على مقهى فى مدينة بيروت، وعلى مقربة من ساحة الشهداء، إحدى أكبر ساحات التظاهر، اقتربت منى مجموعة من الشباب والشابات أعمارهم من 18 إلى 25 عاماً تقريباً، واستأذنوا للجلوس معى وتبادل الحوار.

 
وفيما يلى بعض مما دار بيننا.
 
الشباب: ما رأيك يا أستاذ فى ثورتنا بعد مرور 11 يوماً عليها؟
 
العبد لله: شىء يبعث على الفخر.
 
الشباب: لماذا؟
 
العبد لله: لأنها ثورة حقيقية من أوجاع الناس، عابرة للطوائف والأحزاب ولوردات الحرب!
 
الشباب: إننا نشعر -لأول مرة- بالفخر لأننا ننتمى إلى هذا الوطن العظيم.
 
العبد لله: هل ما زال بعضكم يفكر فى الهجرة إلى الخارج؟
 
الشباب: إذا نجحت ثورتنا سنبقى جميعاً.
 
العبد لله: لماذا؟
 
الشباب: لأننا الآن نشعر بأننا شركاء -عن حق- فى الوطن.
 
العبد لله: وقبل ثورتكم؟
 
الشباب: كنا نشعر بأننا ميتون غير مرغوب فيهم فى وطن مؤقت نعيش فيه كخدم وعبيد لعائلات سياسية سيطرت على البلاد والعباد أكثر من نصف قرن من الزمان.
 
العبد لله: ولكن يجب ألا تأخذكم الفرحة بالثورة وتنسوا أنها لم تنجح وتكتمل بعد، ما زلتم فى بداية الصراع.
 
الشباب: أى صراع تقصد؟
 
العبد لله: إنه صراع طبقة تقليدية تورث بعضها البعض منذ أكثر من نصف قرن، تعتقد أنها تمتلك الأرض وما عليها ولا يمكن لها أن تتنازل عن ذلك الإرث للثوار.
 
الشباب: كيف؟
 
العبد لله: سوف يفعلون كل شىء وأى شىء حتى يستمر استحواذهم على السلطة.
 
الشباب: وما أهمية السلطة؟
 
العبد لله: الاستحواذ على السلطة يعنى الاستحواذ على الثروة بشكل غير مشروع، بمعنى أن الوجود فى السلطة يعنى حماية الفساد.
 
الشباب: ولماذا لا يبحثون عن الثروة بغير فساد؟
 
العبد لله: تقول التقارير الدولية إن لبنان يحتل ترتيباً متقدماً للغاية فى مؤشر أكثر الدول فساداً، وإن الطبقة السياسية لديها ما يقدَّر بنحو 130 إلى 150 مليار دولار سائلة فى بنوك العالم.
 
الشباب: ومن أين جاءوا بهذه الأموال؟
 
العبد لله: من النهب الدائم، من تجارة سلاح، وبيع مخدرات، وعمولات، وبيع نفط مهرب، وتهريب بضائع على الحدود، والتربح غير المشروع من أملاك الدولة، والاعتداء على الموانئ والجمارك والمحميات الخضراء والمحاجر، وغسيل الأموال، والمال السياسى من خلال العمالة لقوى إقليمية.
 
الشباب: والشرفاء؟
 
العبد لله: هناك ملايين الشرفاء فى لبنان يجاهدون ليل نهار لتأمين لقمة عيش نظيفة شريفة، سواء داخل الوطن أو فى بلاد الاغتراب.
 
الشباب: وأين هؤلاء؟
 
العبد لله: هؤلاء الآن هم الذين يملأون ساحات التظاهر للمطالبة بحقهم فى الوطن، لذلك كله الصراع شديد، قد يصل إلى صراع الدم، لأنه دفاع عن مصالح الشرفاء ضد الفاسدين.
نقلا عن الوطن