ألقى الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اليوم الجمعة، الكلمة الرئيسية في اليوم الثاني من مؤتمر "قمة قادة الأديان" تحت عنوان "تعزيز كرامة الطفل في العالم الرقمي"، الذي تقام فعالياته يومي 14 و15 نوفمبر، بالمقر الرئيسي للأكاديمية البابوية للعلوم في الفاتيكان.

وقال الطيب، إن هذه المؤتمرات التي تناقش مستقبل الطفولة المحفوف بالمخاطر لا تعد ترفا أو مجرد كلمات تلقى في اجتماع، بل هي دعوة جدية للجميع بضرورة الإسراع بالتصدي والمواجهة، والبحث الجاد عن مخرج من هذه الأخطار المحدقة بأطفال اليوم، وذلك بعد ما بات واضحا لممثلي الأديان ولكل ذي قلب وضمير أن هذا التطور «الرقمي» قد سرق من هذه الكيانات البشرية الضعيفة، براءتها وأحلامها، وأوشكت أن تتحول إلى «أرقاء» في أيدي الذين لا يؤمنون إلا بالأرض وبالمادة وحدها.

وأكد الامام أن حقوق الطفل في الإسلام متنوعة ومحمية بعقوبات شرعية رادعة، وتمثل هذه الحقوق مقصدا مقدسا من مقاصد الإسلام، ومبررا من مبررات الشرائع الإلهية، ومنها تقديم الأم المسيحية أو اليهودية في حضانة طفلها على الأب المسلم في حالة الانفصال أو الطلاق، وكذلك حق الطفل على أبيه في أن يختار له اسما حسنا لا يعرضه للسخرية والاستهزاء، أو يضطره إلى الانطواء أو التوحد.

وبين شيخ الأزهر أن دوافع تحمله مشقة السفر للمشاركة في هذا المؤتمر، هي المخاوف المرعبة تجاه الأطفال الذين باتوا يعانون الاضطراب الشديد خاصة ممن هم دون الثامنة عشر، وهو ما ينذر بفجوة عميقة بينهم وبين الآباء والأمهات والقائمين على الأسر، سواء في التفكير والتوقعات، موضحا أنه لاحظ ميل الأطفال إلى العزلة واللا مبالاة والكسل والخمول، وبوادر عنف وعداء محتمل، وغير ذلك مما ينذر بأمراض نفسية واجتماعية تتربص بأطفالنا، بسبب استحواذ الهواتف الذكية عليهم.

وأشار إلى أن تلك المخاطر كانت دائما ما تشغل حيزا كبيرا من تفكيره، وتفكير قداسة البابا فرانسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، خاصة عند إعدادهم وثيقة الأخوة الإنسانية وكان هذا بمثابة الدافع للتنبيه بهذه المشكلة في المبادئ الأساسية الواردة بهذه الوثيقة التاريخية.

يشارك في فعاليات هذا المؤتمر أكثر من 80 شخصية عالمية من قادة الأديان، ومتخصصين في الاقتصاد وعلم النفس والاجتماع وممثلين عن منظمات محاربة جرائم العنف ضد الأطفال، وتقام فعالياته في 14 و15 نوفمبر، بالمقر الرئيسي للأكاديمية البابوية للعلوم بالفاتيكان، تحت رعاية الشيخ محمد بن زايد ال نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والإمام الأكبر شيخ الأزهر، والبابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، بالتعاون بين الأكاديمية البابوية للعلوم الاجتماعية وتحالف الأديان من أجل مجتمعات أكثر أمانا، و"تحالف كرامة الطفل"، وذلك بمناسبة الذكرى الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل.

وتعد هذه النسخة الثانية من أعمال قمة قادة الأديان من أجل تعزيز كرامة الطفل في العالم الرقمي، حيث أقيمت النسخة الأولي في عام 2017 بالعاصمة الإيطالية، التي انتهت بـ إعلان روما الأخير، والذي دعا السياسيين وقادة الأديان والمنظمات المهتمة بشئون الأطفال، للتعاون في بناء وعي عالمي من أجل حماية الأطفال من الاستغلال عبر الإنترنت، ونتج عنه ملتقى "تحالف الأديان من أجل أمن المجتمعات"، والذي أقيم في نوفمبر من العام الماضي، بالعاصمة الإمارتية أبو ظبي، بحضور الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، وعدد كبير من قادة الأديان حول العالم.