قرار الحكومة البريطانية الذى اتخذه "بوريس جونسون" بتعليق البرلمان خلال الأيام القليلة الماضية يعنى أن عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى بصفقة أصبح أقل ترجيحًا بينما أصبحت المغادرة دون صفقة هي الأكثر احتمالًا، وعلى الرغم من ذلك ما زلنا نعتقد أن تصويت حجب الثقة والذى يؤدى إلى تمديد المادة 50 أو اجراء انتخابات مبكرة لا يزال هو السيناريو الأكثر احتمالًا.

أعلن رئيس الوزراء البريطاني "بوريس جونسون" أن البرلمان سوف يتم تعليقه بداية من 9 أيلول/ سبتمبر حتى 14 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.

السؤال الكبير بالنسبة للأسواق هو: هل يجعل قرار تعليق البرلمان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى "لا صفقة" أكثر احتمالًا؟

نعتقد أن الإجابة بنعم قليلًا، وعلى الرغم من أننا نشك في أن الدافع الأساسى هي توجيه جهود البرلمان المناهض للانفصال دون صفقة نحو التصويت بحجب الثقة واجراء انتخابات، بدلًا من المسار التشريعى الذى ظهر في الأيام الأخيرة.

ولا يمكننا أن نجزم الاحتمالات الأكثر ترجيحًا للبريكسيت، فخلال الأسابيع القليلة المقبلة هي التي ستحدد مستقبله، أما بالنسبة للجنيه الإسترلينى هذا يعنى أن هناك مزيد من الضعف في سوق تداول العملات في المستقبل.

الطريق التشريعى لمنع أي صفقة أصعب بكثير وإن لم يكن مستحيل
من الناحية النظرية، يعد تعليق عمل البرلمان أمر طبيعى إلى حد ما، ففي أبسط الأوقات كانت الحكومة تعلق تشغيل البرلمان لمدة أسبوع تقريبًا قبل خطاب الملكة السنوي، لكن الأمر الأكثر غرابة والمثير للجدل هذه المرة هو طول الفترة التي تستغرقها العملية حوالى خمسة أسابيع، وهو ما يعنى أنه عندما يعود النواب من العطلة يوم الثلاثاء لن يجلسوا إلا لمدة أسبوع تقريبًا قبيل غلق البرلمان حتى منتصف أكتوبر.

السبب الرئيسى في تعليق البرلمان لهذه المدة هو أن ذلك سيجعل المسار التشريعى لمنع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون صفقة أصعب بكثير، وعلى ما يبدو أن الوقت اللازم في جدول أعمال البرلمان البريطاني سيكون أمر صعب وسيعتمد بشدة على تقدير رئيس المجلس، ولو أمكن تأمين الوقت فسيتعين على المشرعين التحرك بسرعة لإصدار التشريعات اللازمة لإجبار رئيس الوزراء على طلب تمديد آخر للمادة 50 وتجنب أهدافه المغرضة وهو الانفصال الفوضوى.

التصويت بحجب الثقة هو الطريقة الوحيدة لمنع عدم الاتفاق
إذا فشلت المحاولات التشريعية، فقد لا يُترك لنواب المعارضة سوى خيار ضئيل، وهو دعم اقتراح حجب الثقة إذا كانوا يريدون إيقاف خروج بريطانيا من الاتحاد دون اتفاق.

وهذا يمثل معضلة للعديد من المشرعين خاصة أولئك الذين هم داخل حزب المحافظين الذى أشاروا في وقت سابق إلى أنهم سيكونوا على استعداد لدعم اقتراح بحجب الثقة إذا كان ذلك هو السبيل الوحيد لإيقاف "لا صفقة".

وتخشى الأسواق المالية من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى دون صفقة، حيث يُتوقع أسوأ سيناريو لبنك إنجلترا الذى سيشهد انهيار الجنيه الإسترلينى ليتساوى مع الدولار الأمريكي لأول مرة في تاريخه، كما يحذر الاقتصاديون من أن المغادرة دون صفقة تمثل ضربة قوية لمعدلات النمو الاقتصادى لبريطانيا في الوقت الذى يتعرض فيه الاقتصاد بالفعل إلى ضغوط مثل تباطؤ الاقتصاد العالمى.

وقال المحللون أن تداعيات القرار قد تؤدى أيضًا إلى دفع النواب نحو الشروع في انتخابات مبكرة مما يزيد من احتمال حدوث اضطرابات سياسية متزايدة للشركات البريطانية.

يقول الاستراتيجيون إن الجنيه الإسترلينى قد يستعيد قوته إذا نجحت الجهود الرامية إلى محاربة استراتيجية جونسون في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، وعلق مسؤولي في الاتحاد الأوروبى قائلين إن هذه الخطوة قد تقلل من فرص الانقسام دون صفقة بين المشرعين في البرلمان.