؤخر وقائمة المنقولات وإيصالى أمانة.. وتتهمه الزوجة بأنه ينجب ويرمى أولاده فى الشارع، ويتفرغ للنسوان!.

أما الأم، فيقول والدها «السيد عيد السيد»، سائق بالمعاش بجامعة طنطا: إن ابنته «سها» تبلغ من العمر 40 عاماً، وسبق لها الزواج من أحد الأشخاص، وتوفاه الله تاركاً لها 3 أطفال، وتولى هو رعايتهم منذ صغرهم، حتى أصبحوا فى ريعان شبابهم، يعتمدون على أنفسهم، وهم: «خلود» طالبة بكلية الحقوق، و«معاذ» بالثانوية الزراعية، و«أحمد»، الذى أنهى تعليمه.. ويضيف جد «يزن وشادى» أنه منع ابنته من دخولها للمنزل بعد إصرارها على الزواج من شادى الأمير، وأنه مع أبنائه أعلنوا التبرؤ منها ومقاطعتها، ولا يقوم أحد منهم بالسؤال عنها أو التواصل معها!.

احسب كم طفلاً أصبح «ضحية» للهو «شادى وسها»، وعبثهما بفكرة الإنجاب، وكم طفلاً دفع ثمن عنادهما، ورغبة كل طرف فى توريط الآخر بتربية الأطفال؟!

بحسب رواية «سها»، فإن الأب رفض الإنفاق على أطفاله، ولم يسدد إيجار المنزل، فأصبحت فى الشارع، فذهبت وسلمت الطفلين إلى عمهما، (باعتبار أنها بريئة من أطفالها الخمسة، ولا ترتكب جريمة)، وإن كاميرا الجيران سجلت صورة العم، وهو يلقى بالأطفال فى «بير السلم».

وبحسب رواية «شادى»، فإن «يزن» ليس ابنه، (وبحسب طرف ثالث، فإن «شادى» حاول تسجيل الطفل «يزن» باسم زوجته المقيمة بالإسكندرية نظراً لعدم إنجابها، إلا أن والدة الطفل رفضت ذلك)، ويدّعى «شادى» أن «سها» تريده أن يترك زوجته، التى يقيم معها بالإسكندرية، لتنفرد بصحبته الهنية.. وهو أيضاً برىء لم ينجب، ولم يدمر حياة أطفال أبرياء!.

انظر إلى الضحايا: الجارة «سوسن على حسن» أبلغت خط نجدة الطفل، بترك الأبوين للطفلين فى «بير السلم»، «يزن» الذى لم يتخط الشهرين من عمره، والذى يعانى من ثقب فى القلب، وبالتالى يحتاج لرعاية خاصة، و«شادى» ابن الثلاث سنوات.. حاول القائمون على خط نجدة الأطفال التواصل مع المطرب الشعبى أكثر من مرة، لكن الآخر أغلق الهاتف الخاص به ورفض التواصل معهم.

وبعد وقت قصير مع وجود الطفلين مع الجارة، أصدرت النيابة العامة قرارها بإيداعهما دار العطاء للرعاية الاجتماعية فى طنطا.. وتقدمت الدكتورة «عزة العشماوى»، الأمين العام للمجلس القومى للطفولة والأمومة، ببلاغ للنيابة العامة، حول تعريض حياة الطفلين للخطر من قبل والديهما، وفقاً للمادة 96 من قانون الطفل.

وعلى المستوى القانونى، يصنَّف هذا الفعل كجريمة تعريض حياة أطفال للخطر، وعقوبتها هى الحبس الذى لا يقل عن السنتين للطرفين.. وبالفعل وجهت النيابة إلى الأم تهمة الإهمال وتعريض حياة طفلَيها للخطر، وقد بدأت التحقيقات معها.. ويبقى السؤال: لماذا لا يعاقب القانون الأب الذى أنكر طفله ورفض استخراج شهادة ميلاد له «يزن»، وترك طفلين دون نفقة أو رعاية أو محل إقامة يفرضها القانون عليه، ما دام الأطفال فى حضانة الأم؟!.

لماذا لا يعاقب العم «على» الذى ائتمنته الأم على الطفلين وسجلت الكاميرات صورته وهو يلقى بالطفلين إلى «بير السلم»؟.. وهل نكافئ الأب بتركه بلا عقوبة رادعة ليمارس مجونه ويفرغ شهوته فى امرأة جديدة كل يوم، ويملأ دور الأيتام بالأطفال وهو «يغنى» وزوجته الجديدة «ترقص».. والدولة «تربى».. والأم «تسجن».. لماذا لم يمثل أمام النيابة حتى كتابة هذا المقال؟!.

إنه نمط جديد لحياة متوحشة ماتت فيها غرائز الأمومة والأبوة.. وبقيت «الغريزة الجنسية» وحدها تتحكم فى مصير أزهار لم تتفتح بعد.. لقد تجاوز الأبوان كل دونية الحيوانات التى جرّدها الله من العقل والرحمة، والتهما لحمهما دون أدنى إحساس بالذنب.. فكم من طفل واجه المصير نفسه دون أن نسمع أنينه؟
نقلا عن الوطن