سليمان شفيق

كشف اخطاء تاريخية وسياحية وتقديم رؤية لتطوير الاثر والقرية
لايهتم كثيرين من الذين يعملون من أجل مسار العائلة المقدسة الا بالنشر الاعلامي والبيزنس او تسيس الموضوع ولا يهتمون بالبحث العلمي ، وفي واحدة من الدراسات العلمية المهمة التي حصلت بها الباحثة علي الماجستير حول دير العذراء بالمنيا ، قدمت لنا الباحثة كريستينا عادل فتحي رسالتها للماجستير في الدراسات السياحية بجامعة المنيا في  كتاب عن دراستها :"حماية التراث والتنمية المستدامة بقرية جبل الطير" ، دراسة سوف تقلب موازيين الرؤية للمسار اتمني ان يطلع عليها المهتمين في الدولة

تتكون الدراسة من خمسة فصول هامة قامت الباحثة بالعمل البحثي والميداني في سبعة سنوات ، يتناول ﺍﻟﻔﺼل الأول خلفية نظرية عن ماهية التراث وعناصره وأنواعه، كما يسلط ﺍﻟﻀﻭﺀ ﻋﻠﻰ أنواع التراث العمراني والثقافي الطبيعي والمعماري والأثري وعلاقته بالتراث الحضاري، واتجاهات إظهار التراث الحضاري في المدن الأثرية، وكذلك المبادئ الاسترشادية للتنمية المستدامة لمواقع التراث الحضاري،  كما يتطرق الفصل إلى دراسة كيفية إدارة المواقع التراثية من خلال المبادئ الاستراتيجية للتنمية المستدامة، ويتناول الفصل الثاني حهود حماية التراث ، كما ﺘﻡ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍلفصل إﺴﺘﻌﺭﺍﺽ ﻟﺤﺎﻻﺕ ﺩﺭﺍﺴﻴﺔ محلية ﻭعالمية ﻭﺍﻻﺴﺘﻔﺎﺩﺓ ﻤﻨﻬﺎ ﻓﻲ وضع ﺘﺼﻭﺭ مقترح ﻟﺘنمية قرية دير جبل الطير التي تمثل المحيط الأثري لكنيسة السيدة العذراء بقرية دير جبل الطير، حيث تم اختيار تجارب عالمية للحفاظ على التراث يمكن الاستفادة منها في الدراسة الحالية وهما التجربة الأولى: تجربة الحفاظ والارتقاء بمدينة أورفيتو بإيطاليا (قارة اوربا) ، التجربة الثالثة: تجربة السودان في حماية التراث الشعبي والمعارف التقليدية(قارة افريقيا)، ثانياً: التجارب المحلية للحفاظ على التراث، التجربة الأولى: تجربة حماية التراث بالقاهرة الفاطمية-جمهورية مصر العربية، التجربة الثانية: تجربة التنمية الشاملة لمحافظة الأقصر.

ويتناول الفصل الثالث رحلة العائلة المقدسة إلى محافظة المنيا ودراسة المجهودات المصرية لإحياء مسار العائلة المقدسة،


وفي الفصل الرابع ، تتناول الباحثة التطور التاريخي والوضع الراهن و الجهود المصرية لإحياء كنيسة السيدة العذراء الأثرية والمحيط الأثري لها، وكيف هي،  من الكنائس الأثرية الهامة، فهى ذات طابع فريد حيث إنها محفورة في الصخر وتمتاز بالبساطة والروحانية لما بها من قدم وتُزَينها المغارة التي تعود أهميتها للقرن الأول الميلادي، حينما إختبأت فيها العائلة المقدسة لمدة ثلاثة أيام

 اما الفصل الخامس فيضم وضع قرية دير جبل الطير على قائمة التراث المادي واللامادي لليونسكو، وينتهي البحث الي  نتائج و توصيات مهمة وهي :

تم التوصُّل لنتائج الدراسة بعد بحث إستمر منذ عام 2012 حتى الآن؛ من دراسة المنطقة والتكوين المجتمعي بها وتمثلت النتائج في تحديد نقاط فارقة وهامة في وضع مُقترَح أو رؤية لتنمية مستدامة مناسبة للمنطقة؛ أما فيما يخص نتائج الدراسة فقد جاءت على النحو التالي:

1.    ـ وجود صدع طولي في الصخرة القائمة عليها قرية دير جبل الطير وهو يحتاج إلى الترميم في أسرع وقت لأنه قد يُعرّض الصخرة للإنهيار.

