ترسم أفلام الكرتون العديد من التخيلات والأوهام في أذهان الاطفال، ولذلك لا بد من المتابعة لما يشاهدونه من مواد كرتونية، وذلك حفاظا على سلامة هؤلاء الأطفال، لأن الواقع الذي يعيشونه ليس فيه أشخاص يستطيعون الطيران، وكذلك لا تستطيع التفاحة أن تتكلم، على الرغم أنه في أفلام الكرتون نشاهد كل ذلك، هذه المشاهد كونت فضاءً واسعًا للانتقال بخيال الطفل، كما أصبحت مجالًا واسعًا جدًا لتجسيد القضايا النظرية للطفل، لأن تفكير الطفل مادي؛ فتجده نتيجة لضعف التفكير التجريدي عنده، يجسد كل شيء تحدثه فيه، فكان الكرتون هو البريد الذي يستطيع أن يقرب للطفل هذه الأشياء البعيدة، فالمعاني المجردة التي لا يمكن أن يتصورها الطفل يمكن أن نصورها له عبر أفلام الكرتون.

الفضاء الإلكتروني
وفي الآونة الأخيرة أصبح الفضاء مفتوحًا للبشر، وانتشرت وسائل الإعلام، وصار الأطفال أهم زبائنها، ومن يعايش العمل التربوي أو الدعوي يدرك خطورة الأمر، فقد تعددت أوجه الخطر بين تربوي وعقائدي واجتماعي، وأسوأ ما في ذلك كله، العدوان على الهوية، فإذا ما أصيب النشء في هويته أصبحت الأمة مستعدة للتبعية، وصار مستقبلها ملك أعدائها.

التأثيرات الحقيقية على الطفل
ولا يخفى أن أفلام الكرتون هي أكثر الأعمال الفنية شعبية بين الأطفال وفي نفس الوقت الأكثر جدلًا لما حولها من نقد واعتراض بين العديد من المربين، لا سيما مع ازدياد الفضائيات الخاصة بالأطفال، على نحو يصعب على المربين أن يتابعوه، لسرعة انتشاره، ناهيك عن تغلغل شخصيات أفلام الكرتون في معظم مرافق حياة الأطفال بسبب تحول أكثرها إلى ماركة تجارية، بدءًا من أطعمته، فأحذيته، فألعابه.

وهكذا دخلت شخصيات أفلام الكرتون حياة الطفل من كل باب واسع، والمشكلة في هذا كله أنها لا تدخل بمجرد وصفها رسومًا ملونة، بل بما تحتويه من قيم ومفاهيم وأدوار درامية اختزنتها عقلية الطفل، ولايخفى ما في هذه الأعمال الفنية من عناصر التغريب لأنها صممت لغير بيئتنا ولغير أبنائنا.

مما يحتم على المربين والمهتمين بشئون الطفل ألا يتركوا الأمر على غاربه، إذ ينبغي أن تدرس برامج الأطفال لينظر في طبيعة ما لدينا من إنتاج الآخرين، لا سيما أن كثيرًا من النتائج السلبية لهذه الأعمال ظهرت للعيان واشتكى منها الأهالي بصوت مرتفع.
إن مستقبل الطفل مرهون بما تزرعه في الصغر، ولن تحصد النجاح العظيم إذا ضيعت الغرس.