"الدولة المصرية بكل مؤسساتها ملتزمة بـ حماية الحقوق المائية المصرية في مياه النيل، ومستمرة في اتخاذ ما يلزم من إجراءات على الصعيد السياسي وفي إطار محددات القانون الدولي لحماية هذه الحقوق"، ذلك ما أكد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي في تدوينة عبر صفحته الرسمية مساء أمس، بعد متابعته عن كثب لنتائج الاجتماع الثلاثي لوزراء الري في مصر والسودان وإثيوبيا لمناقشة ملف سد النهضة الإثيوبي "والذي لم ينتج عنه أي تطور إيجابي".

 
محددات القانون الدولي التي قد تلجأ إليها مصر في أزمة سد النهضة، يوضحها، لـ"الوطن"، دكتور نبيل حلمي أستاذ القانون الدولي وعميد كليه الحقوق الأسبق بجامعة الزقازيق.
 
النهر الدولي يطلق على النهر المار بأكثر من دولة.. ونهر النيل تحكمه اتفاقيات خاصة
نهر النيل من الأنهار الدولية التي تخضع للقواعد القانونية للنهر الدولي في استخدماته والحقوق والالتزامات الخاصة به، وخاصة الاتفاقية الدولية لتنظيم الأنهار الدولية، وتعريف النهر الدولي يطلق على النهر الذي يمر بين أكثر من دولة أو تطل عليه أكثر من دولة، فله طبيعة خاصة تختلف عن طبيعة النهر الوطني، ولابد أن تحترم كل الدول الواقعة على النهر حقوق الدول الأخرى وعدم الإضرار بها وإخطارها بأي تغيير.
 
علاوة على ما سبق، يشير أستاذ القانون الدولي إلى أن نهر النيل تحكمه اتفاقيات بين دول الحوض في تنظيم الاستخدامات المختلفة فيه، ومن ثَمّ أي تصرف لإثيوبيا بإرادة منفردة يعتبر مخالفة لقواعد القانون الدولي، لذلك الحلول السلمية في أي منزاعات بين الدول في المجتمع الدولي والتسويات السلمية تكون عن طريق التفاوض وهذا ما قامت به مصر، والآن تقف في طريق مسدود.
 
اللجوء الدولي حل ما بعد المفاوضات.. وبعد الاتحاد الأفريقي يجب طلب فتوى من محكمة العدول الدولية ترسل لمجلس الأمن
الطريقة الثانية لحل هذه الأزمة هي اللجوء لقواعد اللجوء الدولي، ويرى دكتور نبيل حلمي، أن مصر عليها أولًا الاتجاه إلى الاتحاد الأفريقي وخاصة مجلس السلم والأمن الأفريقي المنبثق من الاتحاد، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأفريقي منظمة إقليمية قوية، ولابد ان تلجأ مصر بشكوى إلى الاتحاد الأفريقي ويكون هناك تأكيد أن هذا النزاع ليس نزاع بين دولتين ولكنه نزاع في تطبيق القانون الدولي، يؤدي إلى تهديد السلم والأمن في أفريقيا وهنا ينظر الاتحاد الافريقي في هذا الشأن ويعطي قراره بعد الاستماع للطرفين.
 
إذا لم يتم هذا ولم تنصاع أثيوبيا فالتصرف الأثيوبي يمثل عدوانا على مصر لأنه يخالف قواعد القانون الدولي ومن ثَمّ يهدد السلم والأمن الدوليين، وعلى مصر أن تلجأ للأمم المتحدة ومجلس الأمن بصفة خاصة المنوط به المحافظة على السلم والأمن الدوليين، ويرى أن مجلس الأمن يحيل هذا الموضوع إلى محكمة العدل الدولية في الجزء الافتائي منها لكي تفحص هذا النزاع وتعطي فتوى قانونية ما الواجب تطبيقه وفقا لقواعد القانون الدولي للأنهار الدولية.
 
والوقوف أمام المحاكم الدولية يتطلب موافقة الطرفين لكن محكمة العدل الدولية وطلب الفتوى فإنها لا تتطلب موافقة الطرفين، وترسل هذه الفتوى إلى مجلس الأمن لمراجعة تهديد السلم والأمن الدوليين ويوضح الحقوق والالتزمات بالنسبة لسد النهضة ويستطيع في هذه الحالة أن يطلب من الطرف المتجاوز أن ينفذ القانون وإلا يتعرض لعقوبات لإجباره على هذا التنفيذ.
 
تمادي أثيوبيا بعد الحلول الدولية يعطي الحق لمصر في ممارسة الدفاع الشرعي
وإذا تمادت إثيوبيا، رغم شك أستاذ القانون الدولي في ذلك، فإن هذا يعد عدوانا على مصر يستحق ممارسة حق الدفاع الشرعي بكل سبله، ويقول إن المطلوب من إثيوبيا كما طلبت مصر ليس هدم السد ولكن كمية المياه يجب ألا تتجاوز مدة معينة لأنها ممكن أن تؤثر على مصر ونهر النيل وخزان أسوان، وهناك حل وسطي أن إثيوبيا والسودان ومصر تدير السد وهذا ليس تجاوزا ولا تدخلا في سياسة الدولة لأن هذا نهر دولي يمر بين الدول.