2.    ـ إنه هناك خلط واضح بين قرية دير جبل الطير(موضوع الدراسة الحالية) وقرية جبل الطير التي تَبعُد عنها بحوالي 7 متر تقريباً، ويتضّح هذا اللَبس في الكتب والتقارير الخاصة بديوان عام محافظة المنيا ووزارة الثقافة فيطلقون قرية دير جبل الطير على إنها تسمي قرية جبل الطير، دون أي إشارة في أي كتاب من الكتب ، على إنهم قريتين مختلفتين تماماً.

3.    ـ وفاة الملكة هيلانة في عام 327م بالتحديد في يوم 9 بشنس؛ مما يؤكد عدم بناء الكنيسة في عهدها؛ وذلك على عكس معظم المراجع التي أكدَّت بناء الكنيسة في عهد الملكة هيلانة، وكذلك على عكس ما كُتِبَ على لوحة من المزايكو بأعلي الباب الغربي للكنيسة بأن قامت الملكة هيلانة ببناء الكنيسة عام 328م، وأيضاً ما يثبت ذلك وجود مخطوطات أثرية تثبت خطأ إنتساب بناء الكنيسة للملكة هيلانة في 328م بناءاً على عظة البابا تيموثاوس الثاني تسمى ميمر كنيسة الصخرة، وبالتالي تستنج الدراسة وجود خطأ في اللافته الموجودة على الباب الغربي وفي اللوحة الإرشادية بالكنيسة الأثرية وفي المعلومات المتداولة على صفحات المواقع الإلكترونية بأن الملكة هيلانة قامت ببنائها.

4.    أن بعض السكان المحليين هم الذين يتسببون في تخريب وتدمير بيئتهم؛ ومن ثمَّ ستكون من أولويات توصيات الدراسة – وكذلك من أولويات الرؤية المقترحة- التعامُل بشكل أساسي مع المجتمع المحلي ووضعه في أساسيات تنمية المنطقة؛

5.    عدم وجود خطة إستثمارية واضحة المعالم عن برامج المشروعات السياحية المطلوب تنفيذها في قرية دير جبل الطير عن طريق القطاع الخاص سواء فيما يتعلق بالنشاط السياحي أو النشاط الفندقي، وإن وُجِدت بعض الجهود والإجتماعات والأفكار لكنها لازالت غير منظمة ومُمنهجَّة لصالح المجتمع المحلي بالدير.
 
- فقد وجدتُ بالدراسة أن آخر تجديد تم بالكنيسة الأثرية بعد إدخال الكهرباء للقرية بعام ؛ أى 1987م تقريباً؛ حيث تم طلاء الكنيسة بالجير الأبيض لأنها كانت مغطاه بالسواد بسبب لمبات الجاز التي كانت مستخدمه من قبل؛ مما تسبب في طمس معالم الفريسكات والنقوش التي كانت بجدرانها؛ وإنما كل ما تبقى ويمكن للزائر رؤيته هو إحدى الفريسكات بالجدار والمفقود معظمها وبعض الكلمات القبطية أعلى الأعمدة الصخرية بالكنيسة، التجديد التالي للكنيسة كان عام 1938 أدَّى إلى العديد من الآثار السلبية بالكنيسة؛ تتبخص في الآتي:

•    إدخال البناء على صحن الكنيسة الصخري؛ ببناء عمودين أمام الهيكل وتعلية خورس الشمامسة بأربع درجات.

•    بناء الدور الثاني للكنيسة.

•    بناء قبة ومنارة للكنيسة والذي يُعَّد بمثابة دور ثالث.

•    تم طلاء الحوائط بالجير الأبيض وبالتالي أزال جميع الفريسكات و النقوش المكتوبة على الجدران إلا جزء موجود على الجدار الجنوبي، وفيه إحدى الفريسكات المتبقية.

•    تم وضع لافتة من المزايكو كشاهد على تجديد الكنيسة في عهد صاحب النيافة الأنبا ساويرس؛ وقد ثَبت بدراسة المخطوطات عدم صحة بعض البيانات بها.

•    تم غلق الباب الشمالي وبالتالي غلق الجزء الخلفي له.

- وُجِدَ أنه هناك إستراتيجية للتنمية قامت بإعدادها إدارة السياحة بديوان عام محافظة المنيا إلا إنه يوجد عدة أسباب أدَّت إلى تأجيل تنفيذ خطة التنمية السياحية فترة أو تأجيلها؛ ثم تغييرها إلى حد كبير ؛ مما ترتب عليه:

•    عدم تنفيذ قرار الترميم للكنيسة والقبة والمنارة رغم صدور قرار رسمي من المجلس الأعلى للاثارفي مايو 2009.

•    عدم إرسال لجنة معاينة لمعاينة الصخرة القائمة عليها القرية وترميمها.

•    عدم الإهتمام بعمل شبكات صرف صحي للمنطقة منذ صدور القرار في 2004 حتى 2018 على الرغم من إنها منطقة تحوى أثر هام.

•    عدم الإهتمام بالتسويق الجيد للكنيسة في المواقع الرسمية خاصةً قبل عام 2017م.

•    حدة موسمية المنطقة للتبرك بالكنيسة في مواسم الأعياد فقط أما باقي العام تمتاز بالركود نسبياً.

•    تدهور المظهر العام للمنطقة.

•    تدهور مستوى التعليم بالقرية نتيجة عدم تسليط الضوء عليها وغياب المراقبة وعدم الإهتمام بالإستدامة التي أهم ما بها تعليم ورفاهية الانسان.

- من نتائج الدراسة أيضاً أنه لن يتم الحسم في قضايا عِدة تخص تاريخ الدير وأهله ولم يتقدم حتى الآن تقديم دراسات تُثبِت النقاط الآتيه:
1.    لم يتم تحديد مكان الصخرة المطبوع عليها الكف.

2.    لا يوجد دراسة تُجزم مجئ الملكة هيلانة إلى أرض مصر، ولكن قد يكون تم في عهدها إفتتاح كنائس على أرض مصر في عهدها، وهي مسألة تحتاج الكثير من البحث والدراسة.

3.    لم يتم حتى الآن إثبات صحة إذا كانت كنيسة السيدة العذراء الاثرية بقرية دير جبل الطير مقامة على مدافن فرعونية أو رومانية من عدمه. وأن الأشكال التي كانت موجودة على حامل الأيقونات – ثم تم جمعها من الناس ووضعها على الباب الغربي حالياً- هى رموز قبطية قديمة تستخدم في كل الكنائس منذ نشأتها وحتى الآن، وهى لا يصح إستغلال وجودها للتدليل على أن الكنيسة كانت مقامة على مقابر رومانية أو فرعونية.وهذا دليل غير قاطع على ذلك.

ثانياً: الرؤية المقترحة:
    إعتمد فكر المُقترَح على جدلية أنه لا يكفى إيجاد حلول لإشكاليات العمران بالمنطقة كترميم الكنيسة و كإشكالية التدهور العمراني لبعض المناطق بالدير وكإشكالية المقابر أو الإشغالات بطريقة عشوائية؛ وإنما لابد من البحث في حلول لإشكالية الانسان الذي هو محور الإستدامة، فإذا كان هناك من مبررات حالية لبقاء سكان الدير لإرتباط الجيل الحالي به فإن الجيل القادم لن يكون له نفس التوجُهَّات للإستمرار في مكان لا يُلبى رغباته أو يوفر له إحتياجاته الأساسية.

وفى الجهة الأخرى يتوفر بالمكان الإمكانات والقيم الذي تجعل من الاستغلال الخاطئ أو التقصير في أياً من موارده؛ إهداراً للثروة والتراث والثقافة. وعليه فقد حرِصَت هذه الرؤية على محاولة إيجاد صيغة عملية للموازنة بين الطرفين بحيث يتم الحفاظ على المكان بكل قيمه ومعانيه وفى نفس الوقت الإهتمام بالانسان الديري كمحور في التنمية.

يهدف النموذج المقترح للإسهام في تحقيق ما يلي:
1.    إيجاد خطة مناسبة للإرتقاء بمنطقة دير جبل الطير حضارياً بما يتناسب مع موقعها ومقوماتها التراثية وإمكانياتها كموقع أثري وكإحدى محطات مسار العائلة المقدسة، ووضعها على الخريطة السياحية.

2.    المساهمة في رفع القيم الجمالية والمعمارية للمباني المحيطة بكنيسة السيدة العذراء بقرية دير جبل الطير.

3.    المساهمة في إستغلال مصادر التراث الطبيعي والعمراني وحمايتها وتأهيلها سياحياً.

4.    الإسهام في تحقيق منافع إقتصادية وإجتماعية وبيئية إيجابية وملموسة للمجتمع المحلي من النشاط السياحي ورفع الوعى المجتمعي.

5.    المساهمة في تحسين البنية التحتية وتطويرها، وتوفير البيئة التي تمكن المستثمرين من الشراكة بفعالية.

وهذه الأهداف ما هى إلا تصورات طَموحة مستهدَف تحقيقها؛ والتي تتصدى لها عملية التخطيط لحسن إدارة الموارد التراثية بمنطقة دير جبل الطير(قامت الباحثة بوضع هذه الخطة عام 2016 وإجتازت بها درجة الماجستير وبالفعل تمت أجزاء منها خلال عام 2018/2019 من خلال وزارة السياحة ووزارة الآثار والتنمية المحلية بالتعاون مع المجتمع المحلي، وما تم منها سأشير إلى آلية إتمامه من قِبَل أجهزة الدولة؛ وقد تم تخصيص جزء لمجهودات الدولة في تنمية دير جبل الطير في الفصل السابق).