كان الموقف الأمريكى من سوريا'>العدوان التركى على شمال سوريا واحداً من أهم علامات الاستفهام، كون القوات الأمريكية انسحبت وتركت حلفاءها الأكراد، ما فُسر بأن «واشنطن» تخلت عنهم، وأعطت الضوء الأخضر للأتراك، إلا أن الدكتور جابريل صوما، عضو المجلس الاستشارى للرئيس الأمريكى دونالد ترامب، يرى أن الأمر تفسيره أن العلاقة مع الأكراد كانت مرتبطة بمواجهة تنظيم «داعش» الإرهابى، وانتهت هذه العلاقة بالقضاء على التنظيم، مضيفاً، فى حوار لـ«الوطن»، أن الإدارة الأمريكية رأت أن تعطى فرصة لحل المشكلة بين سوريا وتركيا، فلم يعد لـ«واشنطن» أى مصلحة فى سوريا، متوقعاً أن تخرج روسيا فى وقت ما هى الأخرى من سوريا.. وإلى نص الحوار:

نشرنا 150 عسكرياً لمراقبة الحدود وسحبناهم مع الإصرار التركى على الاجتياح العسكرى

الأكراد، ومعهم كثيرون، يرون أن الإدارة الأمريكية تخلت عنهم، ما ردك؟


- القضية تتعلق بعلاقة أمريكا مع تركيا أكثر من علاقة «واشنطن» مع الأكراد، عندما تحدّث الرئيس التركى رجب طيب أردوغان عبر التليفون مع الرئيس دونالد ترامب، «أردوغان» هدد باجتياح شمال شرق سوريا، فرد الرئيس «ترامب» بألا يقوم بذلك، وقال له إنه تم إرسال 150 عسكرياً أمريكياً لمراقبة الحدود، وإذا قمت باجتياح هذه المنطقة هذا سيؤثر، وربما يتسبب بمقتل جنود أمريكيين.

وماذا كان رد الرئيس التركى؟
- الرئيس التركى رد وقال إنه إذا بقى الجنود الأمريكيون، أو لم يبقوا، سأجتاح شمال سوريا، وقريباً. الرئيس «ترامب» تردد وقرر أن يتم سحب القوات الأمريكية من هذه المنطقة، فهذه معركة بين الأكراد وتركيا، فما علاقتنا بها؟ ليس لنا علاقة بها، وعليه تم سحب القوات الأمريكية، وعلى ضوء هذا الانسحاب بدأت القوات التركية تجتاح شمال سوريا. فى هذه العملية الرئيس «ترامب» أعطى مجالاً للحكومة التركية والحكومة السورية ليحلوا مشاكلهم، وهذا ما حدث.

"صوما": علاقتنا مع الأكراد انتهت بالقضاء على "داعش".. وانتشار الجيش السورى أفضل مساعدة لهم فى مواجهة تركيا
لكن الأكراد دوماً كانوا حلفاء للأمريكيين، فكيف يتم تركهم فى مواجهة الجيش التركى القوى، هذا قرار صعب..

- فى وجهة نظر الرئيس «ترامب»، وفى نظر الإدارة الأمريكية، أن علاقتنا مع الأكراد تتعلق بالقضاء على تنظيم «داعش» الإرهابى، وطالما أنه تم القضاء على التنظيم الإرهابى، والرئيس كان دوماً يقول إنه يرغب فى سحب الجيش الأمريكى من سوريا، فقد انتهت مهمة الجيش الأمريكى بالقضاء على «داعش»، وهذا فتح المجال للحلفاء الأكراد وللحكومة السورية كى يحلوا مشكلاتهم.

إذاً أفهم من حديثك أن العلاقة بين الإدارة الأمريكية والأكراد فى سوريا انتهت بمجرد هزيمة «داعش»، أليس كذلك؟
- هذا صحيح.

إذاً، لماذا اتخذتم إجراءات عقابية ضد «أردوغان» رغم أنك تصف «أردوغان» بالحليف؟
- لأن الرئيس التركى «أردوغان» وعد الرئيس «ترامب» بأنه لن يقوم بأعمال تتجاوز الأصول العسكرية، ووجدنا أن تركيا أو عناصر من الجيش التركى أو القوات الموالية لتركيال أقدموا على قتل مدنيين أبرياء فى هذه المنطقة من شمال سوريا.

هل ستكون هذه العقوبات مؤثرة على الاقتصاد التركى؟
- هذه العقوبات سيكون له تأثير كبير على الاقتصاد التركى، لأن الاقتصاد التركى فى الوقت الحاضر ليس اقتصاداً قوياً، وعقوبات مثل زيادة التعريفات على الصادرات، الحديد مثلاً، ستؤثر كثيراً على الاقتصاد التركى.

قلت إن «أردوغان» هدد باجتياح الحدود السورية، هل الرئيس التركى بهذه القوة حتى يصمم ويهدد أمام الرئيس الأمريكى؟
- ليست لديه القدرة العسكرية ولا السياسية ولا الاقتصادية حتى يهدد الرئيس الأمريكى، ولكن الرئيس «ترامب» يعتبر أن تركيا حليفة للولايات المتحدة الأمريكية، سواء كان «أردوغان» موجوداً أو لم يكن موجوداً، ولذلك «ترامب» يريد أن يُبقى على علاقة جيدة مع تركيا، فهى دولة عضو فى حلف شمال الأطلنطى «ناتو»، وهناك مشكلات أكبر من المشكلات الموجودة فى سوريا، مثل العلاقة مع روسيا وأوروبا واحتلال روسيا لمناطق كانت فى السابق للاتحاد السوفيتى، ولديها جيش فى أمريكا، وبالتالى عندنا مشكلات كبيرة جداً، بحيث يتوجب الحفاظ على تركيا فى حلف «الناتو» وهذا ما يريده الرئيس.

الإدارة الأمريكية كانت ترى أن «النظام السورى وجيشه»، حسب تعبيركم، ارتكب الجرائم، كيف إذاً تقبلون بانتشاره على الحدود السورية كاملة ولا مانع لديكم؟
- هذه أفضل طريقة لمساعدة الأكراد فى حربهم مع تركيا، وإلا كما ذكرت أنت فإن الجيش التركى قوى جداً إذا تمت مقارنته بالقوات الكردية الموجودة فى شمال وشرق سوريا، لذلك من الأفضل، على الرغم من أن «النظام السورى» نظام ديكتاتورى، أن تكون العلاقات جيدة بين الطرفين، النظام والأكراد، وحفاظاً على سلامة الأكراد.

مع دخول الجيش السورى إلى المناطق الحدودية، هل يتوقف سوريا'>العدوان التركى على شمال سوريا؟
- هناك من يعتقد أنه يمكن أن تكون هناك معارك بين الجيش السورى والجيش التركى، إذا ما بقيت تركيا تتوغل فى الأراضى السورية بالشكل الذى تقوم به فى الوقت الحاضر، وهنا يمكن للجيش السورى والحلفاء الأكراد معاً صد هذه الهجمات. واليوم الموقف الروسى متسامح مع سوريا أكثر منه مع تركيا، ولذلك أعتقد أن من مصلحة تركيا وقف الزحف على سوريا.

إذا حدث سيناريو الصدام بين الجيشين السورى والتركى، ونحن نعلم أن روسيا حليف لـ«دمشق»، ماذا عن الموقف الأمريكى فى هذه الحالة؟
- أمريكا ليست لديها مصالح فى سوريا، طالما أن الرئيس «ترامب» قال سأسحب القوات الأمريكية من سوريا، وقد حدث بالفعل وتم سحب 1000 عسكرى، وهم موجودون فى الوقت الحاضر فى جنوب سوريا فى قاعدة التنف. علينا أن نضع فى اعتبارنا أن المشكلة الآن مشكلة سورية تركية وليست مشكلة بين أمريكا وسوريا أو أمريكا وتركيا.

سوريا دولة ذات أهمية فى الشرق الأوسط، ألم يعد لديكم أى مصالح فيها فى الوقت الحالى، كما تقول، رغم أهميتها؟
- الولايات المتحدة ليست لديها مصالح فى سوريا، سوريا بها مشكلات كبيرة ومن الصعب حلها، وأهم مشكلة، بالإضافة إلى الأمن، هناك مسألة إصلاح سوريا والبنية التحتية المدمرة. «الأمم المتحدة»، على سبيل المثال، تقول إن تكلفة إعادة بناء سوريا ستكون بحدود 400 مليار دولار، ولكن هناك خبراء يعتبرون أن التكلفة قد تتجاوز هذا الرقم، وربما تصل إلى 600 و700 مليار دولار، ولا يوجد فى العالم إلا الولايات المتحدة أو دول الخليج لإعادة إعمار سوريا بهذه الأرقام ومساعدة سوريا، لكن «واشنطن» ليس لديها مصلحة فى سوريا فى الوقت الحاضر. هناك من يقول إن البترول من سوريا مهم، سوريا بأفضل أيامها كانت تنتج حوالى 400 ألف أو 450 ألف برميل فى اليوم، محطات البنزين الموجودة على الطريق السريع فى «نيوجيرسى» بالولايات المتحدة تبيع أكثر من سوريا، وبالتالى ليس لدينا مصلحة فى سوريا.