توصلت دراسة أجرتها هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي" إلى أن العديد من مجموعات فيسبوك الأكثر شعبية والأكثر نفوذًا حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بريسكت المؤيدة والمعارضة مليئة بلغة عنيفة ، بما في ذلك العشرات من تهديدات القتل الموجهة إلى نواب فرديين.

 
لكن إدارة "فيسبوك" تقول إنها لا تسمح بالخطاب الذي يحض على الكراهية، وأنه جارِ التحقق من المواد التي عثرت عليها "بي بي سي".
 
وذكرت الشبكة البريطانية النواب في مجلس النواب البريطاني تعرضوا إلى انتقادات بسبب النبرة الغاضبة العدوانية للمناقشات الأخيرة في مجلس العموم.
 
ماذا كشفت دراسة "بي بي سي"؟
 
تؤكد الدراسة التي أجرتها "بي بي سي" الوصول إلى بعض أكبر المجموعات المؤيدة والمعارضة لـ "بريسكت" على "فيسبوك" وأكثرها نشاطًا، والقيام بفحصها في أعقاب المشاهد الصاخبة في مجلس العموم، وكان للمجموعات الآلاف من الأعضاء ، وفي بعض الحالات عشرات الآلاف، وذلك على عكس المجموعات "المفتوحة" أو "العامة"، حيث إنه لا يمكن مشاهدة المشاركات في مجموعات"الخاصة" المغلقة إلا من قبل الأعضاء المعتمدين.
 
وأوضحت الدراسة أنه هناك موضوع شائع في المجموعات المؤيدة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وهو الرغبة في تعليق النواب المعارضين بتهمة "الخيانة"، وظهر هذا بشكل متكرر في مشاركات العديد من مستخدمي فيسبوك في مجموعات خاصة متعددة.
 
وعلى سبيل المثال ظهرت إحدى المشاركات في مجموعة مؤيدة لبريكسيت، وكانت كالتالي: "في وقت سابق من هذا العام ، استجوبت النائب العمالي إيفيت كوبر ممثلة في فيسبوك حول المجموعات المغلقة في جلسة استماع برلمانية ، وسلطت الضوء على واحدة من 30000 عضو والتي تضمنت وظيفة تدعو لإطلاق النار عليها هي وأسرتها، ليتم بعد ذلك غلق المجموعة لاحقًا".
 
وقالت إيفيت كوبر، نائبة عمالية، لـ "بي بي سي" إن "شركات التواصل الاجتماعي تتولى مسؤولية البحث عن هذا المحتوى بشكل استباقي من خلال التكنولوجيا والمشرفين المناسبين".
 
كيف يتعامل "فيسبوك" مع "بريسكت"؟
 
وأعربت النائبة عمالية عن إحباطها من شركات التكنولوجيا، تيرى أن هناك حاجة إلى تنظيم مستقل وكذلك فرض غرامات كبيرة على الشركات التي تكون بطيئة في التعامل مع المحتوى العنيف.
 
وردًا على تحقيق "بي بي سي " قال "كوبر: "الرضا عن النفس أو الادعاء بالجهل أمر شائن عندما نعرف جميعًا أن العواقب الوخيمة يمكن أن تحدث إذا سمح المحتوى البغيض والعنيف بالتكاثر".
 
والجدير بالذكر أن المتحدث باسم "فيسبوك"، أكد في بيان للشركة ، انه يوجد إمكانية إبلاغ "فيسبوك" بكل محتوى فردي في مجموعات خاصة، لافتًا إلى أن "فيسبوك" يستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي لتحديد المحتوى الضار وإزالته بشكل استباقي في هذه المجموعات.
 
وفي مجموعة فيسبوك مؤيدة لبريكسيت عثرت "بي بي سي" على تهديد بالقتل في التعليقات، بالإضافة إلى صور تظهر رسائل عنيفة في التعليقات أسفل المنشورات التي لا تحض على الكراهية.
 
وعثرت هيئة الإذاعة البريطانية على العشرات من الأمثلة على هذه التعليقات في مجموعات مغلقة، بما في ذلك أمثلة متعددة لتهديدات بالقتل تستهدف نواب معينين، وتشير الملفات الشخصية للمعلقين إلى أنهم أشخاص حقيقيون يعيشون في المملكة المتحدة.
 
مجموعات مكافحة "بريكاست"
ترى "بي بي سي" أن مجموعات مكافحة "بريكست" واحدة من بين المجموعات المغلقة المتعددة التي لا تؤيد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ويكون محتواها أكثر عنفًا.
 
وتوصل تحقيق أخباري في وقت الانتخابات الأوروبية في مايو إلى نفس النتيجة، ومع ذلك وجد أن مجموعات الدعم المتبقية تحتوي أيضًا على تعليقات عنيفة، بما في ذلك تهديدات بالقتل، كما احتوت المجموعات المؤيدة للاتحاد الأوروبي على تهديدات بالقتل.
 
ما إجراءات الخصوصية التي يتخذها "فيسبوك"
 
أعلنت شركة "فيسبوك" أنها بصدد زيادة التركيز على الاتصالات الخاصة باتباع فضائح مثل تلك التي تنطوي على Cambridge Analytica ، وكتب مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لـ "فيسبوك" في منشور له، في وقت سابق من العام الحالي، قائلًا: "مستقبل الاتصالات سيتحول بشكل متزايد إلى خدمات مشفرة خاصة، حيث يمكن للناس أن يثقوا بما يقولونه لبعضهم البعض ويبقى آمنًا وأن رسائلهم ومحتواها لن يستمروا إلى الأبد". 
 
ولفت مارك إلى أن "الخصوصية تمنح الناس حرية أن يكونوا أنفسهم والتواصل بشكل طبيعي ولذلك يتم خلق الشبكات الاجتماعية، وهذا يعني زيادة التركيز على المساحات المغلقة مثل المجموعات الخاصة "ماسنجر" بدلًا من المجموعات العامة أو موجز الأخبار العام. 
 
ومع ذلك يقول الخبراء إن هذا يعني أن المحتوى المتطرف يمكن أن ينتشر بشكل فيروسي ، إلى حد كبير دون أن يلاحظه أحد من الخارج.
 
ويقول كلوي كوليفر من معهد الحوار الاستراتيجي، وهو مركز أبحاث يحقق في التطرف والاستقطاب عبر الإنترنت: "أصبحت قنوات التواصل الاجتماعي المغلقة مرتعًا للمحتوى غير القانوني والضار خلال السنوات الأخيرة في ظل وجود القليل أو عدم وصول الباحثين في هذه المساحات، فإن مسئولية منصات وسائل التواصل الاجتماعي في مراقبة السلوك غير القانوني والتهديد وإزالته لن يتم تحديدها إلى حد كبير ، بما في ذلك في مجموعات فيسبوك المغلقة".
 
وأضاف "كوليفر" أنه تم تنظيم احتجاجات السترات الصفراء العام الماضي في فرنسا إلى حد كبير في مجموعات مغلقة على فيسبوك، مما يعني أن السلطات لم تكن تعرف عنها إلا عندما تحولت إلى العنف فجأة، بينما انتشرت المعلومات الخاطئة في الحملات الانتخابية الأخيرة في الهند والبرازيل في مجموعات على "واتساب".
 
ولفت "كوليفر" إلى أن مجموعات الأقليات الضعيفة مفتوحة للهجمات العنيفة المتزايدة على الإنترنت، على عكس مجموعات الشخصيات العامة.
 
وعلى صعيد اخرى قل المتحدث باسم فيسبوك أنه في غضون عامين تم مضاعفة نسبة خطاب الكراهية إلى ثلاثة أضعاف تقريبًا، وتم إزالتها على نحو استباقي قبل إبلاغنا بها، مؤكدًا أن فيسبوك على علم بأنه لايزال، هناك الكثير يتعين عليها فعله، وستواصل تحسين التكنولوجيا والمشاركة مع صانعي السياسات بضمان البقاء كمنصة أمنية